في نسخته الثانية جاء مهرجان ليالي المحرق 2023 ليكشف عن الهوية الحقيقية لمدينة المحرق القديمة، فبمناسبة الأعياد الوطنية بشهر ديسمبر (العيد الوطني وعيد جلوس جلالة الملك المعظم) تم تنظيم مجموعة من الفعاليات بمختلف محافظات البحرين الأربع، وكان مهرجان المحرق هو الأبرز لما يحتويه من فعاليات مختلفة على مدى عشرة أيام.

لقد شهدت مدينة المحرق واحدة من أبرز المواسم الثقافية (مهرجان ليالي المحرق)، فقد كشفت المحرق عن هويتها الثقافية والتاريخية عبر طريق اللؤلؤ الذي تم تصنيفه في العام 2012 ضمن قائمة التراث العالمي لليونيسكو، وبالعام الماضي تم تدشين فعاليات ليالي المحرق لتأخذ زخمًا واهتمامًا كبيرًا، وجاء المهرجان هذا العام في نسخته الثانية ليضيف جمالاً على هذه المدينة الساحرة.

الحضور الجماهيري هذا العام، سواءً من المواطنين أو المقيمين أو السياح من دول مجلس التعاون الخليجي وغيرهم من العرب والأجانب كان عاملاً مساعدًا في نجاح المهرجان، وهو الأمر الذي أكد على نجاح برنامج وخطة تطوير المنطقة القديمة على مدى السنوات الماضية للمحافظة على المباني والمحلات والمهن القديمة، والأجمل هو تواجد البحريني في كل المواقع ليتحمل مسؤولياته، فكل الشكر والتقدير لهم.

لقد تم اختيار موقع الفعاليات بعناية فائقة في العاصمة القديمة (المحرق)، ففي شوارع وطرقات المحرق القديمة، مكان المهرجان، شهدت أحداثًا تاريخية عظيمة، ففي هذه المنطقة تحديدًا (المحرق) تواجد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بالعام 1892، وفي العام 1914 سار في طرقاتها العلامة محمد بن خليفة النبهاني، وفي العام 1922 زار أسواقها وموانئها الأديب الرحالة أمين الريحاني، وشهدت زيارة الزعيم التاريخي عبدالعزيز الثعالبي، وجلس في قهاويها تجار اللؤلؤ والذهب والسفن والخشب، وغيرهم كثير، فالحديث ليس عن مبانٍ وأسواق تم ترميمها وإعادة بنائها، ولكنه حديث عن سجل تاريخي قادم من الزمن الجميل.

مدينة المحرق خلال السنوات الماضية شهدت اهتمامًا كبيرًا من الدولة ومن مؤسسات المجتمع لما لها من مكانة عالية، فقد شهدت جهودًا بارزة للتجديد والتطوير والمحافظة على التراث والنسيج العمراني، فعلى طول ثلاث كيلومترات من قلعة بوماهر الأثرية إلى بيت ومسجد سيادي في فريج الشيوخ يقع طريق اللؤلؤ، وهو الموقع الذي فاز بجائزة الأغا خان للعمارة في العام 2019.

ليالي المحرق 2023 والذي جاء بتنظيم من هيئة البحرين للثقافة والآثار بالتعاون مع مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث هو فرصة لاكتشاف المحرق القديمة من جديد، كموقع سياحي وأثري وتجاري، فعلى طول طريق اللؤلؤ كانت الفعاليات البحرينية الأصيلة حاضرة بما لها من ارتباط بالبحر والتجارة والأسواق وغيرها، وكان الشباب البحرين حاضراً في كل المواقع.

في ليالي المحرق كانت الأغاني الوطنية حاضرة وبقوة، وأمسيات الموسيقى والألحان الجميلة، والسينما والرسم والأزياء والملبوسات البحرينية، والمطاعم والمأكولات الشعبية، وركن الأطفال، وحلوى شويطر، والخباز البحريني.

لقد عكست ليالي المحرق مستوى التطور الثقافي والفني الذي تشهده مملكة البحرين، وهي شهادة الكثير من الحضور والمشاركين، فكانت العمارات القديمة موقعًا مناسبًا لأقامت الأعمال الفنية وعروض الفرق الموسيقية الشعبية، فقد تحولت المحرق خلال أيام المهرجان إلى ساحات ثقافية جميلة تعكس تطور المجتمع البحريني.

السؤال في ليالي المحرق عن بعض الأماكن التي ارتبطت بالوجدان ولم تكن حاضرة في المهرجان، مثل سينما المحرق وقهوة الطواويش وقهوة العلوي ومصنع صناعة الحلوى وزنجبار قمبر وباجة سالمك وغيرها، نتمنى أن نشاهدها في الأعوام القادمة، عساكم على القوة.