ازدياد أعداد المُعمّمين الشباب في العراق

عدنان البابلي: يُقبل شباب عراقيون لاسيما في الوسط والجنوب على ارتداء العمامة التي هي لباس ديني بالدرجة الاولى في تلك المناطق. وفي العراق يرتديالمرء العمامة لغرضين، اما لاثبات النسب الهاشمي فيرتديها سوداء او خضراء، او لانه طالب علم وفقه فيرتديها بيضاء. وبين هذه وذاك يرتدي اخرون العمامة على رغم انهم لا من هذا ولا من ذاك بل لان الامر اصبح وسيلة في العراق اليوم للحصول على الامتيازات والوجاهة الاجتماعية.

ويروي (ح. الياسري ) الذي عرفته شابا علمانيا لايمارس الطقوس الدينية، وعرف بتناوله الكحول لزمن طويل انه يرتدي العمامة السوداء الان للاشارة الى نسبه لال البيت. وقال ان الامر في العراق اليوم يتطلب ذلك لان لصاحبها نفوذا كبيرا بين الناس.
واردف (الياسري ): انني امارس الطقوس الدينية اليوم بانتظام بعد ان كنت مضطرا في السابق الى الابتعاد عن الدين خوفا من بطش رجال الامن.
وسألت ايلاف (الياسري) عن مغزى ارتداء العمامة الخضراء فقال ان بعض ( السادة ) ممن يرجع نسبهم الى ال البيت يرتدونها وهي تنتشر بدرجة اقل من العمامتين السوداء والبيضاء.

عمامة الحوزة

وفي النجف لاحظت ايلاف ان هناك مجاميع ترتدي العمامة والجبة وقال ( ليث السماوي ) لايلاف نحن طلاب الحوزة الإسلامية ويطلق على لباسنا هذا اسم ( الزي الحوزوي ) كما ان كثيرين ممن لا ينتسب الى مدرسة الحوزة يرتدي الزي وهو امر يبعث على القلق اذا ما اخذنافي الاعتبار ان بعض افراد الميليشيات يرتدونه.
ويقول: يثير الامر استياء رجال الدين. ويضيف (السماوي ) ان هناك من تعمم للحصول على المكاسب مثل الوظائف الحكومية.

ويقول (سليم الخفاجي) انه ارتدى العمامة لانه قائد في جيش المهدي الذي يفرض ارتداء العمامة لقيادات جيشه. و(سليم) خريج معهد تكنولوجيا وكان موظفا دائما في الجيش العراقي السابق.

ويعترف (جابر الحياني ) وهو صاحب دكان في محافظة بابل ان الامر بدا يختلط على الناس، فبعض من يتعمم اليوم كان بعثيا او يساريا في السابق، وبدا الاخرون طارئين على الامر اذا ما اخذنا في الاعتبار ان المجتمع العراقي يعرف في رجل الدين المعمم بانه من عائلة معروفة بالتقوى والورع وأن يزكيه أحد المراجع.

ويضيف: ان لباس الدين اضحى وسيلة للكسب والامتيازات ليس الا.
ويقول الحياني: في السابق كان عليك اصطحاب رفيق حزبي كواسطة لدى الدوائر الحكومية اما اليوم فيمكنك اصطحاب معمم، فالامر لم يتغير كثيرا كما يقول.

ويرى (سيد حسين النجفي )وهو طالب في الحوزة ان عدد المعممين في النجف وكربلاء يتجاوز الخمسين الفا. ويضيف ان عدد المعممين في النجف الاشرف وحدها أيام محسن الحكيم في الخمسينات والستينات سبعة الاف او يزيدون. في حين وصل عددهم الى سبعمئة في أثناء حياة الخوئي في الثمانينات ويقول ان هذه الإحصائية وردت على لسان محمد باقر الحكيم الذي اغتيل في النجف في انفجار هائل ولم يعثروا حينها الا على عمامته حيث احتفظت بها عائلته.

العمامة في الغرب

وللعمامة مركز مقدس في اغلب المجتمعات الاسلامية، وكان المشهد الذي اثار احتقانا طائفيا كبيرا في العراق منظر الرجل الذي تمكن من رفع عمامة ( على الهادي ) وهو الامام لدى الشيعة من تحت الانقاض حين فجر المرقد الذهبي العام الماضي. ويقول( سليم السامرائي ) لايلاف ان المرجعية الدينية تحتفظ بالعمامة اضافة الى الدرع والسيف حيث انتشلوها من سرداب تحت الانقاض.

وفي حين كان ارتداء العمامة والزي الاسلامي امرا يبعث على العجب في اوروبا حيث اضطر المقرئ الشهير عبد الباسط حين زار فرنسا الى شراء بدلة لارتدائها بعدما وجد ان الناس هناك كانوا ينظرون بدهشة الى عمامته وزيه الاسلامي فان شرطة اسكوتلنديارد البريطانية قررت السماح العام الماضي لرجال الشرطة المسلمين بارتداء العمامة خلال نوبات عملهم بدلا من القبعة التي تشكل جزءاً من الزي الرسمي لرجال الشرطة. وفي هذا يقول قادر خان) وهو شرطي بريطاني مسلم ان العمامة تعتبر سُنة، ولذلك فإن محاولة الالتزام بها تُعد جزءاً مهماً من حياة الإنسان المسلم. و تظاهر مئات من السيخ في فرنسا احتجاجاً على قرار السلطات الفرنسية بمنع ارتداء العمامة التي يرتديها المتدينون من أبناء تلك الطائفة يحملون لافتات كتب على بعضها: quot;العمامة جزء من جسدنا وليس من ثيابناquot;.

وفي اوائل القرن الماضي كان المعممون في مصر وسوريا هم العلماء والفقهاء والأدباء والكتاب وأرباب الأقلام و أرباب السيوف أو المماليك، و برزت أهليتهم داخل المجتمع من خلال مباشرتهم للوظائف المرموقة فى الدولة، فقد باشروا الوظائف الدينية والتعليمية التى جعلتهم اكثر احتكاكا بالشعب، وأقوى تاثيراً فيه، في عصر عرف بسمو النزعة الدينية.

ويعترف (كاظم جهاد ) وهو معمم ودرس الفقه في الحوزة العلمية في النجف ان بعضا ممن يدعون العلم ويرتدون العمامة لم يحصلوا على أي شهادة أكاديمية. ويقول ان الحوزة تعرف الامر لكن الفوضى في العراق سمحت لهؤلاء بتقمص شخص رجال الدين.
ويقول انه يعرف بعضا منهم لكنهم خطرون لانهم يعملون في الميليشيات ويحملون السلاح.
ويلبس السودانيون العمامة للوجاهة الاجتماعية وجاءت من فكرة ان الرجل كان يلف أمتارا كافية من القطن على رأسه، ليؤمن لنفسه دائما كفنا، يحمله على رأسه أينما ذهب، حيث لا تدري نفس في أي بقعة تموت. ويقول حسن كمال وهو معمم سوداني يعيش في لندن ان طول العمامة في السودان اربعة الى ستة امتار.


العمامة في التاريخ

والعِمامةُ، بالكسرِ: المِغْفَرُ، والبَيْضَةُ، وما يُلَفُّ على الرأسِ. zwnj;وقال الرسول ان العمائم تيجان العرب وتقول بعض المصادر ان عمر قال ذلك.
وكان الرسول يعتلي المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفها بين كتفيه و دَخَلَ مَكّةَ يَوْمَ الفَتْحِ وهو يرتديها. وكان يدير العمامة على رأسه ويغرزها من ورائه ويرسل لها ذؤابة بين كتفيه، وهذا يدل على أنها عدة أذرع. وللرسول عمامة قصيرة و طويلة، والقصيرة كانت سبعة أذرع والطويلة اثني عشر ذراعاً. وكان يطيبها بالزعفران و الورس من اليمن وإيران.


والبس الرسول علي بن أبي طالب يوم غدير عمامة وأرخى عذبتها من الخلف وفي حديث أبي موسى أن جبرئيل نزل على الرسول وعليه عمامة سوداء قد أرخى ذؤابته من ورائه،.
وارتدى عبد الرحمن بن عوف عمامة سوداء من قطن.
وكان الحسين بن علي يرتدي عمامة سوداء وحين قتل اخذها جابر بن يزيد الازدي فصار مجذوماً.

كما ارتدى ابن زياد عمامة سوداء حين دخل الكوفة ليخدع الناس على انه الحسين.
ودخل الحجاج مسجد الكوفة مخاطبا: يا أهل العراق! أنا الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبي عقيل بن مسعود.
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا... متى أضع العمامة تعرفوني
ولبس سادة العرب العمامة الصفراء و السوداء و البيضاء و الحمراء كما ارتدى الامويون والعباسيون الوانا مختلفة.
ومن أسمائها المكورة والعصابة والـمِعْجَر والـمِشوَذ والمقطّعة والتلثيمة وهذه الأسماء مأخوذة من هيئة تكويرها وطيها على الرأس.

ويقول ( سيد زين العابدين ) ان الشيعة لايرخون طرفها بينما هناك من يدلي طرفا منها بين كتفيه أو على أحدهما وهذا الجزء المتدلي يسمى quot;العَذَبة والذؤابة والزوقلةquot; وهي شائعة عند المعممين في الفلوجة وبغداد.
ويرى (محمد وهاب ) وهو استاذ سعودي انه على رغم ان الجزيرة العربية كان موطنا ومنبعا للعمامة الا انها تندر اليوم في السعودية ولا يلبسها من رجال الدين الا القليل على رغم ان محمد بن عبد الوهاب كان يرتدي عمامة بيضاء. و يرتديها المسنون في نجد فوق الشماغ.
وكانت لباس الإخوان من بادية نجد عندما جمعهم الملك عبد العزيز على سنة سلفية ولا يزال مُسِنُّوهم يلبسونها إلى هذا اليوم ويسمونها السنة، وهي علامة سؤدد لدى مشائخ البادية ويمتدح بها الحكام. و العمامة قطعة قماش كبيرة و سميكة من الصوف اوالحرير الصيني أو من القطن السميك أو الشاش الرفيع و وتلف حول الرأس بلفتين و لا تزيد عن ثلاث و عندما تكبر بشكل قرص كبير فانها تسمى (كشيدة) و تختلف اللفة من شخص لآخر وتستعمل عدة مرات والشيعة لايخرجون ذيولا من العمائم. اما ائمة السنة فيتركون زوائد لها من الخلف.ولبس الأباضيون المحافظون عمائم و قمصانا و يستعملون علماً أبيض و يعتقدون أن العمائم البيضاء هي بشرى خير.

Adnanbabely @yahoo.com