في إحتفالية السفارة السعودية يوم الثلاثاء 23 أيلول 2025 ﺑ «اليوم الوطني السعودي اﻟ 95» لمس السفير الدكتور وليد بخاري بعض جوهر العلاقة السعودية – اللبنانية التي كانت في بداية زمن لبنان الحديث الإستقلال متميزة ثم زادها تميزاً الحرص من جانب الرئيس الشيخ بشارة الخوري على أن يكون الملك عبدالعزيز رحمة الله عليه المرجع الحادب على لبنان، والذي عند حالات الشدة يتطلع رئيس الدولة إلى دور تقوم به المملكة أو نُصح يرفد ولي الأمر، وهو هنا الملك عبدالعزيز، الرئيس اللبناني بما من شأنه تخفيف الأثقال عن الكاهل. وفي الخمسينات كانت الهموم الإقليمية والتعقيدات فضلاً عن حالات تراوحت بين الضغوط على لبنان لتحديد موقف وبين تداعيات نشأت بعد إغتيال رئيس الحكومة رياض الصلح (وهو في زيارة إلى الأردن) أحد أبرز رموز العمل الوطني وشريك رئيس البلاد في صياغة الميثاق الوطني، تستوجب رأياً ونصحاً من جانب الملك المؤسس. وكأننا بالسفير وليد بخاري الذي أوجبت رحابة إتصالاته السياسية ولقاءاته مع المرجعيات الروحية دون تفضيل مرجعية عن مرجعيات، وكذلك مهمته في اللجنة الخماسية على مدى أكثر السنوات السياسية اللبنانية تعقيداً أن يستحضر من يوميات أزمات لبنان الأربعينات ثم الخمسينات والتعمق في مضامين أوراق عن تلك الحُقب ما أورده بإيجاز في كلمته في إحتفالية اليوم الوطني السعودي والتي تقترب من إكمال قرن في عهدة الحفيد محمد بن سلمان بن عبدالعزيز رمز التأسيس الثاني الذي تكون فيه المملكة باتت قطباً عربياً إسلامياً في خارطة الدول الأكثر تأثيراً عند صياغة القرارات الأممية، أي أن المملكة باتت مؤهلة لكي تكون الدولة السادسة في الترتيب إلى جانب الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا. ولقد كان الدور السعودي – الفرنسي الذي نقل المجني عليها فلسطين من كوكب الضياع إلى الكوكب المضيء بحيث تكتمل معالمها السياسية كدولة كاملة الحقوق، من المؤشرات إلى ما المتوقع حدوثه.
في كلمته أمام الأطياف اللبنانية السياسية الظاهر منها والمستتر إستعاد السفير الدكتور وليد بخاري عبارة الملك عبدالعزيز «لبنان قطعة منا، وأنا أحمي إستقلاله بنفسي ولا أسمح لأي يد أن تمتد إليه بسوء». ثم يضيف تقييماً من جانبه لحالة «لبنان السعودية» ماضياً وحاضراً ودائماً قائلاً: «إنّ هذا الإرث العريق من العلاقات المميَّزة يحملني على أن أؤكد لكم أنّ الموقف السعودي في طليعة المواقف الإقليمية والدولية التي تشدّد على ضرورة الإلتزام بسيادة لبنان وإستقلاله ووحدة أراضيه بما يتوافق مع قرارات الشرعية الدولية والعربية ذات الصلة، كما أؤكد حرص قيادة المملكة الرشيدة على لبنان وشعبه بكافة فئاته وطوائفه ومناطقه، وإحاطة جميع مكوناته بأواصر الأُخوّة والمحبة دون تفرقة ولا تمييز. لقد كان موقف المملكة ثابتاً منذ اللحظة الأُولى: دعْم الدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية، وإحترام خيارات اللبنانيين، وإيمان راسخ بأن الشرعية هي حجر الأساس لأيّ بناء وطني متين». وشدّد على أنّه «ونحن على أعتاب مرحلة جديدة نتلمّس منها فجر وطن يغالب الأخطار والتحديات ويتجاوزها ليستحقّ إعتزاز العالم بقدرته على النهوض، لذا نتطلع أن يبقى لبنان سيّداً حرّاً مستقلاً عربياً، وأن ينعم شعبه بالأمن والإستقرار والإزدهار؛ وأن يبقى وطناً لأهله، كلّ أهله، ومقصداً وموْئلاً لكلّ محبّيه وأشقائه وعشّاقه، وسنواصل جهودنا الحثيثة مع شركائنا الدوليين من أجْل مستقبل أفضل للبنان، وحضّ جميع الأطراف على تغليب المصلحة الوطنية العليا والتّلاقي من دون إبطاء من أجل أن يسكن السّلام كلّ السلام أديم سماء لبنان وأرضه، كما أؤكد لكمْ بأن السلام في الشرق الأوسط خيارنا الإستراتيجي، وواجبنا ألاّ ندِّخر جهدًا للعمل معًا نحو مستقبل أفضل للبشرية جمعاء».
ويبقى التذكير الذي ينفع الذكرى أن هذه الوقفة المبدئية من جانب المملكة العربية السعودية مرتبطة بوصية الملك المؤسس عبدالعزيز لأبنائه وللأحفاد كما أنها برسم شعب المملكة والتي جاء في جوهر كلماتها المئتين وعشرين نُصحه لكل مَن سيتولى المُلك مِن بعده أبناء كانوا ثم أحفاداً قوله: «تفهَّم أننا نحن والناس جميعاً، ما تُعز أحداً ولا تُذل أحداً وإنما المعز والمذل هو الله سبحانه وتعالى. من إلتجأ إليه نجا ومَن إغترَّ بغيره (عياذ الله) وقع وهلك. عد إلى الله في الرخاء تجده في الشدة...».
وبموجب روحية هذه الوصية كان لبنان دائم الحضور في «أجندة» إهتمامات خادم الحرميْن الشريفيْن الملك سلمان بن عبدالعزيز وإهتمامات إخوانه وأشقائه (رحمة الله عليهم) سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله رموز الحُكم السعودي.. وكانت المملكة حاضرة في وجدان اللبناني بمن في ذلك الطيف الذي فرضت بعض المعادلات جنوحه نحو التحدي.. ثم نراه راهناً يجنح نحو إرواء العلاقة بما يبقيها على نضارتها.
وعلى الله الإتكال.














التعليقات