تاقت النفس لأن ترى اليمن الجريح آمنًا سالمًا ومستقرًا، وأن يكون متبوعًا لا تابعًا، وأن ينأى بنفسه عن أن يكون وكيلاً لإيران في زعزعة الاستقرار باليمن، وتاليًا لدول الجوار بالمنطقة.
هي سنوات انتظار طالت، وما زال اليمن على كف عفريت الشيطان الإيراني، يزرع بين مواطنيه الفرقة والصراعات والاختلاف، وفرض أجندته من خلال ميليشيات الحوثي المغرر بها، والمسلوبة إرادتها كي لا تتعاون مع الكيانات اليمنية الأخرى في حماية استقلال اليمن.
وها قد لاحت في الأفق بوادر إعادة اليمن من الموج الإيراني القذر إلى الأمواج الصافية، إلى الأجواء الرحبة لتصحيح ما أفسدته سنوات الضياع في اليمن الشقيق، حيث القتال والقتال المضاد بين الإخوة والأشقاء في البلد الواحد.
فدعوة مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى مؤتمر تحضره جميع الفئات والكيانات والأحزاب، دون استثناء أي أحد، ويعقد في مقر المجلس بالرياض، وتحت مظلته، للتشاور والتفاهم على ما ينقذ اليمن من محنته، ويخلصه من هذه الحرب التي لم يستفد منها غير أعداء اليمن.
لقد قوبلت هذه الدعوة بالتأييد والمساندة من مجلس الأمن، والجامعة العربية، ومن منظمة التعاون الإسلامية، ومن جميع الدول المُحبة لليمن، الحريصة على تجنيبه ويلات الحرب. وآن لكل الجهات اليمنية، بمن فيها الحوثيون، أن تستجيب للدعوة، وتلبيها بروح منفتحة على التشاور والحوار لإيجاد حل لهذا الخطر الذي يزداد سوءًا ضد مصالح اليمن واليمنيين إذا ما استمر القتال.
دعونا أيها اليمنيون نفتح باب الأمل، ونصغي إلى صوت العقل، ونتنافس على ما يجنب الجميع تداعيات هذه الحرب، وأضرارها البالغة، وبأن يتحمَّل كل منكم مسؤوليته التاريخية في ترسيخ الحب والوئام، مهما كانت التنازلات من هذا الطرف أو ذاك، فشعب اليمن يستحق، ولم يعد يحتمل أكثر مما يمر به الآن.
هذه الدعوة لا تنفرد بها دولة دون أخرى، وإنما هي من دول مجلس التعاون مجتمعة، وهي للتشاور اليمني - اليمني، ولا تدخّل فيها من أي دولة سواء من الداعين لها، أو من خارجها، وهي في مقر المجلس بوصفها أرضًا محايدة لا سلطة لأحد عليها، حتى وإن كان المقر الخليجي مكانه في الرياض.
إن من يتخلى عن تلبية الدعوة وعدم حضورها، أو إملاء شروط مُسبقة حتى يستجيب لها، هو كمن يضع العراقيل لإفشال الاجتماع، مواصلاً زعزعة الأمن والاستقرار، سواء تم ذلك بإرادته، أو بإملاء قوى خارجية، وخاصة إيران التي لا تخفي تدخلاتها المشبوهة في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وقطاع غزة والبحرين.
كل ما نتمناه أن يعقد الاجتماع بحضور جميع الأطراف، وأن يخرج بقرارات تلبي مصالح اليمنيين، وتنتهي هذه الحرب دون رجعة، فيكفي ما خلفته من مآسٍ، وأن يبدأ العمل على إعمار اليمن مع توقف القتال، بدعم من الأشقاء المحبين لليمن، الحريصين على وحدته واستقلاله، وحمايته من أي تدخل خارجي يستغل البلاد للإضرار بمصالحه.
التعليقات