إلى متى سيظل أهل البحث والاختبار الغربيون يسبقون العرب إلى اكتشاف أسرار تاريخنا، وماضي الحضارات التي سادت ديارنا في القرون الخالية؟ أحياناً لا نعرف حتى ما هو الغرض تحديداً، إذ تلوح التجارب ذات طابع فنّي، ذوقي، أو مجرّد إشباع لحبّ الاطلاع، أو دعماً لدافع توثيقي لتطمئنّ قلوبهم وتقتنع أذهانهم. لكن يظل البحث العلمي بحثاً علميّاً، وما هو بالهزل، فلا تقل: لماذا يُضيع الخبراء وقتهم الثمين في ما لا يسمن ولا يغني من جوع؟

علماء آثار من جامعة جون مورس في مدينة ليفربول البريطانية، تاقوا واشتاقوا إلى معرفة الوجه الحقيقي لنجم نجوم ملوك مصر الفرعونية، رمسيس الثاني، الفرعون الثالث من الأسرة التاسعة، الذي طال حكمه، فقد حكم مصر سبعاً وستين سنة، من 1279 إلى 1213 قبل الميلاد. عاش تسعة عقود، ويقال فوقها عام. فكيف استطاعوا رسم وجهه بالأبعاد الثلاثية في رسمين، أحدهما لِمَا كان عليه قبيل وفاته في التسعين، والآخر عندما كان في الخامسة والأربعين أو الخمسين، أيّامَ كان في أوج اقتداره.

لتحقيق هذا التحدي المذهل، أجرى الباحثون مسحاً بالأشعة السينيّة لمومياء الفرعون، لإعادة تشكيل كل أجزاء وجهه بالأبعاد الثلاثية. وهكذا تمكّنوا من الحصول على نتائج دقيقة في تجاعيد جبهته، شكل حاجبيه، زاوية أنفه وفكّه ومنحنى أذنه التي بدت شحمتها مثقوبة. ثم أجرى المتخصصون في التصوير عملية «قل للزمان ارجع يا زمان»، بفضل تقانة الرقمي، لتصوّر وجهه كيف كان في الخامسة والأربعين. طلباً للمزيد من النزاهة والوصول إلى أفضل الخواتيم، استعان علماء الفريق بالخبيرة المصرية سحر سليم، من جامعة القاهرة، لتكون الغاية المنشودة وجه رمسيس الثاني المصري بلا أخطاء شائبة، فأهل مصر أدرى بفراعنتها. كلمة رمسيس تعني «سليل الإله رع»، أي ابن الشمس. لك أن تقول إن لويس الرابع عشر، أشهر ملوك فرنسا، لم يأت بجديد حين حمل لقب «الملك الشمس». (عن الموقع الفرنسي: يهمّني، سا مانترّيس).

لزوم ما يلزم: النتيجة العجبيّة: هل تستحق مثيلات هذه المنّة الممنونة الضئيلة على العرب من قبل الغرب، كل التاريخ الاستعماري وعذاباته الوحشية بفرية القيم الحضارية، إلى يومنا؟