التغيرات المناخية لا تستثنى أحدًا، سواء كانت دولًا فقيرة أو غنية، إلا أن الفقراء هم من يدفعون الثمن الأكبر.
ليس هذا كلامى، بل كلمات أغلب الدراسات التى خرجت عن مراكز الأبحاث العالمية أخيرًا، والتى شددت على ضرورة معالجة المخاطر الناجمة عن التغيرات المناخية فى الدول الفقيرة، لأنها فى الأساس تفتقد العديد من مقومات التنمية، ما يجعلها تعانى أكثر من الدول الغنية.

ولأن دول إفريقيا هى الأكثر فقرًا وندرة فى مقومات المواجهة، فإنها ستدفع الثمن أكثر من غيرها، إذ تتركز فى منطقة جنوب الصحراء الإفريقية ثلث موجات الجفاف العالمية، والمُعرضة بشكل أكيد إلى ارتفاع مستمر مع استمرار التغيرات والتقلبات التى تضرب العالم، ولاسيما مع ارتفاع درجات الحرارة التى تؤثر على تلك البيئات نتيجة لاعتمادها على الزراعة القائمة على مياه الأمطار فقط.

تلك البلاد وغيرها فى القارة السمراء، وبعض الدول الأخرى فى أمريكا اللاتينية وآسيا، للأسف، لا تملك التمويل والقدرات المؤسسية اللازمين لتنفيذ برامج مواجهة التغير المناخى، ولا حتى تنفيذ برامج التكيف المطلوبة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن بعض البلدان الأشد عرضة لموجات الحرارة الشديدة ونوبات الجفاف والعواصف وارتفاع مستويات البحار غالبًا ما تواجه احتياجات تنموية مُلحة أخرى ترهق ميزانياتها ومؤسساتها، سواء فى مرحلة التفكير والدراسة، وصولًا إلى مرحلة التنفيذ التى عادة ما تهملها الحكومات على وقع مبدأ (اللى يعوزه البيت يحرم على الجامع).

والحقيقة هنا أن البيت والجامع فى نفس النطاق، وأن القصور فى تلبية احتياجات هذا سيؤثر حتمًا فى موارد هذا. فكيف يكون الحال إذا لم نعالج قصورًا فى البيئة الزراعية؟!، إذ سيكون لهذا مردود أشد قسوة على المحاصيل، وبالتالى إنتاجية الأغذية الحيوية.

ومثلما شدد جميع الحضور فى قمة المناخ (cop 27) المنعقدة حاليًا فى شرم الشيخ، فإن الوقت يقتضى أن يقدم المجتمع الدولى مساعدات للبلدان الفقيرة وغير القادرة على مواجهة التغيرات المناخية وتأثيرها، أو التكيف مع التغيرات.

وأعتقد أن دور القمة هو التأكيد على الدول الغنية فى العالم أن تفى بالالتزامات التى قطعتها على نفسها من قبل فى القمم السابقة، لأن الوقت ليس فى صالح الكوكب بشكل عام، كما أنه ليس فى صالح الفقراء بشكل خاص، ومن لا يتصور خطورة الأمر فإنه حتمًا سيدفع الثمن غاليًا، لأن ما قرأناه من دراسات أخيرة يشير إلى أن الوضع مؤلم للغاية، وأن التأثيرات التى كان العلماء يحذرون من وقوعها فى زمن بعيد صارت أقرب لنا من الغد.