أكد نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس وهو يعاين المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين ، ضمن تعليقاته علي الأجواء المتوترة بينهما إبان زيارته للجنوبية منهما أن صبر بلاده الإستراتيجي " قد نفذ " .. ولما إستفسر واحد من الصحفيين المصاحبين له عن المقصود من وراء ذلك ، علق قائلاً " ان مساعي إدارة الرئيس ترامب لتوفير الامن في شبه الجزيرة الكورية عبر الوسائل السلمية والمفاوضات ، بلغت نهايتها " وأن كافة الخيارات لوقف عدوانية كوريا الشمالية علي جيرانها أصبحت تفرض نفسها علي الطاولة " ..
أدلي مايك بنس بهذه التصريحات ، و ..
1 - عينه علي حاملة الطائرات فنسون – علي ظهرها ما لا يقل عن 80 طائرة مقاتلة ومروحية - التى وصلت إلي شواطئ كوريا الجنوبية قبل ذلك بأيام قليله يرافقها ثلاثة سقن قاذفة للصواريخ وعدد من الغواصات ..
2 - في ذهنه أيضاً العمليتين العسكريتين اللتين قامت بهما قوات بلاده المسلحة .. ضد قاعدة عسكرية سورية باستخدام صواريخ اطلقتها سفن حربية تتخذ من شرق البحر المتوسط منصة تجسس ومراقبة ومتابعة لأحوال العواصم الهامة في المنطقة .. وضد تنظيم داعش ، حيث قامت طائرة حربية –لأول مرة - بألقاء قنبلة وزنها حوالي طن علي أحد القواعد التابعة له في قلب أفغانستان ..
لذلك لم يكن مستغرباً أن تصف صحيفة الفاينانشيال تايمز هذه التصرفات بأنها لا تدعو " للبهجة " لأنها تعلن "تؤشر لعودة أمريكا إلي موقع شرطي العالم " وما تعكسه من إحتمالات " انفجار العديد من النقاط الساخنة هنا وهناك " الأمر الذي يفتح الباب لمزيد من المشاكل التى قد تجلب علي الغرب مزيد من القلاقل والإضطرابات والصدامات نتيجة تواصل إشتعال النيران التي لم ينجح العالم في إطفائها رغم مرور عدد من السنين ..
كوريا الشمالية ليست بالخصم السهل .. هكذا تقيس وسائل الإعلام الأوربية إبعاد الحملة المتصاعدة بين بيونج يانج و واشنطن ..
- علي الاقل عند مقارنتها بسوريا التي قُصفت إراضيها بلا تنسيق مع روسيا .. وأفغانستان التى إنتهكت سيادتها بلا تحذير ..
- والتى لا تتراجع قيادتها ولا ترتعد كرد فعل للتصريحات المتتالية التى يدلي بها الرئيس الامريكي ونائبه ووزيري الخارجية والدفاع ..
- والقادرة علي التهديد والوعيد إلي حد الإعلان عن قدرتها علي إجراء تجربة إطلاق صواريخ باليستية مرة كل إسبوع برغم فشل تجربتها الأخيرة ، بل وتعلن أنها قادرة علي القيام بهجوم استباقي ضد أهداف امريكية إذا لزم الأمر ..
أما الصين فيمكن القول أنها ليست في حيرة من أمرها حيال هذا الصراع .. فهي وان كانت قد أوقفت استيراد الفحم من كوريا الشمالية كأداة من أدوات التطويع لمسارات التهدئة التى تتولي بكين مسئوليتها في هذه المنطقة من العالم ، إلا أنها سارعت بتحذير كافة الأطراف المتداخلة بين دفتي هذا الملف ..
- الطرفان الرئيسيان .. واشنطن وسيول ، بأن تصاعد التوتر إذا أدي إلي إندلاع حرب في المنطقة فلن ينتهي بمنتصر وخاسر !! وإنما إلي دماء وخراب لا يستطيع ان ينفي احدهما مسئوليته عنها أمام الرأي العام العالمي والهيئات الدولية المسئولة عن حفظ السلم والأمن العالميين ..
- الأطراف المؤججة للنيران ، خاصة كوريا الجنوبية .. بانها ستكوت أكثر المتضررين من جراء هذه الحرب إذا أندلعت برغم وجود حوالي 30 ألف جندي أمريكي بأحدث معداتهم العسكرية فوق أراضيها ..
- الجيران الصامتون .. لأن صمتهم لن يمنع عنهم الشرر قليله أو كثيره..
في ضوء هذه النقاط الثلاث حرصت القيادة الصينية علي إبلاغ الجنرال هربرت ماك ماستر كبير مستشاري الأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي أنها علي إستعداد للعمل مع البيت الأبيض " لأختيار افضل الأساليب للتعامل مع بيونج يانج بما يتوافق مع مصالح شعوب المنطقة ومصالح أمريكا " ..
وبرغم توافق بكين / واشنطن علي خطورة إملاك كوريا الشمالية لأسلحة نووية ، إلا أنها لا تساند هذه المقولة من زاوية " عداء كل منهما للآخر " وأنما من مفهوم بكين للأمن والسلم الدوليين خاصة في هذه المنطقة شديدة القرب منها .. ويعتقد غالبية المحللين أن الرئيس الصيني شي جينبينج حرص علي تأكيد وجهة النظر هذه إبان زيارته الأخيرة لأمريكا ، مما جعل الرئيس دونالد ترامب يقول في مقابلة له مع صحيفة وول ستريت جورنال أنه بعد عشر دقائق من الإنصات لضيفه " إدرك أن الأمر ليس بالسهولة التى كان يتصورها " ..
لكل هذه الإعتبارات .. حرص وزير الدفاع الأمريكي ماتيس علي التأكيد ، وهو في طريقة لزيارة عدد من دول الشرق الاوسط ، علي ان بلاده لن تستجيب لمحاولات الإستفزاز التى تقوم بها كوريا الشمالية وان إدارة الرئيس الأمريكي ستعمل علي تعزيز تعاونها مع الصين للسيطرة علي الوضع " بهدف إخلاء شبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي " بعد ان توافقت مع اليابان علي ضرورة العمل معاً لإقناع الصين بـ " القيام بدور أكبر في التعامل مع كوريا الشمالية " ..
كافة التوقعات التى علقت علي هذه التطورات من جانب كبري العواصم في العالم ، تشير إلي استعداد بكين للقيام بهذا الدور للأسباب التالية ..
أولاً .. لإبعاد أي شكل من اشكال الصراع العسكري الميداني عن المنطقة القريبة من بحر الصين الذي تعتبره منطقة سيادة ترفع عليها لافته " ممنوع الإقتراب " ..
ثانيا .. ولتعزيز علاقاتها المستحدثة مع الفلبين – بعد توتر إمتد لسنوات - التى اعلن رئيسها رودريجو دوتيرتي في شهر اكتوبر الماضي " إنهاء علاقة بلاده بالولايات المتحدة الأمريكية – بعد ان وافقت بكين علي دعمها " مجاناً " بصفقة أسلحة صغيرة وزوارق حربية قيمتها 14 مليون دولار + قرض ميسر قميته 500 مليون دولار لشراء أسلحة أخري وفق احتياجات " حربها ضد الإرهاب والإتجار في المخدرات " ..
ثالثا .. ولإقناع واشنطن بتأجيل فرض عقوبات إقتصادية ضد بيونج يانج بعض الوقت لإختبار نتائج جهودها الرامية لتخفيف حدة التوتر في المنطقة ودراسة الجوانب الخاصة بإخلاء شبه الجزيرة من الأسلحة النووية ..
بقيت كلمة ..
أزعم أن تَعمُد وزير الدفاع الأمريكي التأكيد بقوة علي تنامي التنسيق مع بكين حول " خلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية ، وهو في طريقة إلي السعودية .. يحمل في مضمونه رسالة " شديدة اللهجة " لطهران تُحذرها من عواقب تماديها في بث العنف في سوريا ولبنان العراق واليمن بما يؤثر سلباً علي مصالح دول الخليج العربي المتحالفة معها ، فهل تعي إيران الرسالة ؟؟ ..
التعليقات