في محافظة ميسان الواقعة جنوب شرق العراق، وعلى مقربة من الحدود مع إيران، كان صبياً صغيراً لم يتجاوز العاشرة من عمره قد نشأ على ازدراء نظام صدام حسين، وبخاصة بعدما شهد إعدام والده وخمسة آخرين من أقربائه عام 1980، حيث كانت تهمتهم الانتماء إلى حزب الدعوة، الحزب السياسي الشيعي الذي كان يمارس أنشطته سرياً مثله كمثل أحزاب كثيرة في منطقتنا التي يحرم على المرء فيها إعلان انتمائه المختلف عن السلطة أو التعبير بحرية عن قناعاته بعيداً من أيديولوجيتها، وإلا فمصيره الموت، وهذا ما شهده محمد السوداني بأم عينه وبقي ماثلاً أمامه حتى جاء العصر الذي شهد فيه العراقيون دخول أميركا إلى العراق وسقوط نظام صدام وتقديم المجرمين للعدالة واسترداد حقوق الضعفاء.

أكمل الطفل الصغير مسيرة عائلته وهو في مقتبل فترة الشباب، فانضم إلى انتفاضة 1991، وكُتبت له النجاة رغم عشرات آلاف الضحايا، ليشهد إعدام صدام حسين عام 2006 جراء ارتكابه جرائم ضد الإنسانية، وليستمر نشاطه السياسي في حزب الدعوة الذي أصبح رئيسه رئيساً لوزراء العراق في العام ذاته. ومنذ ذلك الحين بدأ السوداني يتقلد مناصب سياسية مهمة على المستوى الحزبي والحكومي حتى يومنا هذا.

ومع أنني عادة ما أحجم عن مدح هذا السياسي أو ذاك، أو حتى تزكية أحد دون غيره، مؤمناً بأن أغلب السياسيين العرب من طينة واحدة، سواء أكان ذلك بإرادتهم أم بحكم الظروف، فهم تقليديون في الغالب ويفتقرون إلى الابتكار وللشجاعة، يفتقرون إلى العاملين اللذَين لن تُحلَّ مشكلات منطقتنا وأزماتها من دونهما.. لكنني اليوم أجد نفسي مضطراً لأن أغيّر نهج الإحجام هذا، لأني أجد في ما يقوم به السيد محمد السوداني، مرشح "الإطار التنسيقي" لمنصب رئيس الوزراء العراقي، ما يستحق الإشادة والتقدير حقاً.

تقلَّد السوداني (المولود في بغداد عام 1970 والمتخرج من جامعتها مهندساً زراعياً) في الفترة بين عامي 2009 و2010 منصب محافظ ميسان، لينتقل بعدها إلى العمل الوزاري ويُعيّن وزيراً لحقوق الإنسان، ثم وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية في حكومة حيدر العبادي، في الفترة بين عامي 2014 و2017. كما تولى في عام 2016 دفة وزارة الصناعة، وحينها بدأ اسمه يلمع نتيجة جهوده البارزة في تنشيط الصناعة الوطنية. ومع كل فترة ترشيح لرئاسة وزراء العراق كان السوداني من بين أبرز الأسماء المتداولة، إن لم يكن على المستوى الرسمي فعلى المستوى الشعبي، ويعود الفضل في ذلك بالدرجة الأولى إلى نظافة سجله، وخلوه التام من شُبهة الفساد، في بلد قلَّما نجد بين سياسييه من لا يحمل هذه الشبهة.

ولطالما راودتني سابقاً تساؤلات كثيرة حول هذه الشخصية "الصامتة" معظم الأوقات، البعيدة كل البعد من التصريحات النارية "الدارجة" في الآونة الأخيرة في العراق، والتي لا تنفع إلا في تأليب الأطراف على بعضها البعض وإذكاء الخلاف وتصعيده.. وحتى عندما كان يخوض في المسائل الدقيقة والحساسة والإشكالية، كانت تعليقاته تُمثِّل دائماً خطاً ثالثاً يلقى ترحيباً واسعاً بين صفوف الشعب العراقي الذي انتخبه ثلاث مرات متتالية بلا دعم مالي أو حزبي يُذكر، ليمثل العراقيين في البرلمان أعوام 2014 و2018، وفي الانتخابات الأخيرة عام 2021.. وعندما قابلته أدركت أن صمته هذا – كما تلمس العراقيون – يأتي عن براغماتية عالية النفع، وإدراك مستفيض للوضع العراقي داخلياً، وحتى خارجياً ضمن محيطه الإقليمي والدولي أيضاً.

التقيته يومذاك في منزله البسيط والمضياف في بغداد منذ سنوات عدة، وجرى الحديث بيننا عن الكثير من القضايا، وبطبيعة الحال تركز أكثر ما تركز على الأزمة السياسية في العراق، والتي بدأت تقريباً منذ إجراء الانتخابات التي قام بها حيدر العبادي، لقد كان يتحدث حديث الخبير الملم بكل تفاصيل مشكلات العراق الرئيسية التي أوصلت البلاد إلى أزمة سياسية مستعصية. وسريعاً ما سيدرك المستمع لحديث السوداني أنه رجل دولة بالمعنى الدقيق للكلمة، حكيم وخبير في الوقت ذاته، فلا يوارب ولا يدلس بل يسمي الأمور بمسمياتها – وأظن أن أغلب المهتمين لمسوا الشيء ذاته في شخصية الرجل مؤخراً بعد لقائه المتلفز مع الإعلامي العراقي أحمد ملا طلال – على سبيل المثال، ورغم أن كثيرين يحسبونه على الخط الموالي لإيران، إلا أنه عندما سأله ملا طلال عن إمكانية التنسيق وحسن الجوار مع طهران، اشترط السوداني الندية في العلاقات، دون أي هيمنة لطرف على حساب الآخر ودون أي تمادٍ أو استكبار، حينها تصير إيران صديقاً وحليفاً، فتقوم بالدور الذي لم تقم به بعد في مساعدة العراق ليقف على قدميه ويخرج من أزمته.

في لقائنا ذاك تحدث السوداني أيضاً عن إمكانية إقامة أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية، وأخبرني كم كان سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إيجابياً مع الوفد العراقي الذي زار المملكة عام 2017، حيث كان من ضمن الوفد برئاسة حيدر العبادي، وكيف يمكن الثقة بسمو الأمير في مساعدة العراق وإعادة بناء الدولة لتشغل موقعها الصحيح في الإطار العربي، لقد قدّر السيد السوداني عالياً موقف الأمير محمد، الذي أشار إلى أن السعودية سوف تنفتح على العراق، ولن تتأخر في مساعدته ودعمه، لأن جل اهتمام المملكة ينصبّ على أن يكون العراق دولة قوية وبلداً حراً مستقلاً. وأعرب السيد السوداني أيضاً عن ثقته بإمكانية التنسيق مع الإمارات والأردن ومصر وباقي الدول العربية، ما يجعل إمكانية فتح الأبواب العربية على وسعها أمام العراق كدولة ذات سيادة، وليس فقط أمام الأفراد من الشخصيات الإثنية أو الدينية أو المذهبية.

ولقد تلمستُ من السيد السوداني نزعته البراغماتية واقعياً أيضاً في سياق كلامه عن علاقة العراق بالولايات المتحدة الأميركية، فقد تحدث بإسهاب عن جملة المبادئ والأسس التي يمكن من خلالها تحديد الإطار العام للعلاقة بين الدولتين اللتين وقّعتا "اتفاقية الإطار الاستراتيجي لعلاقة صداقة وتعاون" في عام 2008. وحتى مع القوة الأكبر في العالم يريد السوداني علاقة ندية لبلاده، فهو يعرف ما للعراق من أهمية استراتيجية من ناحية الموقع ومن ناحية التأثير، لذلك يريد أن يجعل بلاده دولة قوية ومنفتحة على أخواتها من العرب (وهو من انتُخب رئيساً لمجلس إدارة منظمة العمل العربية بالإجماع في العاصمة المصرية (القاهرة) بين عامي 2017 و2018) وعلى المحيط الإقليمي وصولاً إلى الاتفاقيات العابرة للحدود مع الدول الكبرى أيضاً!

كما أثار الرجل إعجابي بشدة حين أشار لنقطة كنت قد تناولتها بالكتابة مرات عدة، وهي أن السياسيين العرب يهتمون بالسياسة أكثر من صرف اهتمامهم لشعوبهم، ولذلك فغالباً ما يسقط سياسيو العرب أمام تحديات البطالة والفقر والعجز. ثم عقّب السيد السوداني بالقول إنه لا يحرص على المناصب أبداً مقابل حرصه الشديد على معيشة المواطنين وتأمين احتياجاتهم وتوفير جميع الخدمات لهم، وسيباشر ذلك منذ اليوم الأول لاستلامه زمام الأمر إذا استطاع الوصول لموقع المسؤولية المقبل. يؤكد السوداني في هذا الصدد أن أولوياته ستنصب بالدرجة الرئيسة على تنمية الحالة المجتمعية ورفدها باقتصاد وطني قوي وقادر على تجاوز الدمار الذي لحق به منذ عهد صدام حسين، واستمر في ظل الحكومات التي قامت بعد عهده. يدرك السوداني أيضاً أن إبراز هذا الاهتمام لا يمكن أن يكون جزئياً، بل ينبغي التركيز أيضاً على المقومات الأساسية جميعها، بدءاً من التعليم واستقلال مؤسسة القضاء وتعزيز الأمن الداخلي في المدن، والخارجي عبر ضبط الحدود، وإدارة الثروات الطبيعية العراقية في قطاعي الطاقة والزراعة، ودعم عجلة الصناعة مع التركيز على تحفيز القطاع الاقتصادي الخاص بكل أشكاله، وعلى تحديث النظام المصرفي المتهالك، وحل المشكلات الخدمية للمواطنين، وبخاصة ما يتعلق بالبنية التحتية، يعتقد السوداني أيضاً أن تحقيق هذه المطالب جميعها ضرورة لا بد منها لضمان توفير فرص العمل للشباب العراقي الذي تبلغ نسبته اليوم قرابة 70% من مجموع السكان. ومع هذه الخطط الطموحة يؤكد السوداني في نقطة تُحسب له عالياً، على أهمية التوزيع العادل للتنمية، وأن لا يتم تركيزها في العاصمة بغداد على حساب المحافظات العراقية الأخرى، فالوطن عند السوداني قيمة واحدة، لا فرق فيها بين وسط وطرف، ولا بين مجتمع محلي وآخر.

في سياق آخر، وعندما سأله محاوره عن موضوع النفوذ الإقليمي أو حتى الغربي في العراق، أجاب قائلاً بأن قدر العراق أن يكون بعيداً من سياسة المحاور، وأن يتمسك بقراره الوطني، حتى يمارس دوره الطبيعي في المنطقة وفي علاقاته الإقليمية والعربية.. وهذا لا يتم إلا من خلال العلاقات المتوازنة مع الدول العربية ودول الجوار.. وأن البوصلة الرئيسة لمصلحة العراق هي أن ليس «ثمة نفوذ لأحد فيه».
لقد بدا واضحاً في كل موضوع يتحدث عنه السيد السوداني، وفي كل مفصل من مفاصل كلامه، أن له هدفاً واحداً هو نقل العراق من حاله الراهنة كدولة طوائف متناحرة ومقتتلة، يستشري فيها الفساد والمحسوبية والمحاصصة ونهب المال العام، إلى دولة مؤسسات بالمعنى الفعلي للكلمة. وبحسب رأيه، فإن «القانون موجود ويحتاج إلى إرادة حقيقية لتنفيذه.. سوف ننفذه إن شاء الله وسنسترجع الأموال التي أُخذت من خزينة الدولة».

كما يثمن السوداني بشدة تضحيات الشباب العراقي، ويؤمن بمشروعية آماله وتطلعاته ومطالبه، وكلنا يعرف أنه قدم استقالته من حزب الدعوة الإسلامية بعد التظاهرات الشعبية التي انطلقت في العراق مطلع شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2019، معترضاً على العنف والقمع الذي استخدمته السلطة، ليشكل بعدئذ تيار "الفراتين السياسي"، فهو ابن العراق الذي لم يغادره حتى عندما شدد صدام حسين الخناق على معارضيه إلى أقصى الدرجات، فلم ينتمِ إلى صفوف من كانوا يُعرفون بمعارضة الخارج، كما أنه لا يحمل أي جنسية أجنبية، بل فرّغ حياته لتكون قضية العراقيين مركزية بالنسبة له، بكل ما تشمله تفاصيل حياتهم وأعمالهم وحفظ حقوقهم وأمنهم، وهذه برأيه الخطوة الأولى على طريق الخروج من الأزمة الاقتصادية الحاصلة في البلاد والانتقال من عراقٍ مخرَّب مدمر تحكمه الطائفية إلى عراق جديد يُدار بنهج ديموقراطي يعزز إطلاق الحريات وصونها تحت سلطة القانون ومظلة العمل السياسي البرلماني.
وقد نوّه الإعلامي أحمد ملا طلال، في مطلع المقابلة مع السوداني، إلى أن اجتماعه مع نحو 60 نائباً عراقياً، وطرح برنامجه الحكومي الواضح عليهم، يُعدّ سبقاً لم يبلغه أي مرشح لرئاسة وزراء العراق قبله، بل أشار أيضاً إلى أن الحوار التلفزيوني بينهما هو بحد ذاته سابقة.. ثم عاد الإعلامي في سياق الحوار ليسأل السوداني عن منبع الثقة التي يتحدث بها وهو لا يزال مرشحاً فقط، وهنا أجاب السوداني إجابته اللافتة: «باختصار: أنا لستُ من طلّاب الولاية، إذا كلفني الشعب من خلال ممثليه والقوى السياسية، فسأكون بخدمته، ولن أتردد لحظة بتنفيذ هذه المهمة وفق هذه الرؤية... وأنا من سيتحمل مسؤولية من أختاره ليكون وزيراً (وليس كتلته السياسية)، ولن أسمح لأي وزير بأن يحول وزارته إلى "ضيعة" لحزبه أو كتلته أو منطقته أو جماعته.. وأي كتلة تتوقع أن أتغاضى عن فساد وزير أو فشله، فهم واهمون، وليحسموا أمرهم من الآن ولا يعطوا الثقة».

وحين اعتبر مستضيفه أن التحدي الأكبر أمام السيد السوداني هو رفض التيار الصدري ترشيحه، أجاب: «التيار الصدري تيار وطني شعبي كبير، له وجوده في الساحة السياسية، وما يطرحه من رؤى وأهداف حالياً تتطابق مع أهدافنا ورؤانا (مكافحة الفساد، الهوية الوطنية..)» ولأجل ذلك يرى أنه «لا مانع من الجلوس مع السيد الصدر أو أي طرف سياسي ما دام الهدف هو مصلحة العراق والعراقيين.. وليس هناك أي رغبة لإقصاء التيار الصدري من المشاركة في تشكيل الحكومة – إذا رغب – وفق استحقاقه الانتخابي».
وعموماً فالسوداني لا يحتاج شهادتي بل تشهد له مواقفه عندما كان وزيراً يحرص على أن لا يعمل لمصلحة طائفة أو حزب أو كتلة، بل لمصلحة العراق كله، فلم يفرق بين المواطنين، الشيعي والسني والكردي والأيزيدي، لا في حقوقهم ولا في واجباتهم، ولا في تمييز الوطنية بينهم ومنحها لمكوّن دون آخر. وهذا ما اختصره الرجل في الحوار حين قال بكل وضوح: «أتمنى ألا يجرني أحد نحو تبعية كتلة أو حزب أو شخص، أنا معروف بموقفي السياسي. سبق أن قررت الاستقالة من حزب الدعوة تنظيم العراق 2019.. ودخلت هذه الانتخابات بكيان سياسي جديد.. وبالتالي استقلاليتي معروفة.. لدي رؤية وبرنامج وفريق عمل وأهداف واضحة أريد تنفيذها، ولا يمكن تنفيذها دون وجود القوى السياسية الوطنية».


وأنا أتمنى من جهتي أن يدرك العراقيون أنّ خسارة رئاسة مجلس الوزراء العراقي للسوداني هي خسارة للعراق كله وضياع لفرصة إنهاء الجمود السياسي الذي طال أمده، ورغم أننا كعرب قد اعتدنا تاريخياً على خسارة الكفاءات وتضييع الفرص في تسليم المسؤوليات لأهلها ومستحقيها، وغالباً ما يحدث ذلك نتيجة تفشي الأنانية المدعومة بمشاعر الضغينة ودوافع المصالح الشخصية الضيقة، إلا أن الأمل يحدوني بأن يغير العراق هذا التاريخ ويوقف الاستنزاف الذي يتسبب به إقصاء الكفوئين بعيداً من مواقع المسؤولية العامة.


أود القول أيضاً إن السوداني سياسي عراقي عتيد، وقد لمست منذ البداية في الحديث تلك الروح البدوية الأصيلة المنشأ فيه، والزاخرة بالقيم والأخلاق، فهو معتدل في مواقفه، منفتح غير متزمت، وضليع في الشأنين السياسي والاجتماعي في البلاد، ناهيك عن علاقاته الإيجابية مع معظم الكتل السياسية، وقدرته على بناء علاقات على المستوى ذاته من الإيجابية مع الدول المجاورة لبلاده أو حتى تلك البعيدة منها، لما فيه مصلحة العراق والعراقيين.


وقد تلمست ما يحظى به السوداني من قبول عام حتى بين منافسيه وخصومه، وقد كشف لي أحد الأصدقاء البارزين في التيار الصدري أنه لا مشكلة حول السوداني بالنسبة للسيد الصدر، بل إنه يزكي فيه نزاهته وإخلاصه لدينه ووطنه، لكن الاعتراض الصدري يتعلق بالطريقة التي وصل السوداني من خلالها للترشح لرئاسة الوزراء، وإني آمل من جهتي أن يتجاوز السيد الصدر هذه التحفظات العابرة، ولتكن الأيام هي الحكم على قدرات الرجل وإمكاناته، خاصة أن نجاحاته المتكررة في الانتخابات النيابية العراقية، أو في المناصب التنفيذية التي تولاها، وزارية كانت أم غير وزارية، قد دلّت إلى ما لديه من مهارة عالية في الإدارة والإنجاز، وإلى كسب القبول والاحترام من الشعب، وقد آن الأوان ليحصل على فرصة دون أن يحكم عليه أحدٌ بالفشل مسبقاً، عسى أن يستطيع هذا المهندس "هندسة" أوضاع وطنه، والانتقال به، بحسب ما يطمح العراقيون وكل من يحب العراق ويتمنى له الخير، إلى المكانة التي تستحقها هذه البلاد، والتي تليق بتاريخها وحضارتها وأهلها الطيبين..


أخيراً.. وفيما ليس لدي أي مصلحة في من سيصبح رئيس وزراء العراق المقبل، فإنني على ثقة تامة بأن في الوقوف إلى جانب هذا الرجل ودعمه تحقيقاً للمصلحة التي نريدها جميعنا لأجل العراق وشعبه، وإذا ما تقلّد الرئاسة فإني أرجو له من الله التوفيق والسداد، فالرجل الذي كان يوماً ما صبياً حزيناً لمقتل والده وأقاربه، ما زال حزيناً وقلقاً على بلاده وعلى كل من يتهدده الموت والعنف فيها لأنه يعبر عن رأيه. فالسوداني وغيره من الشرفاء الذين ذاقوا مرارة الظلم لن يأتوا لينتقموا لمظلمتهم، بل ليرفعوا المظلمة عن الجميع بعدما اختبروا شدة وقعها في نفوس العراقيين.

من واجبي أن أقول هذا لأبناء الرافدين، وقد حان الوقت لكي يستعيد العراق المكانة التي يستحقها، لا بالأماني فحسب، بل بإخلاص أبنائه الشرفاء وحرصهم وتضحياتهم، ممن أدعو الله أن يختار الشعب منهم رئيس الحكومة وبقية الوزراء والمسؤولين.

حسن إسميك، رائد أعمال، ومفكر عربي، يكرّس اهتمامه لنشر الثقافة الفلسفية، وتطوير الخطاب العقلاني العربي، له مجموعة من المنشورات في القضايا السياسية العربية، وهو كاتب أعمدة أسبوعية في الصحافة العربية والعالمية.