أهالي كردستان يحتفلون بعيد نوروز في قمم الجبال الخضراء


من فرمان عبدالرحمن السليمانية: في الحادي والعشرين من آذار في كل عام يتوجه أهالي مدن كردستان الى المصايف و الجبال ليحتفلوا بعيد نوروز الذي يعتبر رأس السنة الكردية كما يعتبره الكرد في جميع أنحاء العالم عيداً قومياً لهم. و قبل ذلك بيوم و في مساء العشرين من آذار مارس يتوجه الاكراد في مدن كردستان الى قمم الجبال و التلال ليشعلوا النيران تعبيرا عن إحتفالهم بعيد نوروز وقدوم فصل الربيع، إذ ان إشعال النيران، حسب الأسطورة التأريخية الكردية القديمة لهذا العيد، يعتبر رمزاً للحرية و الخلاص من الظلم و الطغيان.
وحسب الأسطورة الكردية فان الكرد و قبل آلاف السنين كانوا يعانون من ظلم الطاغية (ضحاك) الذي كان يقتل كل يوم شابين إثنين و يستعمل دماغهما لعلاج داء خبيث فوق كتفيه و في أحد الأيام إنبرى له شاب كردي كان يسمى (كاوة الحداد) و قضى على الطاغية و في نفس الوقت أخبر أصدقاءه بإن يشعلوا النيران فوق قمم الجبال و التلال تعبيراً عن إحتفالهم بنيل الحرية وفرحتهم بنهاية عهد الحاكم الظالم.
و على الرغم من ان الفرس و الأفغان و بعض شعوب آسيا الوسطى يعتبرون النوروز عيداً قومياً لهم فإن الكرد يعتمدون على أسطورة (كاوة الحداد) للدفاع عن كردية النوروز كما يحتفلون به ومنذ قديم الزمان على طريقتهم الخاصة.
و مع أن أسطورة كاوة الحداد تبقى الرواية الأكثر الشعبية بين الكرد للدلالة على كردية نوروز في جميع أنحاء العالم فان بعض المؤرخين الكرد يسندون على بعض المصادر التأريخية التي تعتبر هذا العيد ذكرى تأسيس أول دولة كردية على مر التأريخ.
عن ذلك قال كيوان آزاد، أستاذ التاريخ بجامعة السليمانية لوكالة أنباء (أصوات العراق) المستقلة quot;يصادف يوم 21 من آذار اليوم الأول من شهر نوروز حسب التقويم الكردي و هو بداية العام الجديد حسب هذا التقويم و هو في نفس الوقت ذكرى حدث تأريخي بالغ الأهمية للكرد وهو تأسيس أول دولة كردية على مر التأريخ و هي دولة الماد التي حكمت بين أعوام 700 الى 550 قبل الميلاد.quot;
و تابع quot;اليوم هو الأول من الشهر الأول في عام 2707 حسب التقويم الكردي و الكرد يحتفلون بذكرى تأسيس أول دولة كردية منذ 2707 عاماً .quot;
و أرجع آزاد عادة إشعال النيران في هذه المناسبة الى الرأي القائل بأن مؤسسي دولة الماد كانوا يشعلون النيران للإتصال بمناطق نفوذهم المختلفة وقال quot;إضافة الى ذلك فإن الكرد يعتبر من الناحية الأنثروبولوجية جزءاً من الشعوب الهندو إيرانية التي تقدس النار و تعتبرها رمزاً للحرية.quot;
أما أهالي مدن كردستان فلا أحد يريد أن يناقش هذه التفاصيل في هذا اليوم، إذ يلبس الناس الملابس الكردية و يتوجهون الى المصايف والجبال والتلال القريبة ليحتفلوا بعيد نوروز ورأس السنة الكردية وقدوم الربيع، فيبدأون بإشعال النيران و يتحلقون ليرقصوا الدبكة الكردية على أنغام الطبل و المزمار حتى وقت متأخر من الليل.
قالت شوخان عمر، (24سنة) مدرسة من أهالي السليمانية، التي كانت تستعد صباح اليوم مع عائلتها للذهاب الى مصيف دوكان quot;بدأنا هذا العام بالإستعداد للنوروز منذ شهر تقريباً و سنقضي عدة أيام في مصيف دوكان للإحتفال بنوروز و لجمع شمل العائلة.quot;
و تابعت quot;بالنسبة لي فأنا أعتبر هذا اليوم أجمل أيام السنة لأنه اليوم الأول من العام الكردي الجديد و اليوم الأول من فصل الربيع حيث تبعث مناظر سفوح الجبال الخضراء الطمأنينة في القلب.quot;
و لم يقتصر الإحتفال بعيد النوروز هذا العام على الكرد فقط، فقد توافد العديد من سكان المحافظات الوسطى و الجنوبية الى كردستان للمشاركة في الاحتفالات وقضاء وقت ممتع في الأجواء الربيعية الجملية لمناطق كردستان المختلفة.
فقد جاءت عائلة حيدر محمد (32 سنة) من سكان بغداد، الى السليمانية في أول زيارة لها الى كردستان وقال حيدر quot;كنت أنتظر هذه اللحظة منذ مدة طويلة، فقد كنت أسمع دائماً بجمال مناطق كردستان في الربيع و أثناء إحتفالات النوروز والآن أصبحت أشارك أهالي كردستان في إحتفالات هذا العام .quot;
و تابع quot;قررنا الذهاب الى مصيف دوكان للإحتفال بالمناسبة مع أهالي السليمانية .quot;
و بالرغم من ان عطلة نوروز في كردستان العراق لا تتعدى ثلاثة أو أربعة أيام لكن مظاهر الإحتفال بالمناسبة و السفرات العائلية الى المصايف تستمر حتى نهاية الربيع .

أصوات العراق