الأكراد يديرون ظهورهم لصلاح الدين و يتنصّرون!
مسؤول أمني: نحن لا نعارض التبشير و لا نسعى لمنعه

نزار جاف:تواترت الأنباء کثيرا بخصوص تزايد أعداد المواطنين الأكراد الذين يتحولون من الديانة الاسلامية الى النصرانية، ورغم أن نوع تلك الانباء وحجمها قد تجاوز حدودquot;المألوفquot; و صار في حكم البديهيات التي لاتقبل النقاش، أضف الى ذلك روح التكتم و التحفظ الذي تبديه السلطات الكردية من الموضوع و تسعى لكي تنأى بنفسها بعيدة عنه رغم انها لم تبد أي اعتراض ولم تمارس أي ضغوطات

دير مار متى التاريخي في الموصل
ضد هذه الشريحة التي غيرت دينها، بيد أن المعلومات الواردة والموثقة تتحدث عن ضغوطات quot;شعبيةquot; متزايدة على هؤلاء المتنصرين وقد أدى ذلك quot;بحسب تلك المعلوماتquot; الى رجوع البعض منهم عن quot;تنصرهquot; أو دفع بالبعض الاخر منهم إلىأن لا يبدي حماسا أو اندفاعا quot;أکثر من اللازمquot; تجاه دينه الجديد، ورغم أن هذه quot;الضغوطات الشعبيةquot; قد ساهمت في إبطاء عملية التنصّر غير انها لم توقفها بالمرة إذ ان هناك سعيًا مضادًا تقريبا لكسب المزيد من الناس الى النصرانية.

والامر الذي لابد من الانتباه إليه و الوقوف عنده أيضا، هو أنه وقبل بدء البعض من المواطنين الكرد بتغيير ديانتهم الى المسيحية، کانت هناك حرکة نشطة بين البعض من الاوساط المثقفة الكردية بخصوص العمل على العودة إلى الديانة الكردية الاصيلةquot;الزرادشتيةquot;، وقد أثار هذا الموضوع جدلا و لغطا بين المثقفين الكرد أنفسهم بين مؤيد و متحفظ و رافض لذلك و لازال رحى ذلك الصراعquot;الفکريquot;دائرا لحد الان ولکل فريق أسبابه و مبرراته.

التنصّر بدأ من عاصمة الإقليم:
أکثر من ألف کردي مسلم quot;سابقاquot;تنصروا في مدينةquot;أربيلquot;عاصمة إقليم کردستان التي تتميز بکونها

كنيسة في عينكاوة
واحدة من أکثر المدن الکردية محافظة على العادات و التقاليد والقيم الدينية، ورغم أن العدد أعلاه قد لا يکون موثقا بصورة دقيقة، لکن مصادر موثوقة و مطلعة و متابعة لهذه القضية تصر على ان الرقم قد تجاوز الألف منذ أشهر عديدة، وعملية التنصّر کما تشير المعلومات الاولية التي استقيناها بصعوبة، بدأت من خلال ما سمي(الکنيسة الکرديةquot;، وقد تأسست في بدايات عام 2000 و 2001، وهي تبشر بعقائد مسيحية بروتستانتية و ترتبط بکنائس أميرکية. ولم تکن عمليةquot;إستنطاقquot;المتنصرين الکرد في مدينة أربيل بتلك السهولة، إذ إن غالبية المتنصرين يدرکون أن الاوضاعquot;الفکرية و السياسية و الاجتماعيةquot; ما زالت دون المستوى المطلوب للمجاهرة بالامر، ولاسيما ان بعضا منهم أبدى تخوفه من نشوء حرکات متطرفة انفعالية مناهضة لهم قد تلجأ لاستخدام quot;العنف الدمويquot;ضد المتنصرين و قتلهم باعتبارهم quot;مرتدينquot; عن الديانة الاسلاميـة.

وقد کان أمرالافتًا للنظر أن تکون المدينة الکردية الثانية التي يتنصر فيها الناس، هي مدينةquot;رانيةquot;التي انطلقت منها شرارة الانتفاضة الجماهيرية الکردية عام 1991 ضد النظام السابق، وهي مدينة تغلب عليها القيم القروية بشکل واضح، لکن المثير في الامر، هو أن الکرد الذين تنصروا في هذه المدينة قد زاد عددهم علىquot;300quot;فرد بحسب مصادر مطلعة رفضت الافصاح عن نفسها لأسباب متعددة، قد تقدموا بطلب للجهات الرسمية بخصوص فتح کنيسة خاصة لهم، وهو أمر تجاهلته السلطات من دون أن تقوم بأي تضييق على المتنصرين. أما في المدن الاخرى، فإن العملية تجري أيضا ولکن بوتيرة قد تکون لأسباب عديدة أخف و أبطأ من هاتين المدينتين المشار إليهما آنفا.

ولم يکن في ما يبدو بالهين إستنطاق أو إجراء أي مقابلة مع جهة کردية رسمية حول هذه القضية، لکننا تمکنا من التحدث الى مسؤول أمني رفيع المستوى طلب عدم کشف اسمه، وقد أشار هذا المسؤول إلى أن السلطات الامنية في الاقليمquot;بشکل خاصquot;على علم و دراية بحجم و مستوى الحرکة التبشيرية في مدن کردستان وهيquot;کما أصر على ذلكquot;محدودة و بطيئة في انتشارها. وحين طلبنا منه إعطاءنا موقف السلطات الامنية من هذه القضية قال:quot;نحن لا نعارضها و لانسعى لمنعها و کل إنسان حر في تغيير عقيدته و اختيار ما يراه ملائما وفقًا لرؤيته، خصوصا طالما کانت هذه المسألة ضمن الاطر القانونية و لاتخل بالامن و الاستقرارquot;، وحين سألناه عن ردود الفعل المحتملةquot;إقليمياquot;على ذلك، أجاب قائلا:quot;نحن لانؤمن بالقمع و لانريد أن نوظفه کوسيلة للإبقاء على حالة يريد المرء من تلقاء نفسه أن يغيرهاquot;، ولما ألمحنا للمبشرين و الموقف الرسمي الکردي منهم قال مبتسما:quot;أليست هنالك حرکات للتبشير بالديانة الاسلامية في الغرب بوجه عام و في أوروبا بشکل خاص؟ هل حلال على المسلمين کسب النصارى والعکس حرام؟quot;.
وقد تسنى لنا الالتقاء بعدد من المتنصرين الکرد في مدينة أربيل، مع الاشارة الى أن معظمهم لم يحبذوا أصلا إثارة الموضوع عبر المنابر الاعلامية من أصله، لکن إصرارنا على نقل جانبquot;حيquot;من الصورة دفعنا إلى الإلحاح بهذا السياق حتى رضخ البعض منهم و أجابوا على أسئلتنا بحذر بالغ.
أول الذين التقيناهمquot;أ. فquot;من مدينة أربيل وقد أفاد بأنه يعمل کموظف حکومي وهو في العقد الرابع من عمره وبادرناه بالسؤال:
ـ لماذا غيرت ديانتك؟
قال وهو ينظر إلينا بنظرة المشكك:quot;لقد وجدت في الديانة المسيحية ضالتي و اشعر بحالة ارتياح تغمر أعماقي و قد صرت أحد أتباع المسيحquot;.
ـ هل أنت متزوج؟ وإذا کان الجواب بالإيجاب، ماذا عن بقية أفراد عائلتك، هل تنصروا أيضا؟
لا تتعجب إذا أخبرتك بأن تنصري کان بتأثير من عائلتي نفسها، وقد تنصروا قبلي.
ـ ألم تکن هناك إعتراضات من الاهل و الاقارب بخصوص ما قمت به؟
بالطبع عارضني الکثيرون منهم، لکنها قناعتي الشخصية وquot;إيمانيquot;الذي تيقنت منه.

ـ هل کنت تعلـم شيئا عن الاسلام، وهل کنت ملتزما من الناحية الدينية؟
کنت ملتزما بالصلاة و الصوم ولم أترك فريضة صلاة حتى يوم تنصري، وأعلم الکثير عن الديانة الاسلامية بصراحة لم أتنصر اعتباطا.
لکن الامر قد يبدو مختلفا معquot;ق.دquot;الذي لم يتجاوز بعد العقد الثاني من عمره، وکانت الابتسامة لا تفارق وجهه طوال حديثه معنا.
ـ من الذي قادك إلى تغيير ديانتك للمسيحية؟
وهل أنا عربة کي يقودني أحدهم؟ أنا بنفسي و بقناعتي التامة صرت مسيحيا وأشعر أنني قد اکتشفت نفسي الان.

ـ تعني أنك کنت ضائعا أيام کنت مسلما؟
هل تريد أن تؤلب الناس علينا؟ أنا مرتاح في تنصري و ليس لي علاقة بغيري!

لکننا حين التقينا بالمدعوquot;آري خضرquot;من مدينة رانية و الذي تنصر لفترة معينة و عاد عن ذلك بعد مدة، فقد تحدث بشيء من التفصيل وقالquot;إنتميت للکنيسة الکردية وقد كنت سببا في کسب انتماء الکثير من الناس إلى الديانة المسيحية و حتى ان عوائل برمتها قد تنصرت، ويقول إن عدد المتنصرين ما يقارب 75 الى 100 فرد و تجد بينهم المراهقين و الشباب و رجالا في سن الاربعين أيضا، لکن النسبة الغالبة هي للشباب. آري الذي ترك الديانة المسيحية و يعمل الان شرطيا في مدينة رانية يقول:quot;شعرت انهم يخدعونني و انهم يمارسون عملا سياسيا ولهذا تخليت عنهمquot;. و يستمر آري بکلامه فيکشف أن هناكquot;العشرات من العوائل الکردية في مدينة رانية والتي تعمل لحد الان من أجل نشر هذه الديانة بين الناسquot;. وحين سألناه عن مدى علاقته بتلك الکنيسة أيام کان نصرانيا، فقد قال:quot;کانت الکنيسة تعينني لأنني کنت راعيها، وهذه مرتبة لاتمنح لأي کان، وکانت إعانتهم بحدودquot;350 الى 400$quot;، ولکن کانت هناك إعانة لکل من تنصر، کل بأسلوب و طريقة خاصةquot;.

وعن سبب انتشار التبشير في رانية فقد علل ذلك بقولهquot;السبب الرئيس هو انه دين مسالم و ينهي المعاناة الروحية للانسانquot;، غير ان الامر المثير و اللافت للنظر ان آري خضر قد قال عن الفترة التي کان فيها نصرانيا:quot;في ذلك الوقت حين کنت أعمل للمسيح کانت روحي مطمئنةquot;.

أماquot;صابر سنديکاquot;من مدينة قلعهzwnj; دزة، الذي تنصر هو الاخر، فيقول عن التنصير في المدينة، إن هناك الکثيرين من الذين تنصروا خصوصا عوائل بکاملها. ويشير الى ان رجال الدين في مدينة قلعه zwnj;دزة قد تحدثوا عنه و تسببوا في إثارة مشاکل له، وقد قال صابرquot;مضت ستة أعوام على اختياري لهذا الدينquot;.

و يشير المتنصرون الى رغبتهم في ان تقر حکومة الاقليم في الدستور مادة تجيز للکرد الذين قاموا بتغيير ديانتهم الى المسيحية أن يغيروا دينهم في هويات احوالهم المدنية من مسلم الى مسيحي. وقد أکد العديد منهم انهم متفائلون من تحول معظم الشعب الکردي في السنوات القادمة للمسيحية، لأنquot;بحد زعمهمquot; الانسان في تلك الديانة يکتشف حريته الروحية.

التحقيق منشور في إيلاف دجتال يوم الجمعة 16 شباط 2007