كم سنةً مضت على عام 1930؟ أين كانت الصين آنذاك؟ وهل كانت أفضل حالاً تنمويّاً من بلاد العرب؟ ضع هذه الأسئلة جانباً، سنعود إليها. موقع «ساي تك ديلي» (مختصر: العلم، التقانة، اليومي- 13 يونيو)، نشر مقالاً تحت عنوان: «الانتقال الآني صار واقعاً: بلغ دقة 90%».

انتقال المادّة عن بعد، أي من نقطة إلى أخرى من دون عبور الحيّز المادّي بينهما (تليبورتيشن)، حلم الأحلام، وقد يظل وهم الأوهام إلى ألوف السنين، مئات الألوف. الآمال معقودة في حدوث تحوّلات سحرية في النظريات الفيزيائية. علماء الفيزياء موقنون أن العلم، الذي هو علم العلوم، قد وصل إلى زاوية حادّة إذا لم تصبح زاويةً منفرجةً، بفيزياء جديدة، أو في الأقل نظرية، فإن على العلماء أن يخترعوها. هؤلاء يُرثى لحالهم. نحن البسطاء، الذين لا نعرف شيئاً من هذا العلم، الذي يراه أينشتاين «العلم الوحيد، والباقي كله تفاصيل»، يغنينا عن شقاء العقل بعلمه أنه لا يعلم، قول الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: «اللهمّ إنّا نسألك إيمان العجائز»، أي من دون كيف ولماذا؟ أمّا علماء الفيزياء فيُقيمهم فكرهم «بين العجز والتعب» بتعبير المتنبّي. أكبر العلماء يجهلون 95% من مادّة الكون. في قول المعرّي مكر عبقري: «وما العلماء والجهّال إلاّ.. قريبٌ حين تنظر من قريبِ».

تخيّل أنك تحتاج إلى ما بين خمسين وتسعين مليار سنة، لتبلغ تخوم الكون المنظور، إذا صارت لك سرعة الضوء، ثلاثمئة ألف كم/ثانية. عندها ستجد الطريق أطول، لأن الكون يتوسع. ها نحن عدنا إلى موضوع الانتقال الذاتي. إذا كان عبّاس بن فرناس تألق خياله العلمي في الطيران، فإن المسافات الكونية تستدعي فيزياء مختلفة. منذ سنة 1930، بدأ الباحثون في الفيزياء النظرية، في الولايات المتحدة، يفكّرون في الانتقال الآني. أولئك كان يُنظر إليهم كفنانين في الفيزياء أو مشعوذين. لم ييأسوا، وفي السنة الماضية، 2023، صاح فريق منهم صيحة أرخميدس: «وجدتها».

بعد تسعة عقود حدثت المعجزة، استطاع العلماء نقل إلكترون بضعة أمتار، من نقطة إلى أخرى من دون عبور الحيّز المادي بينهما. في ميراثنا: «ما ضاع حق وراءه مطالب»، فليكن القياس: ما ضاع حلم وراءه باحث. اليوم إلكترون وغداً ذرّة، وبعد غد جُزيء، ثم مادّة. بعد قرن، ألفيّة، ألوف السنين، يتفكك الجسم على الأرض، وقبل ارتداد الطرف يعود تركيبه على مسافات نجومية. العمل بلا هوادة في «جامعة العلوم والتقانات الصينية». أين كانت الصين سنة 1930؟

لزوم ما يلزم: النتيجة الإيقاظية: الانتقال الآني الكمومي قد يقلب مستقبلاً مفهوم الحضارة. متى سيطلب الناس العلم ولو في بلاد العرب؟