يترجل عام 2022 مخلفاً وراءه جملة من الأحداث والتطورات سوف يكون لها ما لها في عام قابل، وربما الأعوام المقبلة.
بادئ ذي بدء، تتجه حرب أوكرانيا إلى حالة من الجمود، برغم الحديث المتكرر عن هجوم روسي وشيك أو قريب على كييف وشمال أوكرانيا انطلاقاً من الأراضي البيلاروسية، وبرغم توقع البعض باستمرار زخم الهجوم الأوكراني المضاد لدرجة التنبؤ بإمكانية انتصار أوكرانيا. ويبدو أنّ لحظة السلام لم تحن بعد في أوكرانيا. فالطرفان الرئيسان للصراع (روسيا وأوكرانيا) لا يزالان مستمسكين بتحقيق أهدافهما كاملةً غير منقوصة، ولا ينبئ سلوكهما عن الاستعداد للحلول الوسط. كما أن الحلفاء، الذين باتوا منخرطين في الحرب فعلياً، يدعمون هذا الاتجاه «اللاسلمي» لطرفي الحرب.
من ناحية أخرى، خلفت حرب روسيا على أوكرانيا أثراً عكسياً لما ابتغته القيادة الروسية، فقد تم تقوية الناتو وتعزيز دوره في الأمن الأوروبي والعالمي، وتقوية الرابطة عبر الأطلنطي. والواقع أن إحدى معالم حصاد عام 2022 قد تكون الإعلان رسمياً عن تمدد الناتو في العام المقبل، بانضمام كل من فنلندا والسويد إليه.
وقد تم التمهيد في عام 2022 لاتجاه النظام الدولي نحو التعددية. ولنتذكر قمة شي جين بينغ - فلاديمير بوتين (فبراير2022)، وقمة سمرقند لمنظمة شنغهاي للتعاون (سبتمبر)، وزيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للسعودية والقمتين اللتين جمعته بقادة دول مجلس التعاون الخليجي وبعض دول المنطقة (ديسمبر). وفي النظام التعددي الجديد، سوف تكون الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، وربما الهند والبرازيل واليابان القوى الكبرى فيه.
وفي زحمة الحوادث التي يموج بها العالم، وبسبب غبار الاضطراب الكوني الذي يخلفه لنا عام 2022، لم يلتفت أحد إلى إرهاصات ثورة علمية تتشكل في الضفة الشرقية للمحيط الهادي، في كاليفورنيا، وبالتحديد في مختبر لورانس ليفرمور الوطني، الذي أنشئ في عام 1952 للمساعدة في تصميم وتطوير الأسلحة النووية. فقد نجح الباحثون في المختبر في إنتاج طاقة نووية اندماجية باستخدام الليزر، ويكافحون للوصول بها إلى المستوى الصناعي في غضون عقدين من الزمان.
وقد خلف عام 2022 تأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمي، من ناحية النمو الاقتصادي وأمن الطاقة والأمن الغذائي وتهديد سلاسل الإمداد العالمية ومستوى التضخم. ويظهر الاقتصاد العالمي مؤشرات محدودة للتعافي من صدمة التضخم التي تسببت فيها الحرب الأوكرانية - الروسية بالنسبة لأسعار الطاقة والغذاء. وتتراوح أرجح التوقعات للاقتصاد العالمي، في الأجل البعيد، بين الركود والركود التضخمي.
ولم يترجل عام 2022 إلا بعد ترسيخه لتنامي ظاهرة التنافس بين الدول الكبرى، ولاسيما الولايات المتحدة والصين وفرنسا وروسيا، والإقليمية، وخاصةً تركيا وإيران، على أفريقيا جنوبي الصحراء وعلى مواردها الهائلة. وقد دخلت ألمانيا بآخره على خط «التنافس الدولي» في أفريقيا.
وقد يكون الحصاد الإيجابي الذي يخلفه لنا عام 2022 هو انتهاء جائحة كورونا. فوفقاً لعالم الفيروسات الألماني ورئيس علم الفيروسات في مستشفى برلين الجامعي، انتهت الجائحة، ويأخذ كوفيد-19 بالتحول إلى مرضٍ متوطن، ومن غير المتوقع ظهور متغير جديد للفيروس، فضلاً عن أن مناعة البشر أصبحت واسعة ومرنة.
- آخر تحديث :
التعليقات