محمد الحمادي

خيّم الحزن على الإمارات يوم أمس، وكيف لا يخيّم وقد سمع الإماراتيون نبأ وفاة الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان رحمه الله؟.. الابن الثاني للشيخ زايد رحمه الله وأخو صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة والأخ الأكبر للشيخ محمد بن زايد، حفظهما الله.

الشيخ سلطان بن زايد من رجالات الإمارات ومن رجالات مرحلة تأسيس الدولة وقيام دولة الاتحاد، فسموه، رحمه الله، شارك منذ البدايات إلى جانب المغفور له الشيخ زايد والشيخ خليفة بن زايد في قيام دولة الاتحاد وفي بناء إمارة أبوظبي الحديثة، وكانت له بصماته في القوات المسلحة والحكومة المحلية لإمارة أبوظبي والحكومة الاتحادية للإمارات، في فترة السبعينات والثمانينات والتسعينات وكذلك في العقدين الأخيرين.

وكان سموه شخصية محبوبة، وكان حتى آخر أيامه وقبل مرضه يجتمع حوله رجال القبائل وأبناء الإمارات.. وكان محباً للتراث والتاريخ والعلم والمعرفة ومطلعاً بشكل كبير على تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين.

وبرز اهتمام سموه في العقدين الأخيرين بالتراث وصون الموروث الشعبي، وظهر ذلك من خلال مهرجان الشيخ سلطان بن زايد التراثي السنوي الذي يقام في منطقة سويحان، وقبل ذلك من خلال إنشاء نادي تراث الإمارات الذي يعتبر واحداً من أهم المؤسسات الوطنية التي تهتم بحفظ ونقل التراث للناشئة والشباب، وقد نجح هذا المركز في أن يصون التراث والألعاب الشعبية والعادات والتقاليد الإماراتية وينقلها من جيل الأجداد والآباء إلى جيل الأبناء والأحفاد، وهذا الدور الحيوي والمهم قام به سموه بكل إيمان وحب وحماس، وأصبحنا نلمس نتائج هذا العمل اليوم واضحة جلية في المجتمع وعلى أبنائنا، ويستحق، رحمه الله، على ما حققه من إنجازات وسام شكر كبيراً ورفيع المستوى على ما قدمه لهذا الوطن، فبعد تركه لمسؤولياته الحكومية والرسمية لم يقبل بالراحة، بل أصر على العمل والعطاء - شأنه في ذلك شأن جميع أبناء زايد - فالعطاء لهذا الوطن لا يوقفه شيء ما دام حب هذه الأرض ينبض في القلوب.. ومسؤوليتنا بعد رحيله أن نحافظ على ما حققه من إنجازات ونجاحات في مجال التراث الإماراتي.

كل كلمات الرثاء لا توفي الشيخ سلطان بن زايد حقه ولكن في نعي الشيخ محمد بن زايد اختزال لكل ما يمكن أن يقال عندما قال «فقدت أخي وعضيدي» فالشيخ سلطان عضيد الوطن طوال العقود الخمسة الماضية وعضيد كل مواطن في كل مدينة وقرية في الإمارات.. لو كتبنا عن الشيخ سلطان، رحمه الله، لما كفته هذه السطور ولا كل هذه الصفحات، ولكن أفعال سموه تتكلم وتشهد بكل ما قدمه وبكل عمل سيستمر بعد رحيله.. رحم الله الشيخ سلطان وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله الصبر والسلوان.