لم يعد يخفى على أحد أن دولة الامارات العربية باتت مركزاً وعاصمة للحوار العالمي حو القيم الإنسانية والأخلاقية التي احتلت موقعاً مهماً ضمن أجندة أولويات العالم في الآونة الأخيرة.

فبعد نحو أسبوع من انعقاد القمة العالمية للتسامح، في مدينة دبي، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تعقد الأسبوع الحالي في العاصمة أبوظبي، فعاليات الدورة الأولى من ملتقى&"تحالف الأديان لأمن المجتمعات..&كرامة الطفل في العالم الرقمي"&برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

والحقيقة أن القمة العالمية للتسامح كانت لافتة في مبادراتها وطروحاتها الفكرية والإنسانية والحضارية، واشير هنا تحديداً إلى تدشين مبادرة عالمية للتسامح تشمل تكريم رموز التسامح العالمي في مجالات الفكر الإنساني والإبداع الأدبي والفنون الجمالية وتأسيس&"جائزة محمد بن راشد للتسامح"&لإعداد قيادات وكوادر عربية شابة في مجال التسامح وتدعم الانتاجات الفكرية والثقافية والإعلامية المتعلقة بترسيخ قيم التسامح والانفتاح على الآخر في العالم العربي، فضلاً عن انشاء&"المعهد الدولي للتسامح"&أول معهد للتسامح في العالم العربي يعمل على تقديم المشورة والخبرات اللازمة في مجال السياسات التي ترسخ قيم التسامح بين الشعوب ويقوم بنشر الدراسات والتقارير المتعلقة بموضوع التسامح والعمل مع المؤسسات الثقافية المعنية في العالم العربي لنشر مبادئ التسامح لدى الأجيال الجديدة.&

والحقيقة أيضاً أن الامارات نجحت في جذب انتباه العالم كنموذج للتسامح، بحيث باتت وهي وهذه القيمة الإنسانية النبيلة وجهان لعملة واحدة، وما يضاعف أهمية الجهود الإماراتية في هذا الإطار، انها لا تقل أهمية، برأيي، عن الجهود الأمنية والعسكرية في مكافحة التطرف العنيف والإرهاب، لأن منطقتنا العربية تحتاج بالفعل إلى إعادة إعمار فكري ينقذ ملايين الشباب والأطفال والأجيال المقبلة من الفكر الذي يؤسس للتشدد والتعصب وكراهية الآخر وينشر الحقد والعصبية بين أصحاب الديانات والأعراق والطوائف المختلفة في دول المنطقة.

وبموازاة هذه الجهود الكبيرة، تأتي الدورة الأولى من ملتقى&"تحالف الأديان لأمن المجتمعات..&كرامة الطفل في العالم الرقمي"، إضافة نوعية جديدة تخرج بها الامارات للعالم على صعيد القيم الإنسانية والأخلاقية، فالنشء يواجه مخاطر لا حصر لها في العالم الرقمي الذي تصعب السيطرة عليه، ابتداء من جرائم الابتزاز والاستغلال الجنسي، وليس انتهاء بجرائم تشويه شخصية الأطفال بنشر الأفكار السلبية والرديئة والتعصب والتنمر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

&

هذه الفعاليات تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الامارات باتت محور التحركات الإنسانية العالمية، وهي بالفعل جديرة بهذه المكانة لأنها العاصمة العالمية الأولى للعمل الإنساني في مجال الإغاثة وتقديم المساعدات، وبالتالي فإن دورها في المجال الإنساني على الصعيد القيمّي والأخلاقي ليس بمعزل عن دورها ومجمل سياساتها وتوجهاتها الإنسانية العالمية.

كما أن مثل هذه الحوارات العالمية تؤكد ان الامارات تلعب دوراً حيوياً في مجال الحوار بين الأديان وتعزيز السلم العالمي من خلال نشر ثقافة الاعتدال والحوار وقيم التسامح والتعايش، وحماية الفئات المستضعفة في المجتمعات في ظل غياب أدوات الحماية المجتمعية في كثير من المجتمعات.

كل هذه الأمور تعزز مكانة الامارات في صناعة الأمن والاستقرار العالمي،&فقد اصبحت الإمارات في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، مركزاً لأهم الفعاليات والأحداث، ومقصداً لقادة وخبراء العالم من مختلف القطاعات والمجالات الاقتصادية والفكرية والاجتماعية والطاقة وغيرها، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

فمن الحوار العالمي حول الطاقة وقطاع النفط والغاز في مؤتمر&"أديبك"، انعقد مؤخراً في أبوظبي، إلى حوار عالمي حول التسامح وبناء تحالف عالمي بين الأديان من أجل حماية الأطفال في عاصمة تزاوج بين الاقتصاد والمال والأعمال والثقافة والقيم، بحيث يبدو تكامل وشمولية رؤية الامارات الاستراتيجية للأمن والاستقرار العالمي من خلال إدارة حوارات فعّالة تشمل جميع أسس وركائز الأمن والاستقرار العالمي في الاقتصاد والسياسية والأمن المجتمعي والثقافة والقيم وغير ذلك.

هذا الدور الاماراتي الفاعل يبرز الوجه الحضاري والإنساني لدولة الامارات، ويعزز قوتها الناعمة، ويؤكد أنها ستكون لاعباً فاعلاً في القرن الحادي والعشرين ليس فقط في مجال التطور التقني والذكاء الاصطناعي وغير ذلك من تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، ولكن أيضاً على صعيد القيم الإنسانية التي تحمي وتصون الأمن والسلم المجتمعي في العالم أجمع.