سألني مرة دبلوماسي من&منطقة&الشرق الأوسط عن&رأيي&عن&أهم فرق لاحظته بين منطقة الشرق الأوسط واليابان وكان ردي: "اليابانيون درسوا تاريخهم&بدقة ونزاهة وصدق، وبطريقة علميه&بحثية&دقيقة،&وحاولوا تجنب أخطائه، بينما&شعوب&منطقة الشرق الأوسط تخاف أن&تدرس تاريخها علميا&حتى الآن،&لذلك تكرر&نفس الأخطاء عقد بعد عقد،&وقرن بعد قرن."&فهل تعلم&عزيزي القارئ&بأن الأبحاث اليابانية بينت بأن طريقة انتقال المعلومة&بين&عقول&البشر&لا تعتمد إلا على 7% من الكلمات التي ننطق بها أو نكتبها، بينما 38%&منها تعتمد على نبرة الصوت، 55% على تعابير الوجهة والجسم، حينما تنطلق الكلمات من&شفاهنا. لذلك لا يعتمد اليابانيون على الكلمات التي يسمعونها&أو&يقرؤونها، فهي لا تعني الكثير لديهم لأنها تمثل فقط 7% مما في عقل الانسان، بل يعتمدون على نبرة الصوت وتعابير&الوجهة ولغة&الجسم لكي يعرفوا ما بعقل الشخص المتكلم. ولذلك يشكو البعض حين الاجتماع مع اليابانيين بأنهم نائمون في الاجتماعات ولا يتكلمون، بل يكررون فقط كلمة هاي هاي هاي، بينما في الحقيقة يغمض الياباني&نصف&جفنيه جزئيا لكي يركز على ما يعنيه المتحدث، في عقله لا بحروف كلامه، ومع انه تبدو&عينيه&مغمضة، ولكنه&يتعمق&في دراسة نبرة الصوت،&وتعابير الوجهة والجسم، لكي يعرف ما يعنيه الشخص في عقله،&وليس ما يقوله بلسانه، بينما يستخدم كلمة "هاي" لتعني بأني فهمت ما تقوله، ولا تعني بأنني موافق على ما تقوله.&بينما نحن في منطقة الشرق الأوسط&ننصت قليلا&لنسمع بإذننا،&ونتكلم كثيرا&انفعالا، ونفهم معنى ما يقوله الشخص من&خلال شفتاه لا عقله، ولا نركز على&دراسة&نبرة الصوت كثيرا، ولا على حركات الوجهة والجسم، والتي هي في الأساس علم مهم جدا لتعلم التواصل بين&البشر. وطبعا هذا واضح جدا حينما نحاول تفسير تاريخنا،&بل حتى أحاديث ديننا، لذلك تجد خلافاتنا في السياسة والتاريخ والعقائد الدينية عميقة، وقد عبر عن ذلك وزير الدفاع الإسرائيلي، موشي ديان،&الذي قاد الجيش الإسرائيلي في الحرب العربية الإسرائيلية لعام 1967، وحقق انتصار تاريخي لبلاده، وهزيمة نكراء للعرب&بإن:&"العرب لا يقرأون،&وإذا قرأوا لا يفهمون."

ومع الأسف الشديد&يكرر التاريخ&نفسه&في منطقة الشرق الأوسط، وقد يكون ذلك واضح في&تصريحات الزعامة الإيرانية عن طائرتها الحربية الجديدة،وصواريخها التي تهبها لعملائها&"الثوريين"،&ومغامرات&امتداد قوتها في الشرق الأوسط في بغداد ودمشق وبيروت وغزة،&بينما يعاني شعبها من تخلف اقتصادي مرعب، بحيث ان وصل قيمة الدولار الأمريكي&أكثر من&مائة وسبعة وستيين&ألف ريال إيراني،&والذي كان يساوي في&عهد الشاه في&عام 1973&حوالي&68 ريال.&وحينما يشكو الشعب الإيراني من الوضع المتردي يعلق على المشانق الالكترونية في وسط ساحات المدن وبكل صفاقة ولا إنسانية.&فلم تستوعب&حتى الآن الزعامة&بأن السبب&الرئيسي لزوال&نظام&الشاهنشاهالإيراني،&انشغال ملكه&رضا شاه بهلوي&بجمع الأسلحة الامريكية،&على حساب قوت شعبه،&ليكون زعيم الشرق الأوسط الأوحد.&كما لم يستفيدوا&أيضا&من أخطاء زعماء العرب،&فالرئيس المصري جمال&عبد الناصر، رحمه الله،&دمر&الحلمالعربي&بمغامرة&إغلاق&مضيق تيران&ضد إسرائيل. فلنتذكر&في يوم 13 مايو من عام 1967 قرر الرئيس جمال عبد الناصر غلق مضائق تيران،&بعد ان وصله خبر كاذب بعزم إسرائيل الهجوم على سوريا،&ردا على توقيعها اتفاق الدفاع المشترك مع مصر، ومع انه ثبت كذب الخبر، قرر عبد الناصر التصعيد والمضي في معركته الكلامية،&مع أن قيادات الجيش المصري أكدت له بأن الجيش المصري غير مستعد لحرب مفاجأة&غير مدروسة&مع إسرائيل وحلفائها الغربيين،&لتنتهي&بالتعبئة الإسرائيلية،&وهجومها المباغت المفاجئ،&وبهزيمة عام 1967 المخجلة،&وذلك بتدمير إسرائيل للدفاعات المصرية والسورية والاردنية، مع استيلائها على سيناء وغزة والجولان والضفة الغربية،&مع احتلال تيران وصنافير، ولتكن اكبر هزيمة سيكولوجية للشعب العربي، مما أدى بالكثير&من الشباب&للكفر بالفكر التقدمي&والتوجه نحو الأفكار الراديكالية اليمينية المتطرفة. &كما لم تستفد&هذه الثيوقراطية&من أخطاء&النظام العراقي السابق،&بإعطاء الانطباع بأنه يملك أسلحة دمار تقضي على إسرائيل، وليتوجه&بغزوة&لدولة الكويت،&ولتنتهي&هذه المغامرات&بالغزو الأمريكي ودمار&العراق، وانتشار الفكر&الطائفي والداعشي.

فيبدو بأن الزعامة الثيوقراطية الإيرانية&لم&تتعلم&من التاريخ المخجل للزعامات الثورية في الشرق الأوسط،&وبأن السياسة ليست ايديولوجية&فكرية أو&طائفية مطلقة، بل فن التعامل النسبي، وبأن الدين هو طهارة روحية سامية، بينما السياسة نجاسة دنيوية متقلبة وزائلة،&وتحتاج لخبث وذكاء،&ولا تناسب روحانيات رجال الدين، وقد أكد ذلك آية الله منتظري&للزعيم السياسي الإيراني&الخميني،&معارضا لبدعة ولاية الفقيه،&ليضعه تحت حبس اجباري في بيته&حتى مماته،ويبقى السؤال:&هل ستنتهي هذه العنتريات&بدمار جديد في الشرق الأوسط،لتكرر مآسي&الهزائم في مصر والعراق وسوريا ولبنان وليبيا واليمن،&وبهزيمة دمار أخرى في إيران،&ولتعاني من تبعاتها الاقتصادية والأمنية&الشعب الإيراني الجار، وجميع دولنا العربية&ومنطقة الشرق الاوسط؟

يبدو عزيزي القارئ بأن&هذه الزعامات&الشرق أوسطية&الثورية&والايديولوجية&تستلم الحكم،&لا لكي&تحقق التنمية المستدامة لشعوبها،&بتوفير الوظيفة والرعاية التعليمية والصحية والاسكانية، ونظام تقاعد وتعطل لشعوبها،&بل لكي&"تسكر"&بأحلام&ثورية&خيالية باهتة،&من التوحيد الاممي للعالم، الى توحيد المسلمين في دولة&ثيوقراطية&أو داعشية، أو بحلم وحدة&عنصرية&للعربوإلقاء إسرائيل في البحر،&بل&لكي&تنتهي&أخيرا&ثوراتها الى انقلابات متكررة، ولتترافق بإرهاصات ايديولوجياتها الخيالية، ليدفع&شعوبها ثمن البطالة وانتشار&الإهانة والذل&والجوع&والفقر&والجهل والمرض.&

والجدير بالذكر بأن&مملكة البحرين&الجميلة لم تنجو من هذه الأنواع من القيادات "الثورية"&المتطرفة&المعارضة، وخاصة مع فترة وباء، ما سمي بثوراتالربيع العربي، ولولا حكمة&وحزم وصبر&القيادة،&ودعم الدول الخليجية والعربية الصديقة،&لعانت هذه المملكة الصغيرة الجميلة&من مآسي&ودمار&هذه المغامرات&الأيديولوجية&اللاشرعية&"الثورية".&ولنتذكر بأن مملكة البحرين ستعيش تكرار عرسها الديمقراطي، بتوجه جماهير&شعبها&لانتخاب المجلس النيابي&في شهر نوفمبر&القادم،&وقد نحتاج لدراسة تجربة&نصف قرن من التقدم والتطور والإصلاح، بعد&انتهاء&مرحلة الحماية البريطانية في عام 1971، وبعد قرار الدولة بأن تلتزم بنظام رأسمالي ذا مسئولية مجتمعية، حيث تحافظ على الحرية الشخصية&لتملك&رأس المال،&مع توفير شبكة حماية اجتماعية تجمع بين الرعاية الصحية والتعليمية المجانية،&ونظام حماية اسكانية وتقاعدية مع&تأمين للبطالة، ومحاولة&توفير فرص العمل لكل مواطن.&كما&استفادت الحكومة&من العلاقات التاريخية البحرينية&مع بريطانيا لتطوير الرعاية الصحية والتعليمة، ونظام الخدمة المدنية، ونظم الاتصالات والمواصلات والمرور. وقد استمرت هذه التجربة&في التقدم والتطور&مع بدايات الالفية الثالثة،&حيث وافق 98.4% من شعب البحرين على ميثاق وطني،&تتحول&فيها&دولة&البحرين لمملكة دستورية تجمع بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية. ومع الاسف&لتبدأ&هذه&التجربة بمقاطعة المعارضة&"الثورية"&المتطرفة&للانتخابات&النيابية&لعام 2001، بحجة ان&جزء من البرلمان الوطني (مجلس الشورى)&معين،&أو ما يسمى في اليابان بمجلس المستشارين، وفي بريطانيا بمجلس اللوردات،&مع ان كثير من ديمقراطيات اليوم العريقة بدأت بنفس هذه التجربة، حتى تتطور الثقافة&الديمقراطية وتجذرت&أصولها.&ويبقى&السؤال لعزيزي القارئ:&هل أصبحت الثورة في الالفية الثالثة انفعال وداء جماهيري مدمر، يعطل التنمية المستدامة في زمن&التكنولوجيات&السريعة&والذكاء الآلي، ويخلخل&الامن والاستقرار والسلام، لتصبح جهود الوقاية منها واجبة، لمنع استخدامها كعلاج للإصلاح، أو بصورة أخرى هل انتهى عهد الثورات؟&ولنا لقاء.

اليابان من وجهة نظر عربية

هل حان الوقت للثورة على الذات؟

د. خليل حسن&

&

لقد&عانى الفكر العربي خلال المائة سنة الماضية من الخلاف حول خيرة الوسائل لتحقيق التنمية المستدامة، الرأسمالية المطلقة أم الشيوعية المطلقة أم الاشتراكية المطلقة أم الثيوقراطية المطلقة؟ لأن ثقافة المطلق، وثقافة الكأس المليان، وثقافة الواحد والصفر (الواحد للفائز والصفر للمنهزم)، وثقافة الصدر أو القبر (نحن قوم لا توسط عندنا...لنا الصدر بين العالمين أو القبر)، هي العقيدةالمنتشرة في منطقة الشرق الأوسط. كما استمر الخلاف حتى اليوم حول صلاحية الثورة المفاجئة او الإصلاح التدريجي. وقد عقد الإجابة على هذا السؤال تطورات العولمة الجديدة، بعد أن تحول العالم لقرية عولمة صغيرة وسريعة التغير جدا، ليطرح فريق بأن تغيرات العولمة بتكنولوجياتها السريعة لن تعطي الفرصة لثورة تقلب مؤسسات الدولة رأسا على عقب، والتي ستحتاج لوقت طويل مرة أخرى لإصلاحها، فإعادة الإصلاح نفسه، وتطوير خبراته، وتقيم أخطاه وتعديلها، يحتاج لوقت طويل، بل سيحتاج لثورة تصحيحية، ومن ثم لثورة تصحيحية أخرى، ومن ثم الى انقلاب عسكري، وليؤدي ذلك لتخلف هذه الدولة عن عجلة سرعة العولمة، ولتتخلف عن تحقيق تنميتها المستدامة، بسبب صراعات قياداتها على السلطة، مع تعثر تعاملها مع تحديات العولمة الاقتصادية المتصاعدة والسريعة،&وجميع هذه الحقائق عاشتها شعوبنا العربية في العراق وسوريا وليبيا.&كما تتصور هذه الفئة بأن ثورات الشرق الاوسط خلال المائة سنة الماضية، انتهت معظمها لدكتاتوريات علمانية او ثيوقراطيات سرطانية، أدت لتخلف المواطن، وعطلت التنمية المستدامة، بل لتضيف لهذه التحديات حروب طائفية، دمرت البنية التحية، وجرحت وقتلت مئات الألوف، وخلقت ملايين من اللاجئين الجدد، فالذين كانوا يساومون على النكبة، خلقوا عدة نكبات جديدة في وطننا العربي، بل واسوء منها.&

وقد واجهت بلدي مملكة البحرين هذه التحديات الفكرية بين الثورة والإصلاح منذ الاستقلال في بداية سبعينيات القرن الماضي، مع اختلاطات النكبة، والحروب العربية الاسرائيلية، ومع المد القومي الناصري والاشتراكي البعثي والرأسمالي الساداتي، لتبرز خاصة مع موجات ما سمي بالربيع العربي في عام 2011،&بين فريق دعا لاختيار الإصلاح التدريجي، وفريق آخر طالب بالثورة، وقد استغلت الفرصة دول مجاورة، لتدفع بعملائها لمحاولة الدفع لثيوقراطية سرطانية انقلابية فاشلة. لقد كرر شعب مملكة البحرين اتفاقه على طريق الإصلاح التدريجي المتزن والحكيم، في عام2001، حينما وافق 98.4% منه على ميثاق وطني، أنبثق منه دستور أكد بأن البحرين مملكة عربية دستورية، كدولة معاصرة تضم نظام تنفيذي حكومي، وسلطة قضائية مستقلة، وسلطة تشريعية تجمع بين مجلس شورى معين من خيرة خبرات البلد المخلصة للوطن، ومجلس نيابي منتخب من عامة الناس، كما اكدت التشريعات الجديدة بمنع الجمع بين الخطاب السياسي والخطاب الديني، وعلى أن تتطور هذه التجربة من النظام الرأسمالي ذي المسئولية الاجتماعية، بتوفر الخدمات التعليمية والصحية والسكنية والوظيفة مع نظام تعطل وتقاعد. ويبقى السؤال لعزيزي القارئ: هل حان الوقت لأن تركز المعارضة على الثورة الذاتية في الإنسان ذاته، لكي يحقق التنمية المستدامة، وذلك بتركيزه على فلسفة النقد الذاتي، لكي يحقق إصلاح شخصي ومجتمعي، أكثر أخلاقية وعلما وتدريبا وبإنتاجية مهارة مبدعة، وخاصة بعد أن انخفضت إنتاجية الفرد في المنطقة لأقل من الساعة في اليوم، وبتجنب البذخ في الاكل والشرب وفي استهلاك الكهرباء والماء وفي السكن والسفر وفي تجنب اخطار المرور بثقافة اخلاق مرورية عالية، وفي الوقاية من الامراض والحوادث بتوازن الاكل والشرب وبسلامة السياقة&بأخلاقيات&ثقافة مرورية عالية؟&بل هل ممكن&ان يشارك في خفض الدين العام الذي سيقضي على مدخرات الأجيال القادمة؟&وهل من الممكن ان نستفيد من التجربة اليابانية للإجابة على هذا السؤال؟

​لمعالجة هذا الموضوع، نحتاج لمراجعة كتاب&بعنوان إمبراطور اليابان، "ميجي" وعالمه، 1852-1912، كتبه بروفيسور جامعة كولمبيا الأمريكية، دونالد كين، والمتخصص في الادب والتاريخ الياباني. فقد قام هذا البروفيسور بمراجعة مخطوطات القصر الامبراطوري خلال الفترة 1852-1912 من تاريخ اليابان، ليعرض من خلالها تاريخ حكم امبراطور عهد التنوير، الإمبراطور "ميجي"، الذي لعب دورا هاما في&ووضع قواعد أخلاقية "بوشيدية" رصينة لحداثة يابان اليوم. فقد كانت تعيش اليابان منذ القرن الثالث عشرة تحت نظام اقطاعي حازم، يجمع بين ديوان إمبراطوري، منغلق الإمبراطور "الإلاهي" في قصره، وليس له علاقة بأمور الحكم، بل لا يخرج من قصره، ومحرم أن يراه المواطنين، وبين حكم عسكري يديره "الشوجن" (الحاكم العسكري)، وبمساعدة "الديموس" (لوردات الحرب) تتحكم في المناطق (250 ديمون) المختلفة من البلاد، مع مساعدة عساكر الساموراي، الذين كانت لهم قوة وسلطة واخلاقيات محددة، ومميزات مادية سخية في المجتمع. وقد ثار والد إمبراطور&"ميجي"، الامبراطور "كومي" على النظام العسكري الاقطاعي في البلاد، بعد ان توج امبراطور لليابان في عام 1848، وحاول ان يبرز قوة القصر الامبراطوري لإصلاحه، ولكنه توفي من اختلاطات مرض الجدري،&والبعض يعتقد من مؤامرة&ضد الاصلاح بتسميمه بمادة الزرنيخ،&وهو في السادسة والثلاثين من عمره، مما أدى ذلك لأن يصبح ابنه الامبراطور "ميجي" امبراطور اليابان المائة والاثنين والعشرين، في عام 1867، وهو في الخامسة عشرة من عمره.

لقد واجهه الإمبراطور "ميجي"، وهو في سن المراهقة تحديات كبيرة، تجمع بين تكملة دراسته (دراسة اللغة اليابانية والإنكليزية والاخلاقيات والقوانين الكونفوشيسية والادب والثقافة والتاريخ الياباني، والعلوم والرياضيات)، وبين تكملة الاصلاحات التي بدأها والده. وكانت من أكبر تحدياته الخارجية هي انفتاح اليابان المنغلقة على العالم، مع التعامل مع أطماع دول الغرب في اليابان، وفي مرحلة استعمارية غربية صعبة من التاريخ، مع حل مشاكل الحدود مع الصين وروسيا، والخوف من غزو الغرب لكوريا الضعيفة، والذي كان خطر على أمن اليابان. أما تحديات الحكم الداخلية فكانت معقدة جدا، وتتعلق بتطوير النظام العسكري الدكتاتوري الاقطاعي المتخلف، لنظام ديمقراطي غربي متقدم، بصبغة وثقافة يابانية متطورة. كما كان عليه ان ينقل اليابان من يابان العصور الوسطى إلى يابان التنوير والحداثة المعاصرة، بالتعليم والتدريب وبالأخلاقيات البوشيدية.&

وقد كانت من أهم التحديات التي واجهها إمبراطور ميجي في السنة الأولى من حكمه، فتح ميناء "هايجو" للأجانب، وحل مشكلة الجزر الشمالية مع روسيا، وإخماد الثورة ضد الدولة في منطقة "جوشو"، وإقناع الشعب الياباني بضرورة الانفتاح على الغرب مع الاستفادة من خبراته العلمية والتكنولوجية وتجربته الإصلاحية الديمقراطية في الحكم. وبعد حوارات ذكية مع مستشارية ولوردات الاقاليم، ومع قوة شخصيته العاقلة والصبورة والمتواضعة والبسيطة والحكيمة والرزينة والحازمة والكريمة، استطاع أن ينجح في كسب ثقة الشعب، واخماد الثورة في الشمال بعلاج أسبابها، كما اتفق مع روسيا على حل مرضي لجزيرة سكلين الشمالية، وفتح بعض موانئ البلاد للأجانب وسمح لهم المتاجرة فيها، كما بدأ تهيئة الشعب لثورة تعليمية كبيرة، وإصلاحات ديمقراطية مهمة.

​وقد برزت حكمته وهو صغير حتى في الحوادث الصغيرة المحرجة، فمثلا كان دائما يستشار في قضايا مختلفة من رجال الدولة، وبدل أن يطرح الحلول، يصر على عرض هذه القضايا للنقاش المفتوح بين مستشاريه وممثلي الشعب، ليدفعهم لإيجاد الحلول المناسبة، بدون أن يطرح حلول بنفسه، لإيمانه بأن من يعتقد بأنه اكتشف الحل، سيكون اول من سيدافع عنه، ويحاول أن ينفذه. فمثلا، في صباح يوم 14 يوليو من عام 1867، في السنة الأولى من حكمه، وهو في الخامسة عشر من عمره، وبعد ان بدأت الأجانب الاستقرار في اليابان، اكتشفت واعتقلت وسجنت إدارة مدينة ناجازاكي مسيحي في الثامنة والستين من عمره. حيث كان اعتناق المسيحية ممنوع في اليابان، ومنذ مائتين وخمسين عاما، وليبقى المسيحيين الذين كان معظمهم من الفلاحين وصيداي الاسماك، مختفين عن بطش القانون. وقد كان هذا الموضوع موضوع حساس مع دول الغرب المسيحي، الذي كان الإمبراطور ميجي يحاول كسب ثقتهم، وقد استطاع بحكمته الاستفادة من هذه الحادثة، لمناقشة عامة لموضوع حرية اعتناق الاديان، ولينتهي بوضع قانون يسمح بممارسة الأجانب لدياناتهم المختلفة في اليابان وبحرية.&&

​وفي عام 1881 بدأت المطالبة بدستور وبرلمان وطني للبلاد، بعد أن هيئ الامبراطور ميجي منذ استلامه الحكم وبذكاء، شعب اليابان لهذه الخطوة، للتخلص من الحكم العسكري الدكتاتوري للشوجن، وهو في مقتبل العشرينات من عمره. فبعد أن حس الحاكم العسكري بالضغوط الشعبية، ومن جهات مختلفة في الدولة، وبعد أن أرسل مستشار الامبراطور ميجي، ياماجاتا اريتومو، في شهر ديسمبر من عام 1869 رسالة الى رئيس الوزراء يشرح تصوره حول الحكم الدستوري، وخاصة بعد استياء عامة الشعب من الحكومة، بسبب ارتفاع نسب البطالة والتباطؤ الاقتصادي وتدهور القيم والأخلاق، والذي أدى لبروز حركات المطالبة بالحرية والحكم الدستوري، ليصبح من الضرورة الملحة إرجاع ثقة الشعب بالحكومة، وذلك باصطلاح&النظام التشريعي والقضائي والحكومي، وإلا ستندلع نار ثورة أخرى في الشمال. ومع أن المستشار أكد بأن هذه الإصلاحات ستحتاج للوقت، ولكن يمكن البدء أولا بوضع القواعد الأساسية لها، كما أكد بضرورة عدم الإضرار بمسئوليات الديوان الإمبراطوري في الدستور الجديد. وقد بدأت أولا عملية الإصلاح على مستوى المحافظات، حيث انتخبت مجالسها البلدية، وليؤكد المستشار بضرورة اختيارا&خيرة العقول المبدعة في هذه المجالس للبرلمان الجديد. وقد دعم رئيس الحكومة هذه التصورات، كما أيدها الامبراطور بقوة. كما حذر أحد المقربين للإمبراطور السيد "اتو" خوفه من تأثير الثورة الفرنسية على الشعب، بل يجب الاستفادة منها بذكاء، للمحافظة على الاستقرار والحكم الإمبراطوري، كما يجب أن تكون خطة تأسيس البرلمان مدروسة بدقة، للمحافظة على الاستقرار في البلاد، واقترح بان يتشكل البرلمان من مجلسين على النمط الأوربي، بأن يكون المجلس "الأعلى" مكون من مائة شخص يختارون من خيرة النبلاء وعساكر الساموراي، لكي يضمن ولائهم، وتكون مسئوليته دعم الديوان الامبراطوري والمحافظة على الإرث والثقافة اليابانية. بينما سيتشكل المجلس "السفلي" من مشرفيين، ينتخبون من مجالس المحافظات، وتكون مسئولياته محددة بالأمور المالية. واعتقد "ايتو" بأن البرلمان سيخلق الاستقرار في البلاد، بينما سيقي المجلس الأعلى المجلس السفلي من التطرف والانحراف.&

بينما وضع المستشار المقرب من جلالة الإمبراطور،"اوكوما شيجينوبو"، سبعة مواد للمناقشة حول الدستور: لتناقش المادة الاولى تحديد يوم افتتاح البرلمان، واختيار الأشخاص لوضع مواد الدستور، وتحديد تاريخ بدأ بناء البرلمان الجديد. بينما تناقش المادة الثانية، تعيين مسؤولين، اعتمادا على مدى ثقة الشعب فيهم، كما ان تعكس قرارات البرلمان القادم رغبات الشعب، وبأن قيادة الحزب الأكثر شعبية سيقود البرلمان، كما ان تأسيس الملكية الدستورية ستساعد جلالته في اختيار خيرة المسؤولين لمساعدته، حيث سيختار رئيس الوزراء، ويطلب منه تشكيل الحكومة. اما المادة الثالثة تركز على التميز بين نوعين من المسؤولين، مسئول منتخب تنتهي مهمته حينما تنتهي فترة انتخابه، ومسؤول يحافظ على مركزه بشكل دائم، بشرط ان يكون محايد ولا يسمح له أن يكون عضو في البرلمان. اما المادة الرابعة فتؤكد بأن يكون الدستور مبسط، يضم اساسيات عامه، ويحدد مسئوليات السلطة الادارية، كما يوضح حقوق المواطن بدقة. بينما تقترح المادة الخامسة بأن يبدأ البرلمان مع بداية عام 1883، وليتحقق ذلك يجب ان يصدر الدستور في عام 1881، وبأن يتم اختيار أعضاء البرلمان في نهاية عام 1882. وناقشت المادة السادسة تشكيل الأحزاب، بينما أكدت المادة السابعة على اخلاقيات العمل السياسي والتنفيذي، وخاصة بضرورة أن تكون الأحزاب مخلصة لروح الحكومة الدستورية، لا أن تدخل في صراعات لتحقيق مصالحها الخاصة، وبذلك تشوه التجربة الديمقراطية، للأجيال القادمة. &

وقد بدأت تتطور الأمور التنفيذية، وليبدأ ولأول مرة في تاريخ اليابان أن يكون الجيش تحت امرة الإمبراطور، ليس تحت سلطة الحاكم العسكري، وقد أكد الإمبراطور على ضرورة أن يكون ولاء العسكر للوطن. وبهذه الأفكار كتب وطور الدستور الياباني المعاصر، بعد زيارة وفود يابانية لدول الغرب للاطلاع على دساتيرها، وبعد ان وجد المستشارون بأن التجربة البريطانية والبروسية الألمانية من خيرة التجارب للاستفادة منها في اليابان. وقد صدرت النسخة الكاملة للدستور المعاصر في عام 1889، وبدون عرضه على أي استفتاء عام. والجدير بالذكر بأنه تم تطبيق هذا الدستور منذ عام 1890 وحتى تحولت اليابان من دولة اقطاعية فقيرة متخلفة إلى دولة صناعية تكنولوجية عظمى، بل ولتنتصر على دولة اوربية عظمى في الحرب الروسية اليابانية لعامي 1904-1905، ولتنتصر على دولة اسيوية عظمى في الحرب الصينية اليابانية الأولى 1894-1895، ولتتحول لقوة عالمية عظمى تنافس دول الغرب الاستعمارية في مستعمراتها، ولتنتهي بدخول لعبة البوكر الاستعمارية، ولتنتهي بصراعها مع الولايات المتحدة الامريكية إلى دمار الحرب العالمية الثانية. وقد قام الجنرال مكارثر ببعض التعديلات على هذا الدستور، وذلك بالفرض على اليابان التعامل مع خلافاتها الدولية بطريقة سلمية فقط، مع أضافة بأن يكون المجلس الاستشاري والنيابي منتخبين، مع زيادة حقوق المرأة ومساواتها&بالرجل. وليستمر هذا الدستور حتى اليوم، برغبة الشعب الياباني بدون تغير، بعد أن أصبحت اليابان ثاني وثالث اقتصاد عالمي. ولم يكن سر نجاح اليابان تفاصيل الدستور بذاته، ولكن أخلاقيات المواطن الياباني في الالتزام به وتطبيق بنوده، والتي أصر عليها الإمبراطور ميجي، لتصبح اليابان اليوم من أكثر الدول سلما وامنا واخلاقية وتنمية. والجدير بالذكر بأن الإمبراطور ميجي توفى في عام 1912 نتيجة لاختلاطات مرض السكري، بعد أن طور اليابان من دولة فقيرة متخلفة ومنعزلة إلى دولة عظمى معاصرة، خلال الخمسة والاربعين سنة من حكمه.&&&

​وهنا اريد الرجوع لتجربة مملكة البحرين في الديمقراطية منذ عام 1971 وتطويرها منذ عام 2001، فمراجعتي للتاريخ السياسي البحريني في العقد المنصرم لفت نظري مقال بصحيفة الوطن في التاسع والعشرين من شهر ديسمبر عام 2007، عن تغير المعارضة وجهة نظرها عن البرلمان البحرين، &حيث صرح رئيسها في ذلك الوقت حينما حاول الرد على تصرفات العنف&بين بعض الشباب، حيث نصح&الشباب&بالابتعاد عما يؤدي للانفلات&الأمني&في ظل خيار&الإصلاح&الديمقراطي،&مؤكدا بضرورة الحفاظ على&الأمن.&وبأن العنف&لا يولد&إلاالعنف&والإرهاب،&بينما&يوجه حوار الحكمة&لفهم اختلافات&الرأي،&ويبعدها&عن الخلاف،&ويبني جسور الثقة، ويشجع عمل الفريق، لتزداد&إنتاجية&المجتمع وتطور&اقتصاده.&كما&وجه&سؤال للشباب&فقال:&"هل يجب&أن تصبح&المعارضة&كالطفل الضائع تلحق بكل من يخرج في الشارع ويخترع برنامجه؟"&وأكد&في جوابه&بأن&جماهير المعارضة&لن تكون&مجرد خشبة&تغرز&فيها&الأفكار&المخترعة،&ولا&الوقود لهذه الأفكار.&ولن تجر المعارضة&لمعركة لا تؤمن بها،&ولن&تجر&الأمة&بكاملها&لطريق&بسبب تحرك....&بعض لمتطرفين&للأمام.&كم أكد&بأن&خيار&الإصلاح&والعمل السلمي،&والذي استغرق مدة ليتبلور ويتم تبنيه،&"أصبح&خيارا&استراتيجيا،"&مع&إيمانه بأهمية&"العمل التدريجي"&في الإصلاحات الديمقراطية،&ولكن&نصح بتجنب الإبطاء.&وحذر الشباب من خطورة الاندفاع العاطفي بالعمل الثوري&الذي قد ينعشهم&في&الخيال&ثم ينزلهم&للواقعية&بخسارة مصالحهم&بتضييعالوقت في الانفلات.&وبأن المعارضة&ستستمر&في العمل على استدامة الحريات والحقوق، والتي أعتبرها&محطة&إستراتيجية&ومحورية كي يتمتع الناس بحق التنظيم والتعبير بحرية، وبحق الاعتصام والمسيرات وبكل الحقوق السلمية.&ونصح بالابتعاد عن العنف،&بعد اختيار&"طريق الديمقراطية منهجا"&لاستدامة الحريات، والاعتماد على السلوك الديمقراطي في التعبير. كما حذر بأن&فقدت هذه الديمقراطية التي تستمتع بها البلاد&ستعود&البلاد لعشر سنوات&للوراء، وعلينا&البدء&بجولة جديدة&من&إرهاصات&العنف&في ظل قراءة الواقع المحلي&والإقليمي&والدولي المعقد والتي&لا يعلم&نتائجها&إلا&الله.&"ولنعود&من&بعد معركة&طويلة إلى&النقطة نفسها،&لنطالب&من جديد&بالحريات&التي نعيشها اليوم والتي&ستكون المحور&الأساسي."

كما أكد بأن من الممكن ممارسة&الخيار&الإصلاحي&بتهيئة&الأرضية&المناسبة&للجمعيات&وإفراد&المجتمع للمطالبة بحقوقهم&واهتماماتهم،&حيث&هناك قنوات مفتوحة للعمل&السياسي&والاجتماعي&للمواطنين. وبأن&خيار&الإصلاح&يستند على العمل الجاد&الدؤوب،&وبتحديد&الأولويات&واختيار الأساليب&المناسبةلمعالجتها. ومن الضروري التحرك&"بأدوات الواقع وليس&بأدوات الشعر فقط أو أدوات&الانفعال،"&وبالعمل على خلق أدوات القوة&السلمية&لدفع هذه&الأولويات. وأنهى خطابه بالقول: "هذا هو&الخيار حسب فهمنا وقناعتنا، كما ناقشنا هذا&الأمر&على مستوى الوفاق والنخبة.&فهذا&النوع من&العمل يراكم الايجابيات ويزيل من السلبيات ويؤدي لعملية الإصلاح للتقدم&إلى الأمام."&وباختصار&شديد&فقد&نصح&رئيس المعارضة&البرلمانية الشباب بالاهتمام بالتعليم والعمل المتقن، والابتعاد&الانفعالات العاطفية، وعدم استخدام&العنف المرفوض عالميا كوسيلة&للتعبير،&والاعتماد على الأدوات&الديمقراطية&المتوفرة. كما طالب الشباب بالصبر والتأني لأن&الإصلاحات&الديمقراطية بطبيعتها تدريجية،&ورفض التغيرات الثورية المفاجئة التي أثبتت التجربة غلاء&تكلفتها الاجتماعية والاقتصادية، وسلبية نتائجها الطويلة الأمد.&&

وقد&لفت نظري تعليق&لأحد القراء&يقول فيه:&"أود أن أشكرك على طرحك يا شيخ وأسلوبك الراقي والمنطقي الذي افتقدناه حقيقة لدي قوى وجمعيات المعارضة&بأكملها،&بسبب تعصبهم&...&وأود&أن يتعلم المغرر بهم من الشبان المتهور والمراهق،&بما يستمعوا له من أصحاب النوايا...&ممن يستقلون طاقتهم الشبابية ومرحلة غرورهم وعنادهم،&أن يتعقلوا ويدركوا&بأن&ما يقومون به&من تعبئة خاطئة تضر بمصلحة الوطن والمواطن.&ودعوتي&لكل من له نية صادقة بوطن أفضل،&أن يتعقل ويطالب&بحقوقه&بالطرق المشروعة والمنطقية،&وليس بجر الشارع للحرق والخراب.&فانا&أوجه&دعوة للجميع بان يتعلموا من شيخهم علي سلمان ولا يكونوا لقمة سائغة ...فيحاولون جر الناس والمجتمع بأكمله للهاوية."&فيتهم&هذا&التعليق&المراهقين&بالتهور&في تعاملهم مع&الديمقراطية. فهل&فعلا&مرحلة&المراهقة&هي&مرحلة تهور؟ وهل&من&الممكن أن تستغل&الاندفاعات&العاطفية&لهؤلاء&الشباب؟ وكيف يمكن أن يتعامل المجتمع مع&هذه المعضلة، ويقي شبابهمن&سلبياتها؟

يحدد&الطب مرحلة&المراهقة&بالفترة بين الطفولة والبلوغ،&والتي&تبدأ&من سنالثالثة&عشرة&ولتنتهي مع&نهاية&سن&الثامنة&عشرة.&وهي مرحلة&انتقاليةمضطربة،&فترة&الانفجار&الهرموني&والهياج العقلي&وثورة&الانفعالات العاطفية.&ويحتاج التعامل مع هذه الفترة بالحكمة والاتزان،&وبالتعاون بين&البيت والمدرسة والمجتمع.&وهي الفترة التي&تستفيد&منها&التنظيمات المتطرفة&لتجنيد الشباب&وغسل عقولهم، لذلك&من المهم أن&يعي المجتمع ورجال السياسة والحكومة والبرلمان أهمية وخطورة هذه الفترة في&التوجيه والتعليم&للوقاية المجتمعية منالعنف والإرهاب.&

وتوصف علوم&الطب&تغيرات&انتقالية&مضطربة&جسمية وجنسية وذهنية&ونفسية وعاطفية في&هذه المرحلة&الحرجة من حياة&الإنسان. فيبدأ&تغير&التفكير الذهني من مرحلة ما هو واقع&الطفولة المحسوس،&إلى&واقع&ما هو الممكن.&فيتطور&تدريجيا&تفكير الاحتمالات،&لينمو&لتفكير تجريدي&يعتمد على&المنطق لتحليل الوقائع المجتمعية.&كما&تتطور&قدرات&الاستبطان&المسئولة&عن&مراقبة&أسلوب التفكير&الذهني&والتعامل العاطفي.&ويزداد إنشغال&المراهق بنفسه، ويحس&بأنهتحت مجهر&المراقبة وتقيم&الآخرين.&ويتطور&تفكير&البعد الواحد لتفكير&متعدد&الإبعاد،&فتتغير&النظرة المطلقة للأشياء&إلى&نظرة نسبية.&كما&تزداد&التساؤلات&والحوارات وتقاوم الحقائق التقليدية المطلقة.&وتتجلى&التغيرات العاطفية&بالطريقة التي&تزداد ثقة&المراهق&بنفسه وقدراته للعمل بمفرده. ويزداد&النقد الذاتي والإصرار بالانفراد في اتخاذ القرارات الشخصية، والاستقلالية&عنالقيود&المجتمعية.&وتحتاج مرحلة&المراهقة&لاهتمام&تربوي وتعليمي مدروس،&لخلق&التوازن&المطلوب&في تعليم&العلوم الطبيعية والروحية، لتهيئة&الشباب&للاستفادة من التطورات العلمية والتكنولوجية لخلق عالم&السلام والديمقراطية والازدهار، بعيدا&عن&العنف&والإرهاب. ولوقاية&الشباب&من الأفكار الانتهازية المجملة بالثورية والروحانية الكاذبة،&يحتاج&الشباب للتدريب&للتعامل مع المعضلات الحياتية بتوازن&يجمع بين&الواقعية والمثالية&وبتوسطهما&السلوك&الأخلاقي البعيد عن الحقد والانتقام، والمرتبط&باحترام&حقوق الإنسان وباتزان التعامل مع&البيئة.ولنتذكر&بأن فلسفة&"العين بالعين لم تؤدي الا لتحول&العالم&لعالم أعمى"&بالحقد والعنف والقتل والانتقام. كما&نحتاج لتطوير&التواصل الاجتماعي&بتنمية الذكاء&العاطفي&لنستبدل الحقد والانتقام بزرع&بذور&الصبر والتحمل والعفو والعطف والمحبة.&لنبعث سعادة&الأمل والحياة&من جديد&بدلا من ثقافة الموت، ليبدأ&الشباب&بالسؤال من جديد "ماذا قدمت لوطني وشعبي، وكيف سأشارك في بناء حضارة الألفية الثالثة."

ويجدر&التنبيه بأن الأمراض النفسية والعصبية&المتزايدة الانتشار،&قد&تبدأ أعراضها بالتمرد المجتمعي والعنف.&وقد يختلط هؤلاء&المصابين مع الشباب المسالم في المسيرات، فيقومون بالكسر والحرق.&فإمراض الانفصام والعصاب النفسي وجنون الاضطهاد تترافق بتخلف شديد في الانفعال العاطفي، وإحساسات سمعية وبصرية كاذبة، والانفصال عن الواقع، وتخيلات بالاضطهاد والتعرض للقتل، وضمور في الخلايا العصبية.&كما&تكشف&الأبحاث&العالمية&بأننسبة&انتشار&مرض&الكآبة&ازدادت&عشرة أضعاف منذ الستينات.&وأنخفض سن&ظهور أعراضه&إلى سن&الرابعة عشرة،&ويترافق بزيادة الانتحار بين المراهقين،ليمثل اليوم 2% من أسباب الوفاة،&ليتقدم&بذلك&جرائم القتل.&ويعتبر&هذا المرض&السبب&الثاني&لانتحار&المراهقين&في الولايات المتحدة،&بينما&ارتفعت&نسبة&الانتحاربين طلبة&السويد&لأكثر&من 260% منذ الخمسينيات.&لذلك من الضروري التعرف على هذه الفئة من المراهقين وتحويلهم للعلاج.&والسؤال&لعزيز&القارئ:&هل لعبت الأحزاب السياسية&الدينية&دورا&في&الوقاية من العنف&والإرهاب،&بخلق&ثقافة&متوازنة&بين المادة والروح،&أم&عوضتها&بثقافة الديمقراطية&الطائفية؟&ولنا لقاء.