تفاعلات الاحداث في منطقة الشرق الاوسط&وخاصة الحرب على العراق 2003 وما اعقبها من متغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية في العراق مضافا اليها صراع القوى السياسية في العراق، كل هذه العوامل&مهدت الى بروز النموذج الايراني الذي استطاع من ان يخلق اصدقاء وموالين مستعدين الى حمل السلاح والقتال تحت القيادة الايرانية المباشرة وغير المباشرة ليس فقط في العراق بل كذلك في لبنان واليمن وسوريا.

اصدقاء ايران والموالون لها في العراق اصبحوا طبقة من السياسيين والمثقفين والصحفيين ورجال الاعمال ورجال الدين الذين ينبرون في كل محفل للدفاع عن سياسة ايران وتوجهاتها وافكارها السياسية والدينية . صوتهم عالٍ وفعال والبعض لديه قدره عالية على الحجة والاقناع، يستحضرون القواسم العقائدية والمذهبية كاساس للولاء لايران او للمرجعيات الدينية والعقيدة الايرانية.

اصدقاء ايران يبدون ايرانيين اكثر من الايرانيين انفسهم لا يفرقهم سوى الاسماء والالقاب و اللغة العربية التي قد يلوونها عوجاً لتكون اقرب للكنة الاعجمية .

ايران ليست الدولة الوحيدة التي تتبع سياسة خلق اصدقاء وموالين ووكلاء داخل دول الجوار الاقليمي لكي يسهلوا لها التوغل والنفوذ داخل دولهم حيث ان الدول الكبرى والقوى الاقليمية تنهج هذه السياسة وتحرص على ان تخلق اصدقاء من مختلف المجالات، وبعض هذه الصداقات والموالين يستمرون لعقود طويلة ويتناقلون هذه الصداقة عبر الاجيال المتعاقبة.&

لكن ليست كل هذه الصداقات مفيدة وليس كل هؤلاء الوكلاء يخدمون حقيقة تلك الدول، بل ان الكثير منهم يكونون اشد ضررا من الد الاعداء.
المانيا النازية في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية اتبعت سياسة خلق الاصدقاء والوكلاء المحليين داخل الحكومات الاوربية ، وحتى داخل المؤسسات الحكومية والجامعات والحركات والتيارات الثقافية والفكرية والشركات والمصانع واصحاب رؤوس الاموال. واستخدمت خطابات هتلر والقادة الالمان ودهاء جوزيف غوبلز وزير الدعاية النازية لاثارة موجة من التعاطف والاعجاب اجتاحت العديد من المدن الاوربية وخاصة في بولندا وتشيكوسلوفاكيا وهنغاريا والمجر وكرواتيا وهولندا وبلجيكا.

&لقد اتفق اغلب المؤرخين على ان اصدقاء ووكلاء المانيا النازية قبيل الحرب العالمية الثانية و ولائهم الذي كان يبدو مطلقا دفع قادة الرايخ الثالث الى الاعتماد عليهم في جمع المعلومات وتجنيد المليشيات والادلال على المعارضين والحقيقة ان هؤلاء قدموا معلومات مغلوطة للقيادة الالمانية عن حقيقة الدعم الذي سيحصلون عليه في حال اجتياحهم لهذه الدول ليتفاجأ الجيش الالماني بان حجم المقاومة للوجود النازي كان اكبر بكثير من حجم الموالين الامر الذي شتت الجيش الالماني وعرضه الى خسائر فادحة.&
ايران اليوم تعيد التاريخ بطريقة او باخرى، فهي خلقت في العراق طبقة من لاصدقاء والوكلاء والموالين وهي تقدمهم كورقة رابحة تستفز بها الولايات المتحدة وحلفائها، وهو ما دفع قائد الحرس الثوري الايراني محمد علي جعفري الى القول "ان ايران غلبت الولايات المتحدة في العراق 3-0 " في اشارة الى سيطرة ايران على الرئاسات الثلاث في العراق.

موالون ايران لا ينتشرون في المؤسسات السياسية والامنية وحسب، بل ايضا ينتشرون في الجامعات والمحافل الثقافية والمنابر الاعلامية العراقية بافكار تدعو الى ان مصير العراق والجمهورية الاسلامية هو مصير واحد وان العلاقات بين البلدين تتجاوز فكرة علاقات الجوار بل هي علاقة المصالح والتاريخ والولاء المشترك.

هؤلاء يشبهون اصدقاء المانية النازية سابقي الذكر، والذين يقدمون صورة غير حقيقية للولاء لايران داخل المجتمع العراقي الذي لايزال غالبيته بعيدا جدا عن قبول النفوذ الايراني او تقبله. ومن جهة اخرى فان اصدقاء ايران الذين تفاخر بهم، اغلبهم يمثلون الطبقة السياسية الفاسدة او الدينية المتنفعة وبالتالي فان حتى قاعدتهم الشعبية هي عبارة عن جمهور من الانتهازيين ومتحولي الولاء.

اذن اصدقاء ايران في العراق متنفعون جشعون يسايرون مصالحهم الانية التي تبقيهم اكبر قدر ممكن محكمي القبضة على مناصبهم وامتيازاتهم، لذلك تكاثروا في فترة فراغ القوة الذي شهدته الادارة الامريكية في العراق في فترة الانتخابات الامريكية وفوز الرئيس ترامب الذي لم يبدو مهتما بالعراق قي فترة رئاسته الاولى بل اعتمد على بقايا ادارة اوباما في الملف العراقي، ولانهم يبحثون عن من يسند وجودهم وشرعيتهم الهشة تسارعوا الى تقديم الولاء لايران.

ومع تصدر ملف ايران قائمة الاولويات الامريكية شهد شتاء ربيع العام الحالي نشاط دبلوماسي امريكي مكثف في العراق اعاد وضع القادة السياسيين في العراق في مناصهم الصحيح، اما باقي الوكلاء الايرانيين فانهم وان تباروا في اظهار تحديهم للولايات المتحدة فانهم في سبيل نفوذهم السياسي والديني والمالي مستعدون لان يبدلوا الولاء والانتماء كما تبدل الافاعي ثيابها.&
انهم ليسىوا اصدقاء ايران بل انهم الد اعدائها الذين سيجلبون لها العار، فكيف لها ان تعتمد على ولاء من لا ولاء له لوطنه وكيف لايران ان تتفاخر بوكلاء اشترتهم سوف يشتريهم من سيدفع اكثر واسخى. حتى الانتماء العقائدي الذي تراهن عليه الجمهورية الاسلامية لن يكون كافياً في ارض الشرق الاوسط التي تمور فيها الرواسي والثوابت وتتغير مراكزها واولوياتها.&
وفي عودة الى التاريخ ، يجب ان نذكر بمصير اصدقاء المانيا النازية حيث قبيل ان تنهار دول المحور في الحرب اختفى وكلاء النازية، هؤلاء المتشددين الذين كان صوتهم العالي وتصريحاتهم النارية تهز المدن الاوربية، بل وتحول العديد منهم اما الى رأسماليين منتفعين او يساريين موالين للاتحاد السوفيتي. وحتى انهم استطاعوا ان يتنصلوا من محاكمات نورنبيرغ بعد انتهاء الحرب ولم يقبلوا حتى ان يشهدوا فيها بل تركوا زعماء النازية يحرقون وحدهم بمحرقة التاريخ.

لذلك اذا كان القادة الايرانيون قد رسموا خرائط نفوذهم معتمدين على هؤلاء الاصدقاء والوكلاء والاذرع المتوغلة هنا او هناك فانهم ارتكبوا خطأً جسيماً لن يحسنوا ان يتراجعوا عنه ، هؤلاء الاصدقاء الذين سيورطونها كما يورطون حكوماتهم ودولهم المهشمة هم انفسهم من سيكون اول الفارين والمختفين في اي صراع عسكري حاد. بل هم من سيورطون تلك الميليشيات العقائدية بحرب ابادة ستحولهم الى وقود في اي صراع وستشوه حتى الانتماء الديني الذي يجمعهم. واذا كان لايران من مقتل سوف يكون هؤلاء الاصدقاء مقتلها واذا كان لها من عدو فان هؤلاء الموالين المتشددين المشوهين المبتوري الجذور هم الد اعدائها.