حملة انتخابية بدون برامج
الحملة الانتخابية في موريتانيا خيم وأضواء وألوان ومؤثرات تخطف الأبصار والأسماع
سكينة اصنيب من نواكشوط: يعيش الموريتانيون هذه الأيام على إيقاع حملة الانتخابات النيابية والبلدية في جو منافسة سياسية اختلف معه إيقاع الحياة كما اختلفت وسائل الدعاية المستخدمة لكسب ثقة الناخب من طرف المتنافسين، فالخيمة التي رافقت الموريتاني في الماضي، أيام الحل والترحال، ترافقه اليوم وهو يخوض غمار الحملة الانتخابية، وهي اضافة الى استخدامها مكانا مفضلا للدعاية، أصبحت مصدرا اقتصاديا في مثل هذه المناسبات، حيث تستأجر بمبالغ تصل في بعض الأحيان الى مئات الآلاف من الأوقية، حسب تصريحات بعض الناشطين في الحملة.
ورغم أن أغلبية سكان مقاطعة توجنين بنواكشوط جرفها تيار التسجيل في الداخل حسب ما صرح به مصدر مطلع في المقاطعة فانهم مازالوا يتنافسون في اكتساح الساحات العمومية والشوارع بضرب الخيام بحثا عن من يؤجرها ويمولها من الأحزاب أو المستقلين أو هما معا.
quot;أهلا بكم عندنا، أهلا بكم ناخبينquot;، عبارة تسمع عند كل خيمة من الخيم المرابطة على الطرقات في انتظار القادمين أو في وداع المودعين، وصخب الأبواق التي تصدح بأناشيد بعضها من الشعر الفصيح والبعض من الحساني مع الموسيقى لشرح أهداف الحزب وبرنامجه.
وبينما استغل المرشحون الحملة الانتخابية من اجل شرح برامجهم واستقطاب اكبر عدد من الناخبين خلال الاقتراع الذي سيجرى بعد أسبوع من الآن، واستغل التجار الحملة الانتخابية لتحقيق أرباح كبيرة، وهذا هو حال باعة المواد الاكثر رواجا خلال الحملة مثل الألبسة والمواشي علاوة على الخدمات التي شهدت أسعارها تصاعدا ملحوظا.
فقد ارتفع سعر الضان في مدينة روصو من 15000 أوقية الى 25000 أوقية بينما ارتفعت كلفة تأجير لوازم التكبير من 5000 اوقية الى 10000 أوقية، كما ان أسعار الملابس شهدت ارتفاعا هي الاخرى وارتفع الطلب على منعشي الأمسيات الانتخابية ووصل المبلغ الذي يتقاضاه المنعش في الليلة الواحدة الى 40000 اوقية.
وتواصل الحملة الانتخابية على عموم التراب الموريتاني في جو من الهدوء بدا جليا في الشوارع والساحات العمومية. وزينت الخيام المجهزة بمكبرات الصوت وصور المرشحين واللافتات والشعارات الممجدة لهذا المرشح أو ذاك مختلف أرجاء المدينة.
ودخلت النساء السياسيات بقوة الى حلبة الصراع والمنافسة على المجالس البلدية ومقاعد البرلمان مدفوعات بالارادة السياسية التي ألزمت الاحزاب والقوائم المرشحة بتخصيص نسبة %20 للنساء، وتترجم مظاهر مشاركة المرأة في مقاطعة عرفات أبلغ تعبير عن دخول النساء للمعترك السياسي من أوسع الأبواب حيث أبانت المرشحات عن قدرة فائقة على مقارعة الرجل والفوز بثقة الناخبين.
وتقول السيدة مسعودة بنت لمرابط احدى الفاعلات السياسيات في هذه الدائرة ان هذه الحملة quot;فرصة ثمينة للنساء السياسيات في المقاطعةquot;، وأكدت ان النساء مصممات على تحقيق طموحاتهن والمحافظة على المكانة التي منحتها لهن سلطات المرحلة الانتقالية.
وأشادت في هذا الصدد بتعامل الادارة الايجابي مع المرشحات مما جعلهن يشعرن بأنهن شريكات نشطات في تسيير الحملة الانتخابية، وأكدت ان جميع النساء يتعاملن في هذا الميدان بتنافس يتسم بالمسؤولية والانضباط واحترام الآخرين.
وتقول السيدة النزهة بنت اعل سالم من ناشطات الحملة في المقاطعة ان الاجواء العامة لهذه الحملة مختلفة تماما عن سابقاتها نظرا للمشاركة الواسعة للمرأة في الانتخابات وكون العنصر النسوي اصبح طرفا مؤثرا في العملية السياسية.ويرى المراقبون أن مشاركة المرأة في هذه الانتخابات تتسم بمستوى عال من النضج.
ولم يخفي عدد من المواطنين في نواكشوط عدم اقتناعهم بالبرامج الانتخابية التي قدمها المرشحون في اطار الحملة الجارية، وأظهر آخرون ميولهم الى التصويت بدافع القرابة أو بدافع العلاقة الاقتصادية النفعية في حين أرجع قلة دوافع دعمهم لهذا المرشح أو ذاك الى الولاء الحزبي.
وعجزت الوعود والضمانات التي قدمتها اللوائح في حال فوزها عن استمالة الناخب، ففي مقاطعة تيارت، اكد محمد محمود ولد عبد الرحيم، وفاطمة بنت احمد سالم ان تصويتهما في الاستحقاقات القادمة سيكون انطلاقا من علاقات قربى تربطهم بالمترشح وأنه ليست لديهما أدنى فكرة عن برنامجه الانتخابي.
ويختلف الأمر بالنسبة لليلى بنت اعل سالم ومحمد نوح ولد عمر في دار النعيم اذ ترى ليلى ان قناعتها بالتصويت تشكلت نتيجة أسلوب الإقناع الذي اتبعه مسؤولو حملة المرشح الذي قررت التصويت له بناء على برنامجه الانتخابي المقنع في حين يرى محمد نوح أن قناعته تكونت من معرفته الشخصية بالمترشح.
وفي مقاطعة توجنين، يرى سيد ولد ابراهيم وعيشة بنت بلال ان البرامج الانتخابية ليست مقنعة لأنها تمر على مسامعهم كمرور الوصلات الموسيقية التي تطلقها مكبرات الصوت وان دافع التصويت يخضع لاعتبارات شخصية.
وفي مقاطعة عرفات، قال عمر ولد بلال ان تصويته نابع من قناعته الحزبية وليس من البرامج الانتخابية في حين ترى أمينة بنت عبد الرحمن انها ستصوت لشخص المرشح وليس لبرنامجه. وفي الرياض، أكدت العزة بنت المعلوم انها ستصوت على أساس التزام شخصي وليس على أساس البرنامج الانتخابي المقترح.
أما محمد محمود ولد الخراشي فيرى ان البرامج الانتخابية ليست حافزا للتصويت وانما مجرد وعود quot;براقةquot; لا تسترعي الاهتمام.وفي الميناء، ترى فاطمة بنت أخيارهم انه لم تتبلور لديها حتى الساعة أية قناعة للائحة معينه وأنها قد تتشكل بفعل فاعل وليس من خلال استعراض البرامج الانتخابية غير المهمة. وفي السبخة، كشفت جينبا صو أن قناعتها بالتصويت نابعة من توجيهات الاهل خاصة الوالد فهي ليست مرتبطة بالبرنامج الانتخابي للوائح المترشحة وهو نفس رأى سليمان أديوب.
وفي تفرغ زينه، ترى خدي بنت احمد ان قناعتها نابعة من الحمية فقط لا غير في حين يؤكد جمال ولد مولاي اهمية جملة من العوامل في تكوين قناعته كالانضباط الحزبي واقناع المرشح وحظوظه في الفوز. وفي لكصر يرى ادوم ولد سيدن انه سيصوت للديمقراطية الموريتانية ولمن يرى انه ليست له سوابق. ورغم أن الحملة حامية الوطيس بالليل وفي ساعات المساء وأيام العطل، إلا أنها لم تصل بعد درجة الاستعار.
التعليقات