لن تستقيم الأوضاع والظروف السياسية في الكويت، وتحديداً العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة، ما لم يكن هناك تشخيص واقعي لمصادر الاحتقان بين جميع الأطراف، وخاصة بين رئيس الحكومة صباح الخالد وبعض الأغلبية النيابية.
أدى تراكم الأخطاء الحكومية خلال الفترة منذ تشكيل الحكومة الأولى حتى الثالثة برئاسة الأخ الشيخ صباح الخالد، وغياب التصميم بمعالجة الأخطاء وانحراف الكثير من القرارات الحكومية، إلى مرحلة معقدة تتصدرها الضبابية السياسية والارتجال في القرارات حتى يومنا هذا!
ضاقت صدور كثيرة من مراقبين وأصحاب الخبرة بالعمل السياسي مما تشهده العلاقة المحتقنة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، فلم يجدوا غير الانكفاء وفقدان الأمل بمشاهدة ملامح لا أكثر، وليس نهجاً ملموساً نحو الإصلاح السياسي الشامل.
تصدر تموج القرار الحكومي وسطوة نفوذ برلمانية وهيمنة البعض على قيادة متناقضة لرئيس الحكومة صباح الخالد من جهة، وطبيعة العلاقة مع عدد كبير من النواب أو ما يعرف بالأغلبية النيابية من جهة ثانية.
الانفراج السياسي الكويتي لن يأتي ضمن بيئة غير صحية سياسياً، ولن تتبلور الأركان الأساسية للمبادرات أياً كانت، إلا من خلال التمعن بالتحليل الموضوعي وبعيداً عن البهرجة الإعلامية ووأد سموم الخصومة الشخصية لبعض الاطراف السياسية عند الحديث عن الانفراج.
هناك أخطاء حكومية جسيمة منذ جلسة الافتتاح لمجلس الأمة في ديسمبر 2020، تتطلب الجراحة العميقة، ومن ثم ترميم العلاقة مع نواب الأغلبية بأفعال مختلفة عن السابق لطيّ التحصين غير المسبوق دستورياً لرئيس الحكومة صباح الخالد من استجوابات مستحقة.
ومن شديد الأهمية إدراك رئيس الحكومة صباح الخالد ما يحاك له بصفته في تحقيق غايات شخصية وضيقة من بعض الأطراف، وفجورهم بالخصومة ضد نواب آخرين وبعض أفراد أسرة الصباح الكرام، وكل ذلك أمام مرأى ومسمع رئيس الوزراء!
لا ينبغي الإفراط بالتفاؤل السياسي بما يسمى بالانفراج، قبل التوصل إلى وفاق لا يتأرجح واتفاق لا يترنح مع نواب الأغلبية وليس الأقلية، وقطع دابر اقتناص الضجيج الإعلامي لمصلحة أهداف سياسية أنانية، لا تصب في مصلحة الكويت وطناً وشعباً.
إن المبادرات السياسية لا ينبغي الإعلان عنها إلا بعد نضوج نصها النهائي والهدف السياسي الواعد منها، وأي حديث سابق لأوانه عن الانفراج السياسي الكويتي لا يخدم البناء والتمهيد الإيجابي، بل يهدم المبادرات ويحول ذلك دون تقبلها نيابياً وشعبياً.
الكويت بحاجة ملحة اليوم للغاية لمصالحة وطنية، تفتح أبواب العودة إلى الوطن للنواب السابقين والشباب في المنفى الاختياري بكرامة وعزة النفس لأبناء البلد الواحد، وانفراجة بالعلاقة الحكومية-البرلمانية عبر تفاهم وتفهم للوضع المتأزم سياسياً ووقف سيل المزايدات الإعلامية.
إن البداية الأمثل للتمهيد للانفراج السياسي وترميم العلاقة المتأزمة بين الشعب والحكومة، تنحصر بتعديل نظام الصوت الانتخابي الواحد، ووضع نهاية لليُتم الاجتماعي والسياسي، الذي تعيشه الكويت منذ بداية لجوء عدد كبير من أبناء هذا الوطن لمنفى قسري!
التعليقات