إضاءة:
في محاولة جديدة لتطوير “بلكونة الجمعة” والتي هي عبارة عن استراحة أسبوعية مع مقتطفات من كتاب، نحاول بدءًا من هذا الأسبوع بإذن الله، استضافة عاشق للقراءة، يرينا من زاويته نتيجة تجوّله في بستان لم نمرّ به، أو بستان مررنا به وغفلنا عن كثير من بَهِيِّه ويانِعِه. نبدأ هذه الفكرة، مع الكاتب المبدع “ضيف فهد”، الذي انتقى لنا من مكتبته كتاب “جماليات المكان” لباشلار، مع مقدمة قصيرة، وانتقاء عناوين فرعيّة للمقتطفات..
***
- سوف تطل نافذة اليوم على كتاب يعتبر من أهم نتاج الفذ جدا “غاستون باشلار”، مؤلف: الماء والأحلام، وشاعرية الصورة، وشاعرية أحلام اليقظة، ولهب شمعة، وغيرها الكثير من الكتب التي وسمت مشروعه كحفر جديد في مناطق لم ينتبه لها أحد. قيل في تقييم كتابنا اليوم: جماليات المكان، الصادر عن المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ببيروت، ترجمة غالب هلسا،: بأنه أحدث ثورة كوبرنيكية في علم الجمال.
هذا الكتاب يتناول المكانية: بوصفها اتصالاً عضويًّا بجوهر العمل الفني، من جهة أنها مسؤولة مسؤولية مباشرة عن تكوين خيالاتنا.
- نعود لنتذكر ما حلمنا به في العزلة:
إن كل أماكن لحظات عزلتنا الماضية، والأماكن التي عانينا فيها من الوحدة، والتي استمتعنا بها ورغبنا فيها وتآلفنا مع الوحدة فيها تظل راسخة في داخلنا، لأننا نرغب في أن تبقى كذلك، الإنسان يعلم غريزيًّا أن المكان المرتبط بوحدته مكان خلاق، يحدث هذا حين تختفي الأماكن من الحاضر، ونحن نعلم أن المستقبل لن يعيدها إلينا، وحين نعلم أنه لم يعد هناك عليّة، ولا حجرة سطح، تظل هناك حقيقة أننا عشنا مرة في حجرة السطح، وأننا مرة أحببنا العليّة!.
- البيت مكان أحلام اليقظة:
الفائدة الرئيسية للبيت: يحمي أحلام اليقظة، والحالم. ويتيح للإنسان أن يحلم بهدوء!.
- الصدى يضع لمسته الأبدية في المكان:
إن البيت العتيق، بالنسبة لأولئك الذين يحسنون الإصغاء، هو كيان هندسي مصنوع من الأصداء، إن أصوات الماضي تبدو مختلفة في الحجرة الكبيرة، عنها في حجرة النوم الصغيرة، كما أن صوت النداء من فوق السّلّم مختلفة عن كليهما!.
- الأهمية الشعرية للرُكن:
الركن ابتداء، يحقق لنا أمرًا نقدّره عاليًا: السكون. إن الركن هو المكان المؤكد، المكان المجاور لسكونيّتي!.
- الركن مكان يخفي العالم:
الحياة في الأركان، وانسحاب الكون كله مع الحالم إلى داخل الركن هو موضوع يستطيع الشعراء أن يقولوا الكثير عنه. إنهم لن يترددوا في أن يمنحوا حلم اليقظة هذا كل واقعيته!.
- إما أن تسكن الركن، أو تتركه للأشباح:
إن الكائن الحي يملأ المكان الفارغ، فتقطنه الصور، والأركان، إن لم تكن مقطونة، فهي على الأقل مسكونة بالأشباح!.
- البيت أم:
حين نحلم بالبيت الذي ولدنا فيه، وبينما نحن في أعماق الاسترخاء القصوى، ننخرط في ذلك الدفء الأصلي، لتلك المادة لفردوسنا المادي، هذا هو المناخ الذي يعيش الإنسان المحمي في داخله. للبيت ملامح أمومية!.
- الانتباه كل شيء في الشعر:
إننا نستعمل العدسة المكبرة حتى نركز انتباهنا، ولكن، أليس تركيز الانتباه هو نوع من العدسة المكبرة؟ الانتباه ذاته هو عدسة مكبرة!.
- درس في التأمّل:
في عالمنا هذا لا نملك الوقت لحب الأشياء ومعايشتها عن قرب في وفرة صغرها. مرة واحدة فقط في حياتي شاهدت نبتة الأشنة تظهر للوجود وتنتشر على الجدار؛ أي شباب وحيوية يشرفان السطح!، إننا بالطبع سوف نفقد معنى القيم الحقيقية إذا فسرنا المتناهي في الصغر من مطلق النسبية البسيطة للكبير والصغير. إن قطعة صغيرة من الطحلب قد تصبح شجرة صنوبر، ولكن العكس غير ممكن!. إن الخيال لا يعمل في الاتجاهين بنفس الاقتناع!.
- الشاعر يصنع غابته الخاصة:
غابة الشاعر مقدسة مباشرة، مقدسة بتقاليد طبيعتها الخاصة، بعيدًا عن كل تاريخ البشر!.
- السعة، من كلمات الشعر:
السعة كلمة ملفوظة، وليست مقروءة فقط، أو مرئية في الأشياء التي تتصل بها. إنها واحدة من تلك الكلمات التي يهمسها الكاتب لنفسه وهو يكتبها. وسواء في النثر أو الشعر، لهذه الكلمة تأثير شعري!.
- ما هو موقفك من السهول؟!
هنالك دائمًا فروق بين الحالمين الذين تبعث السهول الهدوء في نفوسهم، والحالمين الذين تثير فيهم القلق!.
- دعم المبالغة:
كيف لنا أن نتلقى صورة مبالغًا فيها، إن لم نزد قليلاً في تضخيمها من خلال تشخيص هذه المبالغة؟!.
- الشعر استسلام لتطرف الصورة:
على فيلسوف الخيال أن يتابع الشاعر إلى الحدود القصوى لصوره، دون أن يحاول قط أن يختزل تطرفها، لأن هذا التطرف هو الظاهرة المحددة للدافع الشعري!.
- مشاركة:
نحن نشارك في صورة الكاتب، والفضل في ذلك يعود إلى ما سوف نضطر إلى تسميته صورة عامة!.
- الدائرة:
بالنسبة للحالم بالكلمات، أي طمأنينة توجد في كلمة مستدير!.