على الرغم من مرور 125 عاما على رحيل الشاعر الفرنسي آرثر رامبو ،الا انه لازال محط انتباه وجدل وفضول ايضا لقراءة كل ما يتعلق بحياته وشعره لانه شغل الناس طويلا.
&
& صدر &للكاتب والمترجم العراقي كامل عويد العامري كتابه الذي يحمل عنوان (شقيقي ارثر) لمؤلفته ايزابيل رامبو عن مؤسسة بدور التركي في القاهرة ،وفيه تتحدث ايزابيل شقيقة رامبو عن ايام الشاعر الاخيرة ومعاناته في مرضه .. فضلا عن العديد من التفاصيل عن حياته وعلاقاته بالبعض من مجايليه، كما تضمن الكتاب ترجمة لبعض قصائد رامبو وتحليلا مقتضبا لكل قصيدة من القصائد المختارة ،وربما يكون الكتاب هو الترجمة الاولى للغة العربية اذ لم نجد خلال بحثنا ما يؤكد غير ذلك .
&
& & &يقع الكتاب في مائة صفحة من الحجم المتوسط ، ويتضمن عدة فصول هي :اساطير رامبو، ارثر رامبو مقدمات الأسطورة،شقيقي ارثر،رامبو الرحلة الأخيرة،وثائق الأيام الأخيرة،الرسالة الأخيرة، العلاقات بين بول فيرلين ورامبو وعقد تنازل رامبو عن الدعوى المقامة ضد بول فيرلين، كما يتضمن الكتاب قراءة في بعض قصائد رامبو ..وهي:عاشقاتي الصغيرات،فقراء في الكنيسة،المركب &السكران،فينوس انا ديومين،وداع،فجر ،حروف العلة،كيماء الفعل،بربري وعبقري.
ويستطيع القاريء للكتاب ان يكتشف الجهد المبذول من قبل المترجم من اجل الوصول الى تحقيق الغاية من الكتاب باسلوبه السلس لاسيما انه اديب وكاتب وله خبرة جيدة في مجال الترجمة كما انه يكشف من خلال ترجمته هذه عن اعجابه بالشاعر رامبو وتلك ميزة تحسب له باعتبار ان الترجمة من اجل الترجمة ،فالاعجاب والاهتمام بالشاعر يدفع الى ان تكون ادوات المترجم جاهزة كلها وهي بكامل عقلانيتها وقدرتها على التجاوز ، كما ان قيمة الكتاب تتمثل في ان مؤلفته هي الاقرب الى الشاعر كونها شقيقته المتعلق بها الى درجة كبيرة ولديها من التفاصيل الكثير مما لم تتطرق اليه الكثير من الكتب التي تناولت حياة وشاعرية رامبو وتحوله الى اسطورة .
القديس رامبو
وحسب مقدمة المترجم فأن الكتاب الجديد هذا يميط اللثام عن دور إيزابيل رامبو ، شقيقة الشاعر، في تخليد ذكرى شقيقها، فهذه السيدة الريفية المؤمنة التي ترتدي أثوابا صلبة الأقمشة يزمها عند الخصر مشد ضيق ، كانت شاهدة لحظات أخيها الأخيرة ، ومعاناته الرهيبة في أثناء إحتضاره بمرسيليا، فكتبت أن شقيقها يشبه "قديسا" تقرب من الخالق قبل ان يلفظ انفاسه الأخيرة .وهذه أول اسطورة نسجت في رامبو ، وبعثت حيرة أصدقائه, ولكن إيزابيل لم تأل جهدا لترويج الأسطورة هذه . في وقت أنتشرت اشاعات تتهم الشاعر الراحل بانه دهماني خليع ، ودرج على تخريب منازل اصدقائه الباريسيين ، وبالغ في معاقرة الخمرة ، وتاجر بالرقيق ، وتسوّد على مجموعة من العبيد بافريقيا،ولم تتراجع إيزابيل أمام الحملة هذه ، وأنكرت صحة الأشاعات ودحضتها.وقاضت ناشر نسخة مقرصنة من أعمال شقيقها صدرت يوم وفاته. فاضطر الناشر الى مغادرة فرنسا . ونظمت أحتفالات دينية على روح شقيقها في الكنائس وطالبت بحصة أخيها من أرباح على شحنة " بطاريات مطبخ " كان يتولى رامبو بيعها في الصحراء، وأهملت وتركت نهبا للجرذان والصدأ. وتزوجت إيزابيل بباترن بيريشون ، وهو مثقف من كبار المعجبين بشقيقها ، وطلب يدها قبل مقابلتها ، فهي شقيقة رامبو ، و" بهية الطلّة بالتأكيد " فخشيت والدة رامبو ، فيتالي ، أن تكون &ميول العريس الجنسية غير سوية ـفسألت عنه أمير الشعراء " مالارميه " الذي سكن مخاوفها،وإثر عقد قرانهما، واصلت ايزابيل وزوجها حملة تلميع صيت ارثر. فبرزت صورته تاجراً أميناً أدى دوراً ديبلوماسياً بارزاً في مفاوضات بين الزنوج والإيطاليين والإنكليز، في القرن الأفريقي. وهذا بعيد عن الواقع الجلي في مراسلات المقربين من رامبو. ولا يشبه شاعر"المركب السكران صورته الأيقونية المطبوعة على قمصان المراهقين في ايامنا هذه. فالشيب غزا شعره. وهو خط السطور التالية في عدن، في 1884:"ربما آن أوان جمع بضعة آلاف الفرنكات من مدخرات حصلتها من هنا وهناك، والعودة الى البلد لأتزوج. والمرجح أن ينظروا إليّ هناك على أني كهل لا ترتضيه زوجاً غير الأرملة!"&
وأكثر ما يبعث على الدهشة هو أن رامبو، حين وفاته، رآه الناس شاعراً و"مستكشف"أصقاع بعيدة. فبعد أيام على وفاته، كرمته جمعية جغرافية، وأبّنته قائلة:"ذاع صيته شاعراً أكثر مما ذاع صيته مسافراً مستكشفاً. ويقول رب عمله في عدن، ألفريد باردي، إنه أشبه بـ"مذنّب مضيء لا يطيق الثبات في مكان واحد"في إشارة الى تجواله المستمر. وفي 1901، نصب تمثال في محطة شارلفيل ميزيار يكرّم رامبو"الشاعر"و"المستعمر"، وعلى خلاف فكرة شائعة، احتفى معاصرو رامبو بشعره غداة وفاته&
أساطير رامبو
ففي اساطير رامبو هناك توضيح عن حكاية (اسطورة رامبو) حيث تشير المؤلفة انه :بعد عام من وفاة رامبو، في 1892، اقترح أحد معاصريه وهو آ. رتي،أن يعد الشاعر كأسطورة، وبعد نصف قرن ينصرف اتيامبل في مؤلفه المشهور إلى مشروع "أسطورة رامبو" الذي صدر عام 1952-1961 ،أربعة أجزاء " كان رامبو قد صرح بالنقد في سبيل المزحة، هذه الألزاس – اللورين من أدبنا" وفي الحقبة ذاتها، كان النقد يدّون بدقة أن رامبو كان يمتلك كل "سمات شخصية رواية،والحقيقة، ابتداءً من فيرلين، لدينا محاولات قليلة، لقراءة الشاعر هي أقل من محاولات اكتشاف السر في شعره وكان فيرلين، وهو الأول، من أطلق الوصف الذي صار ثروة، أي "الشاعر الملعون". أن عباراته المبالغ فيها ترى في أعمال رامبو الشعرية "سيرة ذاتية تتسم بحالة نفسية مدهشة،" وترى "نثراً من الماس البسيط كغابةٍ عذراء، وجميلاً مثل نمر&
& & & & & واضافت : أن أسطورة "الرجل الذي ينتعل الريح" قد انطلقت، وأخذت تغذي قريحة خصبة، تلك القريحة التي ترى رامبو مغامراً روحياً أو، كما قال عنه مالارميه "عابر محترم، ومضة وصخب شهاب يلمع من دون سببٍ آخر كحضوره، الذي ينبعث وحده وينطفيء من مغامرٍ إلى صبي شرير، ليست هناك سوى خطوة، يجتازها بنجامان فوندان بكتابه "رامبو الرائي". بينما يتناول آخرون الشاعر بجدية أقل، فيرى فيه آ. تيريف الـ"تلميذ المعتوه" و ل. بيرتراند يرى فيه "بلاغي فاسد" بينما يرى فيه ت. كوبي "اللامبالي اللامع،وتقف في الضد من هذه التأويلات، مدرسة كاملة، على خطى إيزابيل رامبو، كانت تحاول وبعناء إعطاء الشاعر صورة "الصوفي في حالةٍ متوحشة. الذي يضيء كل دروب الفن والدين والحياة".&
& & & & &كما تشير المؤلفة الى مقدمات الأسطورة وقد كتبت :كتب جيروم دوبوي وهو صحفي في مجلة الأكسبريس بعددها 17183 مقالا قال فيه: نشرت صحيفة"لا بلوم"الريشة ، في صفحتها الأولى خبراً مقتضباً بلّغت فيه"العالم الأدبي"وفاة ارثر رامبو. وقالت أن المشاركة في تشييعه اقتصرت على والدته وشقيقته. ووعدت الصحيفة بنشر تفاصيل عن الخبر في عددها المقبل. ولكن صبيحة الثلاثاء في الأول من كانون الأول ديسمبر 1891، لم تخص الصحيفة رثاء رامبو بأكثر من ثلاثة أسطر. ويبدو أن مراسم دفن رامبو الأسرية الحميمة آذنت بولادة أسطورة الشاعر الذي لم يبع نسخة واحدة من أعماله قبل أن يقضي. وفي الأيام والأعوام التي تلت وفاته، انصرفت مجموعة من الشعراء، وأقارب وندماء سابقون، وذائع الصيت،فيرلين &الى رسم صورة شاعر"المركب السكران"التي بلغتنا اليوم. ويتقصى كتاب.(مراسلات رامبو الصادرة بعد وفاته)الجزء الأول الذي صدر عن دار فايار الفرنسية،2010 صناعة صورة رامبو، وأطوار تحولها. وينشر الكتاب نصوص الرسائل التي تبادلها المقربون من رامبو، والأدباء والمثقفون الذين عرفوه. ويدور كلام هؤلاء عليه منذ يوم وفاته. ويناهز عدد الرسائل 1200 صفحة، مؤثرة وخلابة، فهي مليئة بأخبار رامبو ونوادره وحافلة بطرائفه. وبين أصحاب الرسائل هذه شعراء من أمثال فيرلين، وستيفان مالارميه وبول كلوديل وبول فاليري، والسياسي والصحافي شارل موراس، وجان جوريس من أبرز مؤسسي اليسار الفرنسي، والكاتب أندريه جيد..
&