يبدو أن العالم بات على كف فيروس كوفيد - 19 الذي يتحور ويتجدد بسلالات تتفاوت في تعقيدها وخطورتها وتتفق في فتكها بالبشرية يوماً بعد يوم بل دقيقة بعد أخرى، حيث بلغت وفيات هذا الفيروس منذ اكتشافه حتى لحظة كتابة المقال 5.230.500 نسمة من واقع 262.736.568 إصابة حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية.
في تسارع كبير تتوالى التطورات حول العالم عن المتغيرات التي طرأت على سلالة فيروس كوفيد - 19 حتى ظهور المتحور الجديد (أوميكرون) الذي تم تسجيل أول حالة منه في بوتسوانا يوم 11 نوفمبر لدى مواطن قادم من جنوب أفريقيا، ثم انتقاله بشكل مؤكد إلى 17 دولة ومنطقة حتى الآن وهي: النمسا، وبلجيكا، وبوتسوانا، وكندا، والجمهورية التشيكية، والدنمارك، وألمانيا، وهونغ كونغ، وإيطاليا، وهولندا، وإسبانيا، والبرتغال، وجنوب أفريقيا، والسويد، والمملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، وإسرائيل، وسط مخاوف واسعة من أن هذه السلالة أكثر عدوى من سابقاتها ، تزامناً مع تأكيدات بعض المنظمات الصحية على شراسة وعنف هذا النوع من الفيروس وسرعة انتشاره، مما أثار الرعب والقلق في كثير من دول العالم التي بدأت تظهر فيها حالات من هذه السلالة متزامنة مع تحذيرات في تلك الدول على عودة الاحترازات الفورية والإجراءات الصارمة إزاء المتحور الجديد من وقف الرحلات الجوية، وتعليق السفر من وإلى دول عدة، واعتماد إجراءات وقائية أخرى، كإغلاق المطاعم والكافيهات والمحال التجارية، والعودة إلى التشديد على ارتداء الكمامات والتباعد الجسدي.
ويشار إلى أن 69 دولة فرضت قيوداً على السفر كرد على تفشي متحور «أوميكرون». لم يكن الذعر العالمي متوقفاً على الصحة العامة والإصابات التي بدأت تنتشر، بل تجاوز ذلك إلى انخفاض كبير في البورصات العالمية وأسواق المال والأعمال التي شهدت تدهوراً في معدلات التداول والأرباح، ولم تكن أسواق النفط -بالطبع- استثناء فقد شهدت هي الأخرى هبوطاً حاداً في الأسعار بعد فترة من الانتعاش النسبي وتجاوز حالة الركود لسنتين على التوالي خلال «الجائحة» منذ إرهاصاتها حتى منتصف العام الحالي، وهي فترة انفراج الأزمة بشكل تدريجي، والتي تعتبر حالة التعافي الاقتصادي لدول إنتاج النفط وأسواق السلع والمعدات الثقيلة حول العالم. يحبس العالم أنفاسه هذه الأيام أمام المتحور الجديد من فيروس كورونا الذي بات يتحكم في وتيرة الحياة على كوكب الأرض، فالبشرية جمعاء رهن هذا الفيروس المتحكم بالحياة إن تطور أوقفها وإن تراجع دبت الحياة فيها من جديد، فالاقتصاد والسفر والسياحة والاستثمار كلها رهن فيروس مجهري ما زال يحكمها ولم ولن يحسم بشكل قاطع في الوقت الحالي حسب المعطيات الحالية لبروتوكولات الفيروس ومواجهته في ميادين العلوم والطب والأبحاث!
يشاع في الأوساط الاجتماعية والإعلامية بأن المسألة لا تتعلق بمتحورات طبيعية للفيروس، بل إن الأمر يكتنفه غموض عجيب قد يكون للسياسة يد طولى فيه، بمعنى أن الفيروس قد وظف سياسياً واقتصادياً من الدول الكبرى للضغط على أسواق النفط للانصياع لرغباتها في زيادة الإنتاج وخفض الأسعار، خصوصاً أن منظمة الصحة العالمية وعلى لسان مديرها الذي رد على انتشار سلالة «أوميكرون» حين أعرب عن قلقه من أن عدداً من الدول تفرض إجراءات متسارعة وشاملة لا تستند إلى أدلة ولا تعتبر فعالة، ويجب أن تكون متكافئة مع خطورة المتحور.
قد يكون هناك غموض يكتنف هذا الفيروس الخطير، الذي بات واقعاً كارثياً يتصاعد متزامناً مع أحداث ويتراجع مع أخرى، وقد تكون هذه التحورات مصادفةً أو تبعاً للظروف البيئية والصحية لأماكن رصدها وانتشارها، ولكن الأكيد أن نقص اللقاحات لدى بعض الدول الفقيرة سوف يفاقم الكارثة سواء كان متحوراً أو أصلياً، وهذا واقع يجب أن تستدركه الدول المصنعة للقاحات دون جشع أو استغلال!
التعليقات