حكايات آباء ضُربوا حتى الموت وطُردوا من منازلهم بحكم قضائي
الإبن العاق..مغاربة يتضرعون حتى لا يلتقوه في الشارع وبمنزلهم

أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: لا أحد يريد أن يكون عاقاً في عيون والديه والمجتمع. لكن هذه النظرة لم تعد تعني الشيء الكثير لفئة عريضة من شباب المغرب، الذين رموا الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي تحض على الإحسان للوالدين وحملهم على كفوف الراحة، ليتسابقوا إلى اجتياز الخط الأحمر الدموي والعاطفي، إما بضرب أمهاتهم بسلك كهربائي أم توجيه طعنات قاتلة إليهن أم رميهن إلى الشارع أم دار العجزة، فيما ينهالوا على الأب بالسب والشتم أم يضعوا حدا لحياته أو يحتجزوه في غرفة، لأسباب قد تتوزع بين المسائل المالية بالدرجة الأولى أم نتيجة التدخل في الأمور الخاصة، مع العلم أن نسبة مهمة من مرتكبي مثل هذه الأفعال يدمنون الحشيش أم تناول الأقراص المهلوسة أم شرب الكحول، هذا إذا لم يكونوا يجمعون فيما بينهم دفعة واحدة.

ولم تشفع المكانة الاجتماعية والدينية التي يشغلها الوالدين في النجاة من ظاهرة العنف ضد الأصول، ليجدوا أنفسهم يشربون من كأس قدم لهم من أشخاص لطالما تضرعوا إلى الله بأن لا يلتقوا بهم حتى في الشارع، ليصطدموا بأنهم يقتسمون معهم سقف منزل واحد. قصص كثيرة بعضها يدمي القلب ويدمع العين، وبعضها لا يصدقه العقل حتى لو سردت أمامك بأكثر من لسان، قبل أن تصل إلى القضاء الذي لا يتسامح كثيرا مع مرتكبي مثل هذه الأفعال.
وأولى هذه الحكايات ننقلها من مدينة الصويرة، حيث تحولت رحلة استجمام جمعت إبن ووالده إلى مأساة بعد أن دخل المعنيين بالأمر في شجار بسيط نشب بسبب جدال حول وصل ملكية المنزل الذي يقطنون به في عاصمة النخيل مراكش.

ونشب الشجار بعد ساعات من وصول الإبن ووالده إلى الصويرة، حيث قررا قضاء عطلة قصيرة للاستراحة من عناء روتين العمل اليومي، إذ ما إن صعد الأب إلى الطابق العلوي حتى طلب من الإبن جلب وصل ملكية المنزل، الذي تركه بحوزته، ليرتبك المتهم، إثر عجزه عن تحديد مكان الوصل أو جلبه، ما أثار غضب والده الذي دفعه دفعة قوية، رد عليها الإبن بواحدة أقوى، سقط معها الضحية، قبل أن يسارع المتهم إلى التوجه نحو المطبخ، ليحضر سكينا فطعنه عدة مرات في أنحاء مختلفة من جسمه، ليفارق الأب الحياة على الفور، خاصة أنه يعاني من مرض السكري والقلب.

وبمجرد ما إن استفاق من الصدمة ووقف على فداحة الجريمة التي ارتكبها، أغلق الباب على الضحية بإحكام، قبل أن يركب السيارة ويسرع عائدا إلى مراكش، تاركا والده غارقا في دمائه. وفي اليوم الموالي عاد الإبن رفقة أحد أصدقائه إلى الصويرة، وطلب منه أن يبحث له عن عمال وخادمة لتنظيف المنزل، موهما إياه بأنه يعد المنزل لاستقبال والده الذي كان في تلك الأثناء غارقا في دمائه في الغرفة المجاورة.

انطلت الحيلة على الصديق الذي جلب له مجموعة من رفاقه ورفيقاته مكان العمال الذين طلبهم، وبعد انتهائهم من عملهم، قام المتهم في اليوم الثالث بدفن الجثة في حديقة المنزل. وعلى الرغم من أنه أخبر أمه وأشقاءه بأن والدهم يوجد في الدار البيضاء وسيأتي ليصطحبه من الصويرة ليعودا معا إلى مراكش، إلا أن طول مدة غيابه أثارت شكوكهم، ليطلقوا حملة بحث بعد إخطار الشرطة، قبل أن يكتشفوا فداحة الجريمة التي ارتبكها الإبن البكر.

وليس هناك فرق بين الجاهل والمتعلم والعاطل وكبار الموظفين فيما يخص العنف ضد الأصول، ففي الدار البيضاء عمد طبيب، وحيد والديه، إلى رفع دعوى إفراغ ضد والدته، بعد وفاة والده الذي وهبه المنزل حتى يتمكن من الزواج ويخلق أسرة. وبما أن الإبن يملك حق الملكية حكمت هيئة القضاء على الأم بالإفراغ، دون أن تأخذه بمن توجد الجنة تحت أقدامها رأفة أو رحمة، لتجد مهددة بالعيش في الشارع رفقة المشردين والسكارى واللصوص.

وفي شرق المغرب، قتل أصولي متطرف والدته بعد أن قام بتكفيرها، إثر رفضها الدخول معه في نقاش حول نسبه والأنبياء، فيما أجهز شاب، مدمن على تناول الأقراص المهلوسة، على والده وشقيقته وأصاب أمه بجروح خطيرة بعد أن وجه له انتقادات حادة، بمجرد أن طلب منه مده بالمال، وهو ما لم يستسغه، فاستل سكين من ملابسه وتبعه داخل المنزل إلى أن غرز السكين في جسمه، قبل أن ينهار باكيا.