احتفى العالم باليوم العالمي للمستقبل الذي اعتمدته «اليونيسكو» في 2 ديسمبر، بالتزامن مع عيد الاتحاد الحادي والخمسين. وبعد ثلاثة أيام، انتظمت النسخة الأولى لـ«حوار أبوظبي للفضاء»، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وبمشاركة نخبة واسعة من صانعي القرار والمؤسسات والخبراء في قطاع الفضاء، ينتمون لنحو 50 دولة حول العالم.
والواقع أنّ هذين الحدثين، وغيرهما، ترفد القوة الناعمة لدولة الإمارات، التي حظيت بتوثيق عالمي، بمصادر زخم جديدة. فوفقاً لدليل القوة الناعمة العالمي لعام 2022، تصدرت دولة الإمارات منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا بفارق كبيرٍ عن أقرب منافسيها، وتبوأت المركز الـ15 على المستوى العالمي، بين 120 دولة يغطيها الدليل، الذي يتكون من 11 مؤشراً، تغطي المجالات السياسية الداخلية والخارجية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية. وفي مؤشرات نوعية، مثل قوة التأثير والأعمال والتجارة والعلاقات الدولية وكفاءة الاستجابة لـ«كوفيد - 19»، فاقت الإمارات ترتيبها العام.
ويمكن إضافة مؤشرات نوعية أخرى إلى دليل القوة الناعمة، تتمتع فيها دولة الإمارات بميزة نسبية، لعل أهمها مؤشر قوة جواز السفر الإماراتي، وتحول الدولة إلى قوة معيارية في مجال تغير المناخ أهم مظاهرها استضافة قمة المناخ «كوب 28» العام المقبل، وكونها البلد المفَّضل للشباب العربي للانتقال إليه والعمل والعيش فيه.
وتُركز دولة الإمارات على تطوير أدوات قوتها الناعمة، في إطار برنامجٍ شامل لتعظيم مقدراتها القومية؛ من أجل متابعة أهدافها ومصالحها الدولية. فقد أطلقت الدولة «استراتيجية القوة الناعمة»، وأسست مجلساً وطنياً للقوة الناعمة عام 2017، وأكدت مبادئ الخمسين «سبتمبر 2021» على مركزية هدف «ترسيخ السمعة العالمية لدولة الإمارات»، وتضمنت المبادئ الثمانية للسياسة الخارجية الإماراتية، في عهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، تعزيز القوة الناعمة للدولة لتحقيق أهدافها ومصالحها الوطنية.
وتُوظف دولة الإمارات توليفة متنوعة من أدوات القوة الناعمة، أهمها- الأدوات الدبلوماسية، والسلوكيات الداعمة للشرعية الدولية، وجاذبية النموذج الذّي تطرحه على الصعيد الاقتصادي (نموذج التنمية المتنوع مجالياً والمنفتح اقتصادياً) وعلى الصعيد السياسي (النموذج الاتحادي المرن ونموذج دولة المستقبل)، وعلى الصعيد الثقافي (نموذج التعددية الثقافية والتعايش السلمي بين الأعراق المختلفة). ويتصل بذلك أنّ دولة الإمارات غدت منصة انطلاق فكرية لمحاربة الأفكار المتطرفة في العالم العربي والإسلامي، من خلال مراكز التميز الدولية التي بادرت بها، وأسستها على أرضها. كما أدركت القيادة السياسية الإماراتية أهمية الدبلوماسية الإنسانية، أو العمل الإنساني الدولي، كأحد مصادر القوة الناعمة للدولة بأنْ جعلتها أحد المبادئ العشرة (المبدأ التاسع) للخمسين الثانية.

علاوة على ذلك، غدت الإمارات عاصمة المعارض والمؤتمرات والفعّاليات الدولية. ويمكن الإشارة، في هذا الخصوص، إلى «إكسبو 2020 دبي» معرض الدفاع الدولي «آيدكس»، معرض دبي للطيران، قمة مجالس الأجندة العالمية، القمة العالمية للحكومات، والقمة العالمية لطاقة المستقبل. كما أصبحت الدولة أهم الواجهات السياحية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومن أهم 10 وجهات سياحية في العالم، وتحافظ على مركزها المتقدم ضمن أسعد الأمم. دون الحديث عما تضيفه الأدوات الإعلامية العديدة والمتنوعة من رصيدٍ متنام للقوة الناعمة الإماراتية؛ يسهم في تعزيز صورتها الإيجابية في الخارج.