لين نويهض من تعنايل (لبنان): المكان الذي ذاع صيته على انه معقل لزراعة الحشيش في لبنان ومركز استخدمته الميليشيات للتدريب العسكري ابان الحرب الاهلية في سهل البقاع اللبناني اعيد اكتشافه كمنتج تصديري اكثر رقيا.. النبيذ.تنعم المنطقة التي ترتفع عن سطح البحر حوالي الف متر بصيف طويل وجاف وشتاء رطب الذي يؤمن المناخ الملائم لزراعة الكروم ويليق بانواع العنب مثل سيرا وكابرنيه وسوفيون وشاردونيه.

وترسخت سمعة النبيذ اللبناني بشكل وطيد بين الخبراء عندما فاز شاتو موزار بجائزة في معرض نبيذ البريستول البريطاني عام 1979 ابان اندلاع الحرب الاهلية.

وامتلكت الروايات عن صانع النبيذ الذي كان يتنقل بين الانفجارات لينقل العنب من الكروم في سهل البقاع الى المعمل في منطقة غزير الواقعة على احدى التلال المطلة على بيروت خيال الناس.

وقال جاستون هوشر وهو يحمل كأسا من نبيذ شاتو موزار الاحمر المعتق منذ عام 1991 ويراقبه وسط تسرب ضوء ضئيل من داخل القبو quot;عندما بدأت الحرب في العام 1975 انهار السوق. كنا نبيع 75 بالمئة من نبيذنا المحلي فاضطررنا ان نصدر ومنذ ذلك الوقت وفي هذه الظرف ذهب والدي الى المعرضquot;.

اضاف quot;عندما انتهت الحرب عام 1990 كنا نصدر 96 بالمئة من نبيذنا. تخلينا عن السوق المحلي ولكننا عدناquot;.

وموزار الذي أسسه جد جاستون هوشر في العام 1930 اوجد اسما لنفسه في عالم النبيذ الذي يمكن تعتيقه لخمسين سنة وأسس مكتبا له في لندن ولديه نخبة من الناس التي تعرف الكثير عن هذه النبيذ.

وشكل استتباب السلام عاملا جيدا لصناعة النبيذ في لبنان حيث افتتحت معامل جديدة لصناعة النبيذ في المناطق التي كانت في السابق تسيطر عليها الميليشات. وتصدر هذه المعامل النبيذ ذا السمعة الجيدة ويستطيع ان يستحوذ على المزيد من الاستقطاب في العالم.

وصار نضج كروم العنب تحت الشمس منظرا مألوفا في البقاع. وتعمد بعض المؤسسات الى تنظيم جولات تذوق للنبيذ ومنها من يفتتح مطاعم داخل الكرم وكل هذا يجري على مقربة من معقل حزب الله في سهل البقاع.

وعلى الرغم من ان زراعة الكروم اللبنانية تعتبر قطرة في محيط النبيذ فان لبنان ينتج ستة الى سبعة ملايين زجاجة في السنة وتصل ايراداته في هذا المجال الى 25 مليون دولار. انها تنمو بسرعة.

في العام 1991 كان لدى لبنان ما بين 600 و700 هكتار من كروم العنب. الان يتباهى لبنان بوجود 2000 هكتار.

ووصل تصدير النبيذ اللبناني الى 10.4 مليون دولار العام الماضي ارتفاعا من 7.7 مليون دولار في العام 2002. وتضاعفت هذه النسبة ثلاث مرات منذ منتصف التسعينيات ووجدت لها اسواقا في اوروبا والولايات المتحدة.

وعندما اندلعت الحرب الاهلية كان لدى لبنان اربعة مصانع تجارية للنبيذ. اما الان فان العدد اصبح حوالي 20 مصنعا. شاتو كفريا هو احد اكبر هذه المتاجر بدأ في الثمانينات بصناعة النبيذ التي اعتاد على الفوز بجوائز عالمية لكن الاغلبية افتتحوا مصانعهم في اواخر العقد الماضي.

وتمثل علامة مسايا التجارية الحرس الجديد... الاخوان رمزي وسامي غصن اللذان كانا اطفالا خلال الحرب وعاشوا فترة خارج لبنان باشرا صناعة النبيذ مع شركاء فرنسيين في عام 1998. كانوا يريدوا ان ينتجوا نبيذا لديه خصائص لبنانية ولكن لديه استقطابا دوليا.

وقال رمزي غصن quot;عندما تشرب نبيذا كأنك تسافر الى هذا البلد. واذا كان النبيذ بهذا الحجم من الغرابة والاثارة فان الناس يدفعون ثمن هذا المنتج واذا كانت الصورة هي صورة ارهاب وحرب فانهم لا يفعلونquot;.

اضاف quot; يترافق النبيذ الجيد مع الاكل الجيد ويعرف اللبنانيون بسعيهم للنوعية في الحياة في كل شيء في المأكل والمشرب والملبس والنبيذ.. انهم يحبون الاشياء الراقية.quot;

وعلى الرغم من تقاتل المسيحيين والمسلمين ابان الحرب الاهلية الا ان التنوع الذي امتاز به لبنان جعله ذا سمعة جيدة وسط جيرانه بسبب الانفتاح الذي يتمتع به.

ويعتقد البعض ان المسيح عمل اول معجزة في لبنان عندما حول المياه الى خمر في بلدة قانا الجنوبية.

وفي قلب سهل البقاع يوجد معبد باخوس. وباخوس هو اله النبيذ وهذا المعبد اصبح له ما يقارب نحو 2000 سنة ومحفور عليه اشكال من العنب.

كما يوجد اثار تظهر ان الفنيقيين كانوا يصدرون النبيذ عبر السفن الى الفراعنة في مصر.

وقال مايكل كريم الذي ربح جائزة والذي اصدر كتابا عن النبيذ في لبنان quot;الفنيقيون كانوا اول ان صدروا النبيذ عبر البحر المتوسط ووصلت التجارة الى ذروتها حوالي 900-300 قبل الميلاد. ولكن صناعة النبيذ في لبنان تعود الى 4000 سنة على الاقل.quot;

اضاف quot;الفراعنة كانوا يُدفنون مع جرار صغيرة تحتوي على النبيذ اللبناني. كان هذه يعتبر ثمينا جدا. لبنان لديه تراث فظيع في النبيذ لو اراد استعماله لتسويق نفسه اكثر في الخارجquot;.

وافق صناع النبيذ في لبنان على انه لا يزال هناك متسع من الوقت لتنمية هذا القطاع لكنهم يعتبرون ان بلدهم صغير جدا من حيث المساحة ولا يستطيع ان ينافس الاخرين بالكمية والسعر كالنبيذ الذي يستورد من بلدان ضخمة مثل استراليا وجنوب افريقيا وكالفورنيا.

لكنهم يقولون انهم يجب ان يركزوا على الجودة ليتمكنوا من ايجاد مكان خاص لهم في السوق العالمي لذلك هم يطالبون بانشاء مؤسسة تراقب نوعية المنتجات.

وقال شارل غسطين مدير شاتو كسارا احدى اقدم واكبر شركة منتجة للنبيذ في لبنان quot;النبيذ اللبناني يفوز بجوائز ورويدا رويدا ونحن نجري عملية توعية وقبل ذلك اذا قلت النبيذ اللبناني كان الناس تظن انه موزار الان لا يوجد دليل عن النبيذ يستطيع ان يغفل ويغض النظر عن النبيذ اللبنانيquot;.

وقال غسطين quot;نحن نستطيع ان نعمل اربع الى عشر مرات اكثر في البقاع فقط ولكن هذا يحتاج الى وقتquot;.

اضافquot; النبيذ ليس مثل المشروبات الغازية هذه ثقافة وليس معمل فقطquot;.

رويترز