أعلنت شركة غازبروم الروسية الحكومية يوم الجمعة 2 سبتمبر وقف تدفق إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر خط أنابيب الغاز «نورد ستريم-1»، الذي يمتد لحوالي 1200 كيلو متر تحت مياه بحر البلطيق، من منطقة قريبة من سان بطرسبرغ الروسية إلى شمال شرق ألمانيا والذي كان يعمل بـ 20 في المئة فقط من قدرته إلى أجل غير مسمى.
وكانت الشركة أعلنت وقف إمدادات الغاز عبر خط الأنابيب يوم الأربعاء 31 أغسطس، على أن يستأنف ضخ الغاز في خط الأنابيب يوم السبت 3 سبتمبر بعد الانتهاء من أعمال الصيانة التي أعلنها الجانب الروسي في وقت سابق.
وقالت الشركة الروسية إنها اكتشفت «أعطالاً» في خط الغاز الطبيعي، لكنها لم تحدد إطاراً زمنياً تنتهي فيه عمليات الإصلاح والصيانة. ونظراً لاعتماد أوروبا على روسيا في توفير احتياجاتها، من الغاز الطبيعي، فوقف تدفق الغاز الروسي يشكل تهديداً حقيقياً لأوروبا وهي على أبواب الشتاء، مما قد يعرض أوروبا لشتاء قاسٍ وركودٍ اقتصادي غير مسبوق.
فهل تدفع أوروبا وألمانيا خاصة ثمن دعمها لأوكرانيا؟ على الدوام ظلت موسكو تنفي استخدام إمدادات الطاقة كسلاح اقتصادي، رداً على العقوبات الغربية التي فرضت عليها في أعقاب الحرب على أوكرانيا، لكنها عملت على خفض الإمدادات تدريجياً عبر نورد ستريم 1 إلى 40 بالمئة من قدرته الاستيعابية في يونيو وإلى 20 بالمئة في يوليو، وألقت روسيا باللوم على العقوبات في تعطيل الصيانة الروتينية لخط الغاز نورد ستريم 1، ما انعكس على ارتفاع أسعار بيع الغاز بالجملة لأكثر من 400 بالمئة، مما تسبب في أزمة اقتصادية مازالت تتفاقم بارتفاع تكاليف المعيشة للمستهلكين وزيادة التكاليف على الشركات والدفع بالحكومة لإنفاق المليارات لتخفيف العبء.
وجاء الإعلان الروسي لوقف إمدادات الغاز بعد ساعات من تعهد وزراء مالية مجموعة دول السبع على تحديد سقف سعر لشراء النفط من روسيا، بهدف الحد من الإيرادات الروسية التي تمول حرب الكرملين في أوكرانيا، وأدانت العواصم الأوروبية قرار شركة الغاز الروسية واعتبرته مسيساً واتهمت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام إمدادات الطاقة «كسلاح حرب» وأداة من أدوات السياسة الخارجية للضغط عليها من خلال وقف إمدادات غاز، في الوقت الذي تنفي فيه موسكو استخدام إمدادات الطاقة كسلاح اقتصادي، رداً على العقوبات الغربية التي فرضت في أعقاب الحرب، حيث ترجع موسكو تعطيل الصيانة الروتينية لنورد ستريم 1 للعقوبات الأوروبية المفروضة عليها.
لقد أدى تقليص الإمدادات الروسية إلى تفاقم أزمة الطاقة التي يتوقع أن يتفاقم تأثيرها على الاستقرار الاقتصادي والسياسي في أوروبا، خصوصاً مع تضرر ألمانيا الاقتصاد الأكبر في أوروبا، ومحاولة الدول الأوروبية البحث عن بدائل سواء بإيجاد مزودين آخرين للغاز أو بالاعتماد على بدائل للطاقة عن طريق إعادة تشغيل محطات توليد الطاقة الاحتياطية، التي تعمل بالفحم اعتباراً من شهر أكتوبر، في ظل حقيقة أن أوروبا اليوم تدفع ثمن التخلي عن محطات الطاقة النووية.
يبقى السؤال المزدوج: هل تستطيع روسيا تحمل عواقب وقف تدفق الغاز بشكل تام، خاصة مع اعتماد الكرملين على عائدات التصدير لدعم الاقتصاد الروسي وتمويل حرب أوكرانيا؟ وهل تستطيع أوروبا وعلى الأخص ألمانيا عبور الشتاء القادم من دون الغاز الروسي؟
- آخر تحديث :
التعليقات