أسامة العيسة من القدس: لا يزعم الفنان الفرنسي الشاب ماركو، معرفته بالسياسة، رغم إنه يقدم الآن مع نحو عشرة آخرين من زملائه مشروعا فنيا، في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، يتخذ من الجدار الاستيطاني الذي تبنيه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، مكانا وموضوعا له.
ويحمل المشروع اسم (وجها لوجه) وله منسقين على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ويهدف حسب القائمين عليه إلى التأكيد على إمكانية التعايش بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
فكرة المشروع، مستوحاة من تجربة مماثلة، خاضها نفس الفنانون، في العاصمة الفرنسية باريس، بعد اضطرابات الضواحي، وتقوم فكرة المشروع، على إلصاق صورا ضخمة غير عادية، على مقاطع من الجدار الفاصل في الجانب الفلسطيني، وخصوصا مدن بيت لحم ورام الله والقدس أريحا، وفي مدن إسرائيلية مثل تل أبيب، على الجانب الآخر.
وكل صورة عبارة عن وجه لفلسطيني أو إسرائيلي، في حالة غير اعتيادية، أو تحمل وجهين لفلسطيني وإسرائيلي، ليس شرطا أن يكون هناك ما يجمع بينهما، وربما لا يوجد لدى الفنانين أنفسهم تخطيطا لجمع كل وجهين مع بعضهما البعض، فالهدف من المشروع كما يقول منسقه في الأراضي الفلسطينية ايمن أبو الزلف، ليس سياسيا، وانما السخرية من الجدار.
وقال عدد من الفنانين، ان لكل مشاهد الحرية في فهم الصور كما يحلو له، وانه لم يكن هناك أي تقصد في إيصال معنى معينا، وان الناس أحرار في فهم ما يريدونه والسخرية بالطريقة التي يرونها مناسبة لهم.
ونجح الفنانون، بصورهم الضخمة الملصقة على مقاطع من الجدار في لفت انتباه الفلسطينيين، المهمومين بالاحتلال واجراءته وصراعات سياسييهم، ومن الصعب لفت انتباههم لحدث ثقافي أو فني.
وسيستمر المشروع عدة اشهر، سيواصل فيها الفنانون عملهم، وإلصاق الوجوه الغريبة على الجدار، الذي من الصعب وصف أثاره المدمرة على الفلسطينيين واراضيهم وبيئتهم.
وطالت الإجراءات الاحتلالية، الفنانين، عندما اعتدي عليهم في الخليل من قبل الجيش الإسرائيلي واعتقال أحدهم.
ومن الطريف أن بعض الفلسطينيين، ربطوا بين الصور وعيد البوريم اليهودي، الذي حل تزامنا مع إلصاق الصور، ويسمى هذا العيد بعيد المساخر، ومن مظاهره ارتداء اليهود الملابس التنكرية، وتناول المسكرات، واعتقدوا أنها جزء من الاحتفالات بعيد المساخر.
ومشروع الفنانين الفرنسيين، ليس هو الأول لفنانين وموسيقيين وكتاب من العالم، قدموا أعمالا بجانب الجدار أو استوحوها منه، وخلال الفعاليات المنددة بالجدار، التي يشارك فيها متضامون أجانب، يتم رسم شعارات على مقاطع من الجدار ولوحات مختلفة، ولكنها المرة الأولى التي تصل فيها السخرية، فنيا من الجدار، وهذه المرة من قبل هذه المجموعة من الفنانين الفرنسيين الشبان، الذين يؤكدون على استقلاليتهم.
وتحول موقعين تبنى فيهما مقاطع من الجدار، إلى تنظيم فعاليات أسبوعية، أحدهما قرية بلعين غرب رام الله، التي تحولت إلى رمز لمقاومة الجدار، ومقصدا للمتضامنين الأجانب، واصدرت إحدى المتضامنات كتابا عن تجربة هذه القرية في مقاومة الجدار سلميا.
وجنوب مدينة بيت لحم، بدأت تتحول قرية أم سلمونة الصغيرة، إلى رمز آخر لمقاومة الجدار، حيث تجري فعاليات أسبوعية، يحاول القائمون عليها كما يقول الناشط خالد العزة لمراسلنا، على تنويعها واغناءها، ومن بينها تنظيم مهرجانات شعرية وفنية.
ولكن النشاط الأهم كان عندما قرر الشاب محمد بريجية، اقامة عرسه في المكان، على أنغام الأهازيج التراثية والأغاني الوطنية، وعروض الدبكة الشعبية، حيث زف العريس من قبل فلسطينيين ومتضامنين أجانب، دبكوا ورقصوا رفضا للجدار.
ولا يوجد لدى منظمي هذه الفعاليات، آمالا كبيرة، بان ما يفعلونه يمكن أن يوقف بناء الجدار، ولكنها كما يقول العزة، هي فعاليات تنظم تعبيرا عن رفض سلمي وحضاري للجدار، وتأكيدا على تمسك الفلسطينيين بأرضهم.
وهو ما يحدث الان، مرة على شكل رقص وغناء، ومرة أخرى، بالسخرية المرة من الجدار.
التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الثلاثاء 13 اذار 2007
التعليقات