منطقتنا الخليجية ومعها العربية ليست على هامش العالم، بل هي مكون رئيسي في اقتصاداته ولاعب فاعل في مشهد تكتلاته، لها تحفظاتها على واقع العالم وتقدم رؤيتها لمستقبله.
مكانة المنطقة معروفة تاريخياً وحضارياً وجغرافياً وسياسياً، لكن اقتصادياً كان العالم يتعامل معها حتى وقت قريب سوقاً لصادراته ومورداً نفطياً لاحتياجاته، إلا أن التغيرات المتسارعة وقوة اقتصادات المنطقة وملاءتها المالية وفوائضها النقدية جعلتها بين الأقوياء، وهو ما ظهر جلياً في العقد الماضي عندما أصبحت السعودية أحد الفاعلين في العالم بانضمامها لتجمع «العشرين» الذي يمثل أكبر اقتصادات العالم، إلى أن تعاظم دورها باختيارها لرئاسة هذا التجمع لعام 2020.
أمس كان يوماً تاريخياً للمنطقة بانعقاد القمة في الرياض، لكن جائحة كورونا جعلت هذا الحدث استثنائياً، لأنه انعقد عن بعد وشارك فيه الكبار، ومعهم دولة الإمارات ثاني أكبر اقتصاد عربي التي ترأس دورة مجلس التعاون، لتكون ضيف شرف لهذا العام، شاركت بفاعلية في كل اجتماعات القمة وقدمت رؤيتها لمستقبل العالم.
عشرات القضايا ناقشتها القمة، منها حديثة وأخرى مُرحّلة من سنوات سابقة، لكن الحدث الأهم الذي طغى على المداولات هذا العام كان ومازال «كوفيد 19» الذي أصاب عشرات الملايين من البشر، وقضى على مئات الآلاف وأغلق مدن العالم وشل اقتصاداتها وكبّدها تريليونات الدولارات.
تبعات «كوفيد 19» لم يسلم منها أحد لا الدول الغنية صاحبة الإمكانات ولا الفقيرة محدودة الموارد، لتأتي المطالبات العاجلة لتقديم العون لها، عبر إلغاء خدمة الديون أو خصمها أو إسقاطها.
العاهل السعودي الملك سلمان في كلمته أمام القمة أرسل رسالة أمل شعوب المنطقة والعالم، على أن الجميع مطالبون بالتغلب على ما يشهده العالم من اضطراب بسبب كورونا، ووعد بتقديم أعلى درجات الدعم للدول الفقيرة لإنقاذ شعوبها من المرض، واقتصادها من الانهيار.
رسالة الإمارات إلى القمة التي أعلنها أمام الاجتماع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أكدت أنها ستظل داعمة لكل المبادرات الدولية المشتركة، ولكل السياسات والمشاريع التي تضمن بناء مستقبل مستدام للأجيال القادمة. أكد سموه أن الإمارات كانت حريصة منذ بداية الأزمة على أداء دور فعال ورئيسي في دعم الجهود الدولية للتصدي للوباء والمساهمة في مختلف أوجه التعاون الدولي للتعامل مع الفيروس، معتبراً أن خطر تداعيات الأزمة يستهدف جميع الدول حول العالم دون استثناء ما يجعل مصير الإنسانية واحداً ومشتركاً.
التعاون هو العنوان الرئيسي الجامع لقادة العالم لمواجهة هذه الحالة الاستثنائية، والأهم أن الجميع أقر بأن توزيع اللقاح يجب أن يشمل الجميع بدون استثناء، سواء القادر أو غيره، فكلنا في قارب واحد، وهو ما مارسته وتمارسه الإمارات انطلاقاً من مبادئها ودورها الإنساني الفعال.