أيام قليلة تفصلنا عن زيارة الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن يوم الجمعة القادم الموافق ١٥ من الشهر الجاري إلى المملكة العربية السعودية، ولقاء خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان في زيارة هي الأولى من نوعها منذ بداية رئاسة السيد بايدن في 20 يناير 2021م؛ التي بدأت بتصريحات حادة وانتهت بزيارة قد تبدو للبعض بصورة تنافي واقعها.

الرئيس الأمريكي جو بايدن سوف يحل ضيفاً على المملكة، وبوصلته السياسية باتجاه النظام العالمي الجديد الذي بدأ يتكون وتبرز ملامحه من خلال المنافسة المحمومة بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين، التي بدورها تحاول سحب التأثير الأمريكي العالمي بتكتلات وتحالفات باتت أكثر وضوحاً، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تأثيرات التحالف الصيني الروسي وعلاقته بالحرب الأوكرانية التي أصبحت ميداناً لحرب باردة جديدة بين معسكرين شرقي وغربي يتشكلان اليوم بتسارع لافت وفقاً للمتغيرات التي أحدثتها الحرب في أوكرانيا، ومن هذه المنطلقات تتغير السياسة الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط، والسعودية على وجه الخصوص التي تعي هذا جيداً؛ هذا الحراك وتعي السعي الأمريكي لإعادة رسم خارطة التحالفات التي لن تتم بمعزل عن المملكة، بل هي المرتكز الأساسي لأي تحالفات في منطقة الشرق الأوسط، هذا فضلاً عن أزمة الطاقة التي -قطعاً- ستكون على رأس أولويات أجندة الرئيس الأمريكي في زيارته القريبة.

نحن إذاً بانتظار قمة تنطوي على أولويات مهمة لكلا الجانبين (السعودي والأمريكي)، وهي بالتأكيد قمة استثنائية مثقلة بالملفات التي من أصعبها بالنسبة لنا الملف الإيراني المتخم بالمهددات والشهية المفرطة للتمدد والهيمنة ونزعة العنف المغلفة بالمذهبية تجاه الخليج منذ أربعة عقود؛ أي من بعد الثورة الإيرانية عام 1979م، وهذا الملف بالتأكيد سيكون على طاولة النقاش جنباً إلى جنب مع ملفها النووي المهدد لأمن المنطقة كافة بما فيها إسرائيل التي تحرص الولايات المتحدة الأمريكية عليها، ونعي جيداً أنه حتى لو أثمرت زيارة بايدن (للمنطقة) عن حلول لإشكالات جانبية كتحويل مضيق تيران إلى ممر عالمي، أو تسهيل تنقل الفلسطينيين إلى المقدسات في إسرائيل إلا أن هذه الخطوات هي مجرد تغليف للأهداف الأساسية من الزيارة التي تتمحور حول (الأمن والطاقة) وكسب التحالفات بعد حضور الرئيس اجتماعات الناتو في 29 يونيو 2022، والتي تكللت بالاتفاق الثلاثي بين السويد وفنلندا وتركيا، لينهي الفيتو التركي على دخول هذه الدول للحلف، وهو الاتفاق الذي يفضي إلى ضم بحر البلطيق للناتو والمزيد من تفاقم الخلاف بين المعسكرين.

أخيراً..

القمة الخليجية المزمع عقدها نهاية هذا الأسبوع وتستضيف الرئيس الأمريكي جو بايدن هي قمة غاية في الأهمية، وسوف تفضي إلى تحولات كبرى حال نجاحها، كونها قمة الأولويات الصعبة للمنطقة العربية في المرحلة الصعبة لأمريكا والناتو.