النفط سلعة إستراتيجية، بل الطاقة إجمالاً أصبحت السلعة التي تقود وتحرك الاقتصاد والسياسة، تتأثر في كل المتغيّرات، فالعالم على شفير الحرب العالمية الثالثة، وعلى أبواب الجوع والفقر والجفاف بسبب سلامة واستمرار إمدادات الطاقة بعد حرب روسيا وأوكرانيا، نتيجة أزمة النفط والغاز الروسي وحبوب القمح الروسي والأوكراني وتوقف الناقلات بسبب حصار روسيا اقتصادياً، وعدم قدرة تحرك الناقلات النهرية نتيجة جفاف الأنهار في موجة الحرائق وجفاف الأنهر.

لكن المملكة تنتهج سياسة ثابتة هي المحافظة على استقرار واستمرار النفط، وأن لا يتحول النفط إلى سلعة تتجاذبها الصراعات العسكرية والسياسية كما هو في حرب أوروبا 2022 القائمة.

فقد تحول النفط إلى سلعة قابلة للتغيرات السريعة التي لا تتحمّل الاجتماع المتباعدة من وزراء النفط كل (3) شهور. مما يتطلب من وزير الطاقة السعودي سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان بصفته رئيساً للجنة الوزارية لأوبك بلس أن يتخذ قرارات سريعة وعاجلة حسب متطلبات وتقلبات سوق النفط.

فقد سيطرت المخاوف على الاجتماع الوزاري (32) للدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) والدول المشاركة في الاتفاق من خارجها (أوبك بلس)، عبر الاتصال المرئي، الذي عقد يوم الاثنين 5 سبتمبر 2022م، وهذه المخاوف هي:

- بدائل النفط: تراجع الطلب المستقبلي ساعدت في انخفاض الأسعار من ذروة يونيو التي تجاوزت 120 دولارًا للبرميل، مما أدى إلى تقليص المكاسب المفاجئة لدول أوبك بلس لكنه بالمقابل كان ذا فائدة للسائقين في أمريكا مع انخفاض أسعار المضخات.

- حد أقصى للنفط: هناك عوامل أخرى كامنة يمكن أن تؤثّر على سعر النفط. على سبيل المثال، تخطط مجموعة الدول الكبرى لفرض حد أقصى لسعر واردات النفط الروسي وما هو تأثير ذلك على السوق، فيما لم يتم تحديد مستوى السعر.

- اتفاق البرنامج النووي: قد يخفف اتفاق بين أمريكا والغرب - وإيران للحد من برنامج طهران النووي العقوبات ويعود أكثر من مليون برميل من النفط الإيراني إلى السوق قريباً.

- تفاوت أسعار النفط: تذبذبت أسعار النفط في الأشهر الأخيرة، حيث أدت المخاوف من الركود إلى انخفاضها.

- تأثير الحرب الأوكرانية: أدت المخاوف من فقدان النفط الروسي بسبب العقوبات بسبب غزو أوكرانيا إلى ارتفاعها في الآونة الأخيرة.

- الركود الاقتصادي: سيطرت مخاوف الكساد، وبدأ الاقتصاديون في أوروبا مرحلة الركود في نهاية هذا العام 2022 بسبب ارتفاع التضخم الذي تغذيه تكاليف الطاقة،

- تأثيرات كورونا: في حين أن القيود الصارمة التي تفرضها الصين والتي تهدف إلى وقف انتشار فيروس كورونا قد أضعفت النمو في الاقتصاد العالمي.

- نقص النفط العربي: شبه توقف لنفط ليبيا والعراق أدى إلى نقص في الإمدادات.

لكن الاجتماع الوزاري لأوبك بلس (32) أكد التأثير السلبي للتذبذب وانخفاض السيولة على سوق البترول في الوقت الراهن، والحاجة إلى دعم استقرار السوق، وأن التذبذب الشديد وحال عدم اليقين المتزايدة تتطلبان تقييماً مستمراً لظروف السوق، والاستعداد لإجراء تعديل فوري لمستويات الإنتاج بطرقٍ مختلفة، إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

ولكون لدى أوبك بلس من الالتزام والمرونة والوسائل، ما يمكنها من التعامل مع هذه التحديات، ضمن إطار الآليات الحالية لإعلان التعاون، فقد قرر الاجتماع الوزاري (32) القرارات الصعبة بعيداً عن المخاوف السابقة وجاءت القرارات بالتالي:

1 - إعادة التأكيد على قرار الاجتماع الوزاري العاشر لأوبك بلس، 12 إبريل 2020م، والذي تم تأييده في 18 يوليو 2021م.

2 - إعادة مستوى إنتاج أوبك بلس، في شهر أكتوبر 2022م، إلى مستوى الإنتاج في شهر أغسطس 2022م، علماً بأن قرار الاجتماع الوزاري (31) للمجموعة بزيادة مائة ألف برميل يومياً في شهر سبتمبر 2022م كان لشهرٍ واحدٍ فقط.

3 - الطلب من رئيس اللجنة الوزارية لأوبك بلس النظر في الدعوة لعقد اجتماع وزاري للمجموعة، في أي وقت، لمناقشة تطورات السوق متى ما كان هذا ضرورياً.

4 - التأكيد على الأهمية القصوى للالتزام التام بالانضباط، وبآلية التعويض، ووجوب تقديم خطط التعويض وفقًا لما جاء في بيان الاجتماع الوزاري (15) لأوبك بلس.

5 - عقدُ الاجتماع الوزاري (33) لأوبك بلس في 5 أكتوبر 2022م.

ونتج عن الاجتماع الوزاري (32): أن قاوم منتجو النفط دعوات من الرئيس الأمريكي جو بايدن لضخ مزيد من النفط لخفض أسعار البنزين.

كبار المنتجين يقرون قوة اتفاقية أكتوبر لضبط الإنتاج، وكانت أسعار النفط المنخفضة هذه لصالح السائقين الأمريكيين، حيث أدت إلى انخفاض أسعار البنزين إلى 3.82 دولارات للجالون من أعلى مستوياتها القياسية التي تجاوزت 5 دولارات في يونيو.

وطلب الاجتماع من الأمير عبدالعزيز بن سلمان رئيس اللجنة الوزارية لـ»أوبك +» النظر في الدعوة إلى عقد اجتماع وزاري للمجموعة، في أي وقت، لمناقشة تطورات السوق متى ما كان هذا ضرورياً.