ينقضي اليوم العام الأول على الغزو الروسي لأوكرانيا. فشلت المرحلة الأولى من الحرب الروسية، ولم يتمكن جنود الرئيس فلاديمير بوتين من الإطباق على العاصمة كييف واعتقال الرئيس المنتخب ديموقراطياً فولوديمير زيلينسكي أو تصفيته. في ما بعد سارت الحرب في اتجاهات مختلفة، حققت روسيا بعض المكاسب على الأرض، أهمها الاستيلاء في شهر أيار (مايو) 2022 على المدينة الاستراتيجية المطلة على بحر آزوف ماريوبول، وذلك بعد تدمير معظم أحيائها وسقوط آلاف القتلى بين المدنيين.

كل المكاسب البرية التي حققتها القوات الروسية في الأسابيع الأولى من الحرب تبددت مع توسع القتال، وتمكن الجيش الأوكراني من القيام بهجمات مضادة ناجحة في أكثر من جبهة، لا سيما أن الدعم العسكري الغربي حقق للقوات الأوكرانية بعضاً من التفوق النوعي لموازنة التفوق العددي للقوات الروسية. ولذلك من المهم الإشارة إلى أنه بعد مرور عام على الهجوم الروسي، رغم كل المحاولات، لم تتمكن روسيا من تحقيق انتصار حاسم على أوكرانيا،لا بل بالعكس، فإن مسرح العمليات شهد في مناسبات عدة انتصارات ميدانية للقوات الأوكرانية، انتهت تارة بانسحاب الجيش الروسي من مواقع كان يحتلها منذ الأيام الأولى للحرب، أو بإخلائه مواقعه في مدن كبيرة نسبياً مثل خيرسون الاستراتيجية الواقعة على ضفة نهر الدنيبر في الجنوب.

واليوم بعد مرور 365 يوماً على بدء الحرب لا يبدو أن القوات الروسية تمتلك القدرة على حسم المعركة، نظراً إلى حجم الخسائر التي مُنيت بها، فضلاً عن ضعف بنيوي تعانيه القطعات العسكرية من مختلف الأسلحة. بدورها، لا يبدو أن أوكرانيا قادرة على إلحاق هزيمة بالقوات الروسية ما لم ترفع الدول الغربية الرئيسية من حجم الأسلحة التي تمد بها كييف ونوعيتها. هذا الأمر دونه مخاطر كبيرة، أقلها أن ينزلق الأطراف المتقاتلون، إما مباشرة أو غير مباشرة، إلى حرب مفتوحة. هذا السيناريو لا يخلو من مخاطر اللجوء في لحظة ما إلى استخدام السلاح النووي التكتيكي. إنه سيناريو كارثي في قلب القارة الأوروبية لا يريده أحد.

في مطلق الأحوال، مع فشل روسيا في حسم الحرب لمصلحتها، واستحالة رفع الغرب من مستوى دعمه لأوكرانيا بالسلاح المتطور، يصل الطرفان إلى معادلة سلبية. الطرفان عالقان في عنق الزجاجة. روسيا غير قادرة على ابتلاع أوكرانيا، وأوكرانيا غير قادرة على هزيمة روسيا. وفي المحصلة سيحتاج الطرفان للجلوس إلى الطاولة والتفاوض. الشروط التعجيزية ستتعقلن في ما بعد. وكلما أسرع الطرفان في وقف الحرب والجلوس إلى طاولة المفاوضات خرجا معاً بتفاهمات مقبولة. المهم أن يقتنعا بأن الحرب يستحيل لأي منهما أن يكسبها. لذا من الأفضل اللجوء إلى الدبلوماسية الخلاقة.