بعد مرور عام ونصف من توليه السلطة، يزور الرئيس جو بايدن منطقة الشرق الأوسط منتصف الشهر المقبل، يزور بها إسرائيل والضفة الغربية، ثم إلى السعودية لحضور قمة خليجية بحضور مصر والأردن والعراق، في توقيت دقيق يتزامن مع الأزمة الأوكرانية وتبعاتها، تحديداً ملف الطاقة ومحاولة إيجاد السبل لخفض الأسعار.

عند العودة إلى عهد الرئيس دونالد ترامب، سنجد أنه زار الشرق الأوسط في بداية عهده، وأسس استراتيجيات واضحة ورؤى مشتركة مع دول المنطقة، رسمت ملامح سياسته الخارجية، وهذا ما تحاول استعادته واشنطن في عهد الرئيس بايدن، في سبيل ترميم علاقاتها مع الدول العربية المحورية، عبر العودة إلى إرث الرئيس السابق ترامب، حيث ستركز زيارة الرئيس بايدن إلى الشرق الأوسط على عدة ملفات من بين أهدافها، العودة إلى ملف السلام والاتفاقيات الإبراهيمية، وتعزيز التعاون الاقتصادي والدفاعي، عبر تأسيس شراكات وتكتلات اقتصادية ودفاعية في مواجهة مخاطر وتحديات المنطقة.
ما يشغل واشنطن هو ملف الطاقة بعد ارتفاع الأسعار بسبب الأزمة الأوكرانية، وحاولت إدارة بايدن مسبقاً الضغط على دول أوبك لزيادة الإنتاج، والتي بدورها التزمت باستراتيجيات تم الاتفاق عليها مع الدول الأعضاء، وكان من المقرر أن تكون زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط خلال شهر يونيو، بهدف استخدامها إعلامياً، وكأن بايدن خرج منها بموافقة الدول العربية المحورية على زيادة الإنتاج. وعليه، تستغل المخرجات لأغراض تحسين استطلاعات الرأي وأيضاً في الانتخابات النصفية القادمة، إلا أن هذا لم يحصل، فقد اجتمعت الدول المنتجة للنفط (أوبك +) بقيادة السعودية، ووافقت على زيادات تدريجية للإنتاج بموافقة روسيا، ودون تأثير كبير على استراتيجية أوبك الموضوعة، للمساعدة في خفض الأسعار، ما قطع الطريق على الولايات المتحدة أن تستغل القمة لأغراض إعلامية.
ستهدف الزيارة الأميركية إلى محاولة إشراك السلطة الفلسطينية في ملف السلام، على عكس الرئيس ترامب الذي أبعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن مسار السلام. وقد تقام قمة ثلاثية تجمع الولايات المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، لفتح قنوات تواصل توسع دائرة الاتفاقيات الإبراهيمية، في توقيت يتطلب من دول الإقليم تعزيز التعاون الأمني ضد ميليشيات الإرهاب والتطرف المدعومة من قوى خارجية. وعليه، ستركز الولايات المتحدة على الاستدارة في سياساتها الخارجية تجاه دول الاعتدال العربي، بعد أن أصابها التوتر خلال الشهور الماضية بسبب سوء تعامل واشنطن مع ملفات المنطقة. وكان آخرها التعامل مع الهجمات «الحوثية» الإرهابية على المنشآت المدنية في الإمارات والسعودية، بحيث لم تعد الإدارة الأميركية «الحوثيين» إلى قوائم الإرهاب، كما أنها لم تدرك إلا متأخراً ازدهار العلاقات العربية مع دول محورية مثل الصين وروسيا، ما يعكس سياسة عربية متوازنة بين الشرق والغرب، تحترم حلفاءها في بكين وموسكو، ولندن وباريس وبرلين، وصولاً إلى واشنطن.