بلقيس دارغوث من دبي: في بلد ضحى بمليون شهيد مقابل استعمار فرنسي و100 الف ضحية نتيجة الاقتتال الداخلي طمعا في السلطة، تنمو قوة صامتة على طريق ثروة التاء المربوطة، ثورة لا تسمعها بقية النساء في العالم العربي المترامي الاطراف.. بدأت الجزائريات بالصعود إلى سطح المشهد الجزائري كقوة اقتصادية وسياسية كاسحة .. فحاذورا أيها الجزائريون، ها هن قادمات.

تشكل النساء الجزائريات 70 % من محاميات الجزائر، و60 % من قضاتها، و60% من طلاب الجامعة فتيات، فيما بدأت تزداد سطوتهن على القطاع الطبي، لترتفع نسبة مساهمتهن في تكاليف الحياة اليومية داخل منازلنهن أكثر مما يقدم الرجال

و فيما لا تظهر إعلاميا وعالميا هذه الثورة الصامتة، إلا ان وجود الجزائريات طاغ في مدنهن فهن موجودات في كل مكان، يقدن الحافلات وسيارات الأجرة كما يعملن في محطات البنزين ونادلات في المطاعم.

في المقابل ما زالت سيطرة الرجال على القوة العاملة تشكل النسبة الكبرى إذ تشغل النساء 20 % من هذه القوة، أي ضعف النسبة التي كانت عليه منذ جيل مضى، ويبدو المستقبل واعدا.

ينصب تركيز الجزائريين إجمالا على الصراع القائم بين الحزب الحاكم والجهات الإسلامية التي تحاول السيطرة على دفة الأمور السياسية في البلد. يقول هيوغ روبرتس، مؤورخ ومدير مجموعة الكوارث في شمال أفريقيا، لصحيفة نيويورك تايمز quot;إن الدراسات الجامعية لم تعد تشكل الطريق الأنسب نحو حياة اجتماعية ناجحة، ما دفع بالعديد من الشباب نحو البحث عن عمل باكرا أو الهجرةquot;. وهو أمر يوافق عليه دارسو أوضاع المغرب العربي ككل حيث يلقون بلائمة البطالة على المناهج الدراسية إجمالا وعدم مواءمتها سوق العمل.

أما النسبة للفتيات ،يقول روبرتس، فإن التخصص الجامعي يتيح لهن الخروج من مازلهن وتأمين فرصة البحث عن ذاتهم اجتماعيا ومهنيا.

وتأرجت الجزائريات، كما المجتمع الجزائري، بين التجاذبات التي كان وما يزال أقطابها الدولة العلمانية من جهة والتوجهات الإسلامية من جهة أخرى.

ففي الجزائر اليوم سيدات ملتزمات دينيا أكثر من أي وقت مضى، ومنهن المتحررات، كما يقول علماء الاجتماع. فهن يذهبن إلى المساجد لأداء الصلاة ويذهبن إلى سوق العمل ليعملن جنبا إلى جنب امام الرجال ،الامر الذي كان ممنوعا في وقت مضى.

كما لاحظ المتابعون تأخر سن الزواج في الجزائر نظرا لإقبال الجزائريات على إكمال تحصيلهن العلمي قبل الزواج، بالإضافة إلى عوامل اقتصادية اخرى كالبطالة بين صفوف الرجال. وبعد ان كان معدل الزواج بين الـ 17 و 18 أصبح اليوم 29.

وغالبا ما تتفوق الزوجة في تحصيلها العلمي على زوجها، ما أدى إلى العديد من الفروقات والمشاكل الزوجية.

خالدة رضوان، محامية عمرها 33 عاما، متزوجة من بواب منذ 5 أشهر. وقالت إن زوجها صديق أخيها، وعلى ما تذكر فعندما تقدم لطلب يدها وافقت مباشرة. وتصف حياتها quot;عندما اتركه متوجهة إلى العمل اشعر أني رجل، وعندما اعود إلى البيت أشعر اني امراة من جديد.quot;

فاطة أوصديق باحثة اجتماعية مركز الأبحاث في العلوم الاقتصادية التطبيقية والتطوير الجزائري، قالت quot;كنا في ستينات القرن الماضي داعيات للتطوير والتغيير لكننا لم نحقق ما يحققه هذا الجيلquot;.

ويقول علماء اجتماع إن الجزائريات يشكلن اليوم أكبر قوة اجتماعية للتغيير وذلك من خلال تواجدهن البيروقراطي أو في الشارع ما يحمل آمالا كبيرة للتغيير، ويشكلن أكثر من نصف المجتمع الجزائري بقليل.

تقول الآنسة وهيبة نبطي بينما تمر في شوارع وسط المدينة :quot; أتمنى ان أتمكن من قيادة رافعة في يوم ما لأشعر بالاستقلال المادي الحقيقي .. فهنا لا يمكنك الاعتماد دائما على الرجلquot;.