تُشير ملاحظاتٌ ودراساتٌ علمية إلى نتائج إيجابية صحية ونفسية وسلوكية، تتحقّق بسماع الأنغام والألحان الموسيقية، مما شجّع على التوصية باستخدام الموسيقى (عزفاً واستماعاً) كعلاجٍ مساعدٍ على التأهيل والنقاهة نتيجة بعض الأمراض الحادة والمزمنة، فالاستماع للموسيقى المُحبّبة للنفس، له أثرٌ واضحٌ في دعم التحكّم في التوتر والشعور بالسّعادة، حيث ترتبطُ الألحان بالانفعالات الإيجابية وإفراز هرمونات المُتعة والانتشاء ومضادّات الألم والكآبة، كهرمونيْ «دوبامين» و «إندورفين».
وسواء وافقت رأيك وقناعاتك أم لم توافق، فالعلمُ أثبت الأثر الإيجابي للموسيقى في المساعدة على علاج بعض الأمراض العضوية والنفسية والاضطرابات السلوكية، وأحياناً، كلّ ما تحتاجه هو التداوي بقليل من الأغاني الطربية، فهي تجلي الروح وتحسّن المزاج وتجبر الخواطر، ويمكن أن تفهمك أفضل من بعض البشر، بل وتساعدك على تحمّل أذى الناس، ومن الحكمة أن تُحِيط نفسك بأنواع كثيرةٍ من الموسيقى الطربية، وبأقلّ عدد ممكن من البشر!.
إلا أنه، علمياً، يوجد نحو (3 إلى 5 %) من الناس، لا يمكنهم فعلاً التلذّذ بالموسيقى أو استساغة الطرب والألحان، نتيجة خللٍ في بعض وصلات الدماغ، فلا تُثير لديهم الأنغام أي استجابةٍ حسَنة أو ردّة فعل فِسيولوجية طبيعية، وهي حالة طبية معروفة عصبياً باسم (انعدام التلذّذ بالموسيقى)، ولعلك قابلتَ أو ستقابل أحد المصابين بها، فاعذره ولا داعي لمناقشته في جمال الموسيقى وطلاوة الألحان، وإن أساء لك، فادعُ له واعتزله.
يقول الروائي (واسيني الأعرج): «هل يوجد غير الموسيقى من يُعطينا شهوة الحلم والذهاب بعيداً في حنيننا؟ نتحمّل قسوة الحياة وصرامتها، لأن الموسيقى من حين لآخر تفاجئنا بعنفوانها ودهشتها وتُشعرنا بطفولتنا الدائمة.. وإلا، من يملأُ هذا الخواء المفجع الذي يزداد اتساعاً فينا كلّ يوم؟!».
ويقول فيلسوفُ الإسلام، الإمام (أبو حامد الغزالي) في كتابه «إحياءُ علوم الدين»: «من لم يحرّكه الربيع وأزهاره، والعود وأوتاره، فهو فاسدُ المزاج، ليس له علاج. ومن لم يحرّكه السّماع، فهو ناقصٌ مائلٌ عن الاعتدال بعيد عن الروحانية زائدٌ في غلظ الطبع وكثافته على الجِمَال والطيور بل على جميع البهائم، فإن جميعها تتأثر بالنّغمات الموزونة».
وأختم بقولي: الموسيقى .. يمكنها أن تُنسيك كلّ أوجاعك، أو تجعلك تتذكّرها جميعها جملة واحدة!.. ومع ذلك اهرب إلى الموسيقى، فهي تحتويك وتخلّصك وتُسلّيك، والحمد لله دوماً على نعمة الموسيقى، فلولاها لكانت الحياةُ غايةً في الرتابةِ والملل والكآبة.
التعليقات