يفصل باكستان عن جارتها افغانستان خط حدودي بطول 2611 كلم يسمى خط ديورند نسبة إلى «هنري مارتيمور ديورند» سكرتير الشؤون الخارجية في حكومة الهند البريطانية الذي شارك في ترسيمه بالاتفاق مع الأمير الأفغاني عبدالرحمن خان سنة 1893، لتأسيس أفغانستان كدولة مستقلة، فتسبب الخط في التقسيم السياسي للقبائل البشتونية الموجودة على جانبي الحدود. وعلى الرغم من أن هذا الخط التاريخي معترف به من قبل الأمم المتحدة وأعضائها، إلا أن الحكومات الأفغانية المتعاقبة، منذ سقوط النظام الملكي في سبعينات القرن العشرين، لم تعترف بشرعيته. أما آخر المستجدات حوله فهو قرار اتخذته قيادة الجيش الباكستاني قبل أشهر بتسييج الخط بأسلاك شائكة مزدوجة بارتفاع أربعة أمتار ومزودة بكاميرات مراقبة دقيقة بتكلفة باهضة وصلت إلى نحو 600 مليون دولار، وذلك استباقا لأي توترات وفوضى أمنية في جارتها قد تؤدي إلى تدفق للاجئين الأفغان أو تسلل للعناصر الإرهابية أو المسلحة إلى أراضيها.

أما لما نتحدث عن خط ديورند اليوم، فلأن القرار الباكستاني المذكور قوبل بالرفض شعبيًا ورسميًا في أفغانستان، وهو أمر نجد تجلياته في ما حدث مؤخرًا من توترات على جانبيه بين الجيش الباكستاني وقوات نظام طالبان الافغاني. ففي أواخر ديسمبر من العام الماضي أعلن المتحدث باسم وزارة دفاع طالبان أن قواته منعت الجيش الباكستاني من مواصلة التسييج «غير القانوني» على طول الحدود مع إقليم ننغرهار شرقي أفغانستان، وبالتزامن تمّ نشر فيديو لجنود طالبانيين وهم يستولون على معدات التسييج الباكستانية. وبالتزامن أيضًا كان هناك إطلاق لقذائف مورتر عبر الحدود من الجانب الباكستاني باتجاه مقاطعة كونار الشرقية. وطبقًا لوسائل الاعلام الطالبانية، فإن مسؤولين من طالبان التقيا وجهًا لوجه مع قادة من الجيش الباكستاني لمناقشة الوضع الحدودي المتوتر وتهدئة الموقف بطريقة أخوية. غير أنه في الوقت نفسه أطلق المسؤولون الباكستانيون، مثل وزير الخارجية شاه محمود قريشي، تصريحات تؤكد عزمهم على مواصلة عملية التسييج، وتشدد على أن باكستان ليس في وارد التراجع عنها لأن القضية متعلقة بالأمن الوطني. وفيما بدا أنه رد على تصريحات الوزير قريشي قال قائد القوات الحدودية في المنطقة الشرقية لأفغانستان «مولوي ثناء الله سنغين»: إن كابول «لن تسمح بالسياج في أي وقت وبأي شكل.. كل ما فعلوه من قبل فعلوه، لكننا لن نسمح به بعد الآن». ووسط هذه المواقف والمواقف المضادة راحت قوات طالبان تبني المزيد من نقاط التفتيش والمراقبة على طول خط ديوراند لمنع الجيش الباكستاني من مواصلة أعمال التسييج.