أوبك منظمة اقتصادية وليست سياسية.. تسعى دائماً إلى توازن الأسواق العالمية منذ عقود طويلة وفي السنوات الأخيرة اتفقت مع منتجين من خارجها بقيادة روسيا (أوبك+) لتعزيز هذا التوازن. لكن هناك من يزعزع استقرار أسواق النفط العالمية لأهداف سياسية من خلال حظر النفط الروسي أكبر ثالث منتج للنفط في العالم وثاني أكبر مصدر له، وتزود دول الاتحاد الأوروبي بـ 2.3 مليون برميل يوميا. ثم يأتي ممثلو الاتحاد الأوروبي ليجتمعوا بالأوبك في فيينا الاثنين الماضي، من أجل إقناعها بزيادة إنتاجها وتعويض أي خسارة محتملة في إمدادات النفط الروسية، التي تصدر أكثر من 4.6 براميل يوميا ومن المنتجات النفطية 2.4 مليون برميل يوميا بإجمالي 7 ملايين برميل يوميا، نتيجة العقوبات الحالية والمستقبلية. كما أنهم يحملون أوبك مسؤولية ضمان توازن أسواق النفط وهم من أخل بهذا التوازن لأسباب سياسية، فدائما الأوبك تسعى الى توازن الأسواق بناء على عوامل السوق أما العوامل السياسية فإنها خارج سيطرتها، وهذا ما أكده الأمين العام لمنظمة أوبك محمد باركيندو.

وشهدت أسعار النفط تقلبات حادة في الأيام الماضية، حيث هبط سعر برنت في 4 إبريل من 107.53 دولارا إلى 98.48 دولارا في 11 إبريل أو 9.2 % وغرب تكساس من 103.28 دولارا إلى 94.29 دولارا أو 9.5 % خلال نفس الفترة، وهذا يعود إلى تأثير عمليات الإغلاق في الصين على الطلب والإفراج المنسق من احتياطيات النفط بين الولايات المتحدة ووكالة الطاقة. لكن الأسعار بدأت تعزز مكاسبها مرة أخرى الثلاثاء الماضي وعوضت ما فقدته خلال الأيام السابقة، حيث ارتفع برنت إلى 111.70 دولارا وغرب تكساس إلى 106.95 دولارا أو 13.4 % لكل منهما الخميس الماضي. وذلك على أمل انتعاش الطلب الصيني قريبا والتركيز على نقص الإمدادات من روسيا، والأهم هو تحذير أوبك للاتحاد الأوربي بأنه من المستحيل تعويض صادرات النفط والمنتجات الروسية لو تم حظرها، ورغم ارتفاع المخزون التجاري الأميركي بـ 9.4 ملايين برميل في 8 إبريل، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

فإن عدم قدرة الأوبك على تعويض النقص المحتمل الذي ستواجه صادرات النفط الروسية من جراء العقوبات الحالية والمحتملة سيرتد على أسعار النفط ارتفاعا وعكسيا مع تناقص الإمدادات وقد تصل إلى مستويات قياسية مرة أخرى، وقد أوضحت وكالة الطاقة الدولية الأربعاء الماضي، أن التأثير الكامل للعقوبات وعزوف المشترين عن النفط الروسي وتراجع إنتاج المصافي، من المفترض أن تصل الخسائر إلى 1.5 مليون برميل يوميا في إبريل ويمكن أن يتوقف ما يقرب من 3 ملايين برميل يوميا من إمدادات النفط الروسية في مايو وصاعدا، وفعلا تقلص إنتاج روسيا من 11.01 مليون برميل يوميا إلى 10.2 ملايين برميل يوميا في مارس أو 7.5 %.