بول كروجمان
تشير استطلاعات الرأي إلى أن الأميركيين يعتبرون الرعاية الصحية الموضوع الأهم في الانتخابات النصفية المقبلة، وهو ما يفرض السؤال التالي: هل يدرك الناخبون الخطر الحقيقي في هذا الاستحقاق؟ هل يدركون أنه إذا حافظ الجمهوريون على سيطرتهم على الكونجرس، فإنهم سيزيلون كل الحماية التي يتمتع بها 52 مليون أميركي لديهم أمراض سابقة كان يمكن أن تدفع المؤمِّنين، قبل تمرير «قانون الرعاية الرخيصة»، إلى حرمانهم من التغطية؟ بل إن إدارة ترامب تحاول إزالة تلك الحماية عبر المحاكم، وربما لن تنجح في ذلك، وإن نجحت فسيفقد 17 مليون أميركي تغطيتهم الصحية. ثم إنه حتى في حال فشلت الدعاوى القضائية، فإن دعم إدارة ترامب لطعن قانوني ضعيف (طعن لا يمكن الدفاع عنه) يمثل مؤشراً واضحاً على أولويات الجمهوريين؛ فلسان حال الحزب الجمهوري يقول للأميركيين: اذهبوا إلى الجحيم!
وبالمناسبة فإن بعض الناس يبدون متفاجئين من خطوات الإدارة هنا، بالنظر إلى أن الرئيس ترامب كان قد وعد عدة مرات بحماية الأشخاص الذين لديهم أمراض مزمنة؛ لكن علينا أن نتذكر أن الحملة المناوئة لـ«قانون الرعاية الرخيصة» بنيت على الأكاذيب من البداية.
هذه الأكاذيب كانت واضحة لأسباب منطقية خالصة، حتى قبل أن يبدأ الجمهوريون في اقتراح بدائل مفترضة لقانون «أوباماكير». فإذا كنت ستضمن تغطية صحية بغض النظر عن التاريخ الطبي، فعليك أن تحث الناس على الانخراط في التأمين وهم ما يزالون أصحاء، وذلك حتى تكون لدى المؤمِّنين «مجموعة مخاطر» يمكن التحكم فيها. وهذا يعني الجمع بين الدعم لجعل التأمين رخيصاً والجزاءات جرّاء عدم الانخراط في تأمين، بمعنى أن الأمر يتطلب نظاماً شبيهاً جداً بقانون «الرعاية الصحية الرخيصة».
ولهذا، فإن المطالب بإلغاء «قانون الرعاية الرخيصة»، كانت دائماً تعني سحب التغطية من الأشخاص الذين هم بأمس الحاجة إليها؛ وكان أمل مناوئي «أوباماكير» هو ألا ينتبه الناس إلى هذه الحقيقة. والواقع أنهم كادوا ينجحون في مسعاهم حتى العام الماضي، عندما اضطر الجمهوريون لتقديم تشريع معين في الرعاية الصحية.
في تلك اللحظة انكشفت اللعبة، وأصبح واضحاً أن كل البدائل الجمهورية لـ«أوباماكير» ستخذل الأميركيين الذين لديهم أمراض سابقة، وتتخلى عنهم نهائياً.
الأمر المحير هنا هو القسوة. صحيح أن هناك من يفتقر كلياً للتعاطف وللقدرة على الشعور بمعاناة الآخرين، لكن ألا يشعر الجمهوريون الآخرون بشعور سيء بشأن إمكانية سحب الرعاية الصحية من ملايين الأميركيين الذين لم يقترفوا أي ذنب عدا كونهم مصابين بأمراض سابقة؟
الواقع أنهم لا يشعرون بذلك. ولنأخذ مثلاً «ريك سكوت»، حاكم ولاية فلوريدا (والمرشح الحالي لمجلس الشيوخ)، الذي انضم رئيس دائرة العدل في ولايته إلى الدعوى القضائية من أجل إزالة الحماية بخصوص الأمراض السابقة. سكوت، الذي رفض أن يكشف ما إن كان يدعم الدعوى القضائية أم لا، قال: «ينبغي أن نكافئ الأشخاص لأنهم يعتنون بأنفسهم». صحيح، لأنك إذا أُصبت بالسرطان، أو التهاب المفاصل، أو التصلب اللويحي –وجميعها من «الأمراض السابقة» التي يُحرم من التغطية الصحية بسببها– فلا بد أن الخطأ خطؤك!
وبالمناسبة، فهذه ملحوظة لناخبي ولاية فلوريدا المسنين: قد تعتقدون أن لا شيء من هذا يهمكم، لأنكم تتمتعون تغطية صحية من برنامج «ميديكير». إذا كان الأمر كذلك، فيجدر بكم أن تعيدوا التفكير: ذلك أنه إذا فاز الجمهوريون في انتخابات نوفمبر المقبل، فإن هدفهم التالي سيكون «ميديكير»، وذلك من أجل تعويض كلفة خفض الضرائب التي مرروها. من يقول هذا؟ إنهم يقولونه.
ولهذا، ينبغي على الناخبين، كما أسلفتُ، أن يدركوا الخطر الحقيقي في هذه الانتخابات النصفية، لأنها هي التي ستحدد ما إن كان الأشخاص الذين لديهم مشاكل طبية سيحصلون على الرعاية الصحية التي يحتاجونها أم لا.
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
التعليقات