يقول بيل جيتس "في الوقت الذي تدرك فيه أنك في ورطة سيكون قد فات الأوان لإنقاذ نفسك".
وفي معاجم اللغة العربية فإن لفظ ورطة يطلق على الهوة الغامضة العميقة ما بين الأرض والوحل، كما تطلق على كل أمر تعسر النجاة منه والهلكة فيه، لكن الأمر المحزن في الورطة أنك لا تدرك سوء ما أوقعت نفسك فيه إلا بعدما تكون قد دفعت الثمن فادحا، ما يجعلك تحتاج إلى وقت طويل ومساعدة نفسية للتخلص من تلك الهوة العميقة التي أوقعت نفسك.
من أبشع الورطات الإنسانية أن تفتح عينيك في هذا العالم لتكتشف أنك مجرد كبش فداء لأبوين يتغذيان على الخلافات الزوجية والمشكلات العائلية وبعثرة الأسرار، ويحترمان كل شيء في الحياة إلا رباط الزواج المقدس، ولأنك في نظرهما تلك البصمة السوداء التي تذكرهما بسوء الاختيار فعليك أن تدفع الثمن غاليا ما بين محاكم وحضانة "وتكبير قلوب" وسب وشتم في الطرف الآخر، غير"مرمطتك" بين بيوت الجدات والأعمام والخالات التي ستفقدك خصوصيتك مبكرا، وتجبرك على تحمل تنمر أطفال العائلة ونظرات الشفقة التي ستنهال عليك في الأعياد والمناسبات، وإن حالفك حسن الحظ فستجتاز هذه الورطة وستمضي في حياتك بعد أعوام عديدة من الألم والتشتت والعنف والحرمان العاطفي، ولكن إياك أن تكرر غلطة والديك وتجلب لهذا العالم مزيدا من الأطفال التعساء، إن لم تكن على استعداد تام لتحمل مسؤولية التربية والإنجاب فامنح نفسك الفرصة حتى تتهيأ لهذا الأمر تماما، فورطتك التي مررت بها ودفعت ثمنها فادحا حاول قدر الإمكان أن تجنبها أطفالك.
من أقسى الورطات الإنسانية أن تكتشف أن "شلة الأنس" الذين أحاطوا بك دهرا واتخذتهم أصدقاء منحتهم من الحب أصدقه ومن الوفاء أندره ومن الصدق أروعه، ليسوا إلا "جوقة موسيقية" لا تعزف إلا في الأفراح والمناسبات ولا يتراقص أفرادها إلا حين يتأكدون أنك قادر على دفع ثمن الرقصة، هؤلاء المهرجون سيختفون من حياتك حين تعجز عن الدفع وتتكالب عليك حوادث الزمان ونكبات الحياة، لا تحزن عليهم فأنت في حقيقة الأمر لم تخسرهم بل أدركت أنهم لم يكونوا أصدقاء جيدين يستحقون الوجود في حياتك، هذه الورطة ستكسرك فترة من الوقت لكنها ستجعلك تعود أكثر صلابة وقوة وستعلمك حسن الاختيار.
وخزة :
كل ورطة في الحياة يمكن الخروج منها إلا ورطة العيش مع أرواح يائسة منهزمة!