جميع الدلائل كانت تشير الى أن طريق النظام السوري الى الجامعة العربية فتحت الى حد أن التقديرات أشارت الى احتمال كبير لكي تتم دعوة الرئيس السوري بشار الأسد الى القمة العربية المقررة في 19 أيار (مايو) المقبل في الرياض.

إنما أتت زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الى السعودية للقاء وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ثم البيان الذي صدر في أعقاب الزيارة لتثير الشكوك حول الأمر. وبدا واضحاً أن وزارة الخارجية السعودية هي التي أعدت المضمون فتغير الانطباع السابق الذي كان يرجح عودة النظام الى الجامعة بمناسبة انعقاد قمة الرياض. لماذا؟ لأن البيان الذي صدر تضمن ما يشبه خارطة طريق متدرجة لعودة دمشق الى "الحضن العربي".

فقد بدا أن البيان يمكن تقسيم بنوده ومرحلتها إلى قسمين، الأول المتعلق بما هو مطلوب من دمشق بصفة مسبقة كمقدمة لما "يسهم في عودة سوريا الى محيطها العربي واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي" كما ورد في البند ما قبل الأخير من البيان، والثاني ما هو مرتبط بالعلاقات الثنائية والخطوات التنفيذية الفورية التي تتعلق بعودة الخدمات القنصلية فقط والرحلات الجوية بين البلدين!

في القسم الأول يمكن التوقف عند البنود الآتية وهي اشبه بشروط سعودية مسبقة:
1- حل سياسي للازمة السورية يحافظ على وحدة سوريا وأمنها واستقرارها وهويتها العربية وسلامة أراضيها و يحقق الخير لشبعها الشقيق.

2- حل الصعوبات الإنسانية وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات لجميع المناطق السورية.

3-تهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين الى مناطقهم وانهاء معاناتهم، وتمكينهم من العودة بأمان الى وطنهم واتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في استقرار الأوضاع على كامل الأراضي السورية.

4-تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب بكافة اشكاله و تنظيماته.

5-تعزيز التعاون بشأن مكافحة تهريب المخدرات والاتجار بها.

6-دعم مؤسسات الدولة السورية لبسط سيطرتها لانهاء تواجد المليليشيات المسلحة والتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي السوري.

7-تسوية سياسية شاملة للازمة السورية تنهي كافة تداعياتها وتحقق المصالحة الوطنية وتساهم في عودة سوريا الى محيطها العربي واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي.

تؤشر هذه اللائحة الطويلة من المطالب السعودية وأبعد من السعودية ربما الى أن امام دمشق طريقاً طويلاً قبل أن يتم التعامل معها كدولة طبيعية. إنها لائحة مطالب مرتبطة بالحل السياسي الشامل الذي يمثل حسب تسلسل البنود والأفكار المعبر الى "عودة سوريا الى محيطها العربي واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي".

وجميع البنود الواردة يمكن قراءتها على أنها واقعة في خانة المطلوبات من النظام لا سيما بنود مرتبطة باللاجئين والنازحين السوريين الذين لم يفعل النظام شيئاً من اجل "تمكينهم من العودة بأمان الى وطنهم"! أو الإشارة الى "تعزيز التعاون بشأن مكافحة تهريب المخدرات و الاتجار بها" ! إن اهم من كل ذلك أن البيان لم يشر الى ما هو أبعد من عودة الخدمات القنصلية والرحلات بين البلدين. لقد كان البيان في مكان ما أشبه بمضبطة اتهام .

مع ذلك، ثمة توجه من عدة دول عربية تريد تسريع عودة دمشق الى الجامعة العربية، ولا تربطها بخارطة طريق. بيد ان تريث عدد من الدول الأخرى في الموضوع قد يرحل الامر الى ما بعد قمة الرياض. والخبر اليقين سيأتي في اعقاب الاجتماع التشاوري العربي الذي يعقد اليوم في جدة لبحث الموضوع. ففي أي اتجاه ستهب رياح جدة ؟