ناهد الأغا
الفروسية لغة تعني الإقدام والشجاعة؛ أن تكون فارساً يعني أنه ليس فقط لك المقدرة على الدفاع عن النفس والديار والقتال في ساحات الوغى والمهارة في نزال الخصم في الصولات وبالتالي تنال غايتك في تحقيق الانتصار فحسب... وإنما يحتم عليك أن تجمع الأخلاق العربية الأصيلة والمبادئ السامية التي تجعل أي أمة تفخر بها، وعلى رأسها المروءة والكرم والجود والعفاف والنجدة وإغاثة الملهوف ومراعاة حق الجوار والإيثار ومزج القول بالعمل إلى ما هنالك من قيم نبيلة... وكل ما ذكر من مبادئ إنسانية تجمعها مع القوة والشجاعة والحنكة في القتال.
أما إن تحدثنا عن الفروسية كرياضة؛ فهي تعرف بـ «مهارة ركوب الخيل»؛ حيث كانت في القرن الماضي رياضة محصورة على أبناء الملوك والنبلاء لكنها فيما بعد عام 1912 أدرجت ضمن الألعاب الأولمبية والهدف الرئيس من إقامتها للترفيه والتنافس.
لرياضة الفروسية أشكال مع ذكر بعضها في هذا المقام منها:
الترويض: وهو عبارة عن تدريب الفرس قبل السباق على بعض التمارين يؤديها أمام الحضور.
القفز: ويشترك في تأديتها كل من الفرس والفارس وهي مهارة مشتركة يتجاوز كلاهما حواجز خلال زمن محدد.
القيادة المشتركة: يشترك في هذه المهارة عدد من الخيول يجرون عربة ويبدؤون بالترويض أولاً ثم الماراثون.
سباقات الأحداث: يقوم المنافسون بالاشتراك في مسابقة واحدة بدايتها الترويض ثم سباق الضاحية ومن ثم قفز الحواجز.
ركوب التحمل: تجرى فيها المنافسة لمسافات طويلة يتسابق فيها الفرسان والخيول.
قفز الفروسية : وهي مهارة جميلة يؤديها الفارس على ظهر فرسه بإيقاعات منضبطة من الرقص ورياضة الجمباز.
الكبح: يكون فيها الفارس هو المعلم الماهر حيث يوجه فرسه ليؤدي بعض الدورات تتخللها وقفات وبمنتهى الدقة.
سباق الضاحية: وهو سباق يتجاوز فيه الفارس مسافة 30 إلى 40 عقبة وبزمن اختياري محدد.
وهناك شروط يتوجب توافرها لمن يرغب من الأشخاص بممارسة رياضة الفروسية تتعلق بتوافر مهارات لدى أولئك الأشخاص وعلى رأسها:
المهارات الجسدية: بنية جسد قوية كقوة العضلات والتوازن وصحة القلب.
المهارات العقلية: يتوجب الانضباط والوعي... اللطف والحزم في ذات الوقت... الإرادة والإصرار والصبر على ذلك ويكون لديه المقدرة على التفاعل مع المشاكل وحلها.
المهارات الفروسية: وهي القدرة على استيعاب وفهم لغة الجسد لاستخدامها في فهم الفرس وكل ما يتعلق بالخيل من حاجات أساسية كصيانة الحوافر وتركيب السرج واللقاحات وإلى ما هنالك من أشياء ضرورية.
ولو أردنا التحدث عن أهمية الخيل للوهلة الأولى نستذكر حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة».
وندرك من معنى الحديث الشريف ماللخيل من أهمية ومن خير وفضل إلى يوم الدين.
وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: «علموا أولادكم السباحة الرماية وركوب الخيل».
وهناك قول جميل جداً يصف طباع الخيل الأصيلة: «في الخيل عزة لا يستطيع الإنسان أن يفهمها؛ إنها تحزن ولا تبوح؛ وتتألم ولا تنكسر».
والخيول العربية ترجع أصولها إلى 4500 سنة حيث عاشت في الجزيرة العربية، ومن ثم توزعت في باقي دول العالم بطرق كثيرة منها الحروب أو المبادلات التجارية ويلجأ إلى استخدامها لتحسين قدرات بعض سلالات الخيول الأخرى وجعلها أكثر تحملاً وصبراً وسرعة عن طريق التناسل مع بعضها البعض. وتشكل الخيول العربية الحضور الأول في السباقات الدولية؛ وتمتلك دماً عربياً أصيلاً وعظاماً قوية؛ وبنية جسدية ورأساً مميزين؛ وذيلاً يشرئب ارتفاعاً وانسياباً... وبهذه الصفات المتفردة يسهل معرفتها من بين جميع سلالات الخيول في العالم.
ولعل العصر الجاهلي أكثر العصور التي كان يعج وجود الشعراء الفرسان فيها؛ نذكر منهم المهلهل بن ربيع التغلبي، امرؤ القيس، عنترة بن شداد العبسي وعمرو بن كلثوم. ولاشك أن مآثر الفروسية وسمو أخلاقها ورفعة مبادئها قد سكبها الشاعر الفارس في نظمه للشعر؛ فهو يتحدث عن أسفاره ومغامراته ويذكر بطولاته وإقدامه ومعاناته سيما في الحب؛ وخير مثال على ذلك ما قاله الشاعر العبقري في وصفه لمحبوبته عبلة وهو يمتطي فرسه في خضم وطيس المعركة الحامي تتفجر قريحته بأبهى الشعر عذوبة وطلاوة فيقول:
ولقد ذكرتك والرماح نواهل
مني وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها
لمعت كبارق ثغرك المتبسم
التعليقات