لوحات فنية تذكر المغاربة بـ 12 قرنًا من تاريخهم
المربع المتناغم للطبيعة والجسم والألوان والموسيقى تضيء فاس
أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: تتواصل في العاصمة الروحية للمغرب الإحتفالات المخلدة للذكرى الـ 1200 لتأسيس فاس من قبل المولى إدريس الثاني، وسط انسجام وتناغم كاملين للصوت والضوء والماء لإبراز ملاحم 12 عشر قرنًا من تاريخ هذه المدينة، يجمعهمquot;المربع المتناغمquot; الذي يحيل إلى العناصر الأربعة الماء والأرض والهواء والنار، وquot;المكونات الأربعة للجسمquot;، وquot;الألوان الأربع الأولىquot;، وquot;الأصناف الموسيقية الأربع الأصليةquot;. ومن المنتظر أن تنتقل هذه الاحتفالات من فاس إلى ثلاث مدن عريقة كمراكش ومكناس والرباط، حيث ستتمحور أساسًا حول مساهمة المرأة في تاريخ المغرب، وقوافل التاريخ وحفلات موسيقية مغربية ومحاضرات حول الروحانية.
واستطاعت العاصمة الروحية، في دقائق معدودة وانسجام مثير، سرد تاريخها والبوح بأسرارها وخباياها الدفينة عبر القرون داخل ثنايا وأسوار مآثرها، خلال حفل الافتتاح الذي نظم ليل السبت. وبدت أسوار باب أبي الجنود، وهي تسلم نفسها لاحتضان عروض الصور العملاقة وأشعة اللايزر، وكأنها تساعد فاس على استعادة ذاكرتها ونفض الغبار عن ذكرياتها وإنطاق مآثرها العتيقة وبعث حنينها إلى ماضيها.
ويتوخى الواقفون وراء هذا المشروع في مستهل الأمر quot;تقريب المغاربة من ثقافتهم لكي يكونوا فخورين بانتمائهم إلى بلد عريق متجذر بعمق في التاريخ ومتوجه بعزم نحو المستقبلquot;. وتؤرخ هذه اللحظة الكبرى من التاريخ الوطني البداية الموفقة للتمازج الهنيء بين الأصل الأمازيغي والتأثير العربي-الإسلامي الذي سيصبح على مدى فترات طويلة من تاريخ المغرب القاعدة الأساسية للهوية المغربية.
ويتعلق الأمر بتسليط الضوء على اللحظات القوية من تاريخ المغرب بهدف التعريف وأيضًا تقاسم تنوع الإرث الثقافي الوطني، وكذا المساهمة في تثمين خاصية الهوية المغربية التي ترتكز على تقاسم القيم الإنسانية والمشتركة والوطنية والكونية معًا، ونشر على الصعيد الدولي، صورة المغرب الغني بماض يؤهله تعزيز وتخليد هويته وقيم التسامح والانفتاح في آن واحد. ويروم هذا المشروع المحافظة على الذاكرة التاريخية الوطنية، وتثمين الإرث المادي والمعنوي، وتمكين الجميع من التعرف إلى تاريخ المملكة وثقافتها وقيمها، وأيضًا إغناء الهوية الوطنية.
وحول تأسيس مدينة فاس، تدور محاور موضوعاتية لـquot;12 قرنًا من حياة المملكةquot; من قبيل quot;فاس: أول عاصمة لمغرب الجهاتquot;، وquot;إسلام الروحانية والتسامحquot;، وquot;القرويين والعلوم الشرعيةquot;، وquot;تاريخ بالمؤنثquot;، وquot;التقارب الإثنيquot;، وquot;ملتقى العلوم والمعرفة والمهارة الشعبيةquot;. ويتميز تقديم المحتويات التاريخية بنقل الرسائل المعرفية والمدنية، التي تعتمد على الموضوعية العلمية وتضع في الطليعة القيم الأساسية للتسامح والانفتاح والإبداع والحداثة.
وستمثل هذه الإثنتا عشرة لحظة، القوية والغنية بمسمياتها وبالمشاريع التي تدعو إليها، قاعدة أساسية لاحتفال بلد فخور بتاريخه، وهو بصدد بنائه لمستقبله بكل ثقة، موثقًا أثناء ذلك صلته بالحداثة.
وتظافرت جهود العديد من الفنانين من ذوي الخبرة المتميزة في هذا المجال لإخراج حفل الافتتاح، كالباحث الموسيقي المتألق أحمد عيدون، والمبدع والفنان لحسن زينون، والسينمائي البارز عبد الرحمان التازي، والمؤلف الفنان الطيب لعلج. وشارك في إحياء هذا الحفل أكثر من270 فنانًا، من بينهم عبد الرحيم الصويري وفرقة لمشاهب وفرانسواز أتلان وأومو سانغاري وحميد قصري وفرقة quot;أش كاينquot;، ومجموعة من الفرق الموسيقية جاءت من مختلف محافظات المملكة.
وجمع مصممو حفل quot;المربع المتناغمquot; بين الموسيقى والغناء والرقص والصورة، وقاموا بتوظيف الخصوصيات الثقافية التي طبعت المراحل التاريخية التي مر بها المغرب منذ القرن الثامن الميلادي، واستعانوا بالتكنولوجيا المتطورة لإتاحة الفرصة للجمهور لاستكشاف الفنون الشعبية من زاوية جديدة، حيث يمتد طول الصورعلى 160 مترًا وارتفاع يبلغ 11 مترًا وبعمق 120 درجة.
ويحيل عنوان العرض quot;المربع المتناغمquot; الى العناصر الأربعة الماء والأرض والهواء والنار، والتي تعد في قلب العلوم الرياضية التي أسست للحضارة العربية والإسلامية والتي شكلت مدينة فاس أحد عواصمها المتألقة. وتتجسد هذه العناصر الأربعة أيضًا في سلسلة أخرى من المربعات quot;المكونات الأربع للجسمquot;، وquot;الألوان الأربع الأولىquot;، وquot;الأصناف الموسيقية الأربع الأصليةquot;. وتعتبر ذكرى تأسيس مدينة فاس على يد المولى إدريس الثاني، مناسبة لتدشين مسلسل حي وديناميي لاستعادة التراث الجماعي، آخذًا بالاعتبار لبناء مغرب متطور يرنو نحو المستقبل، قوي بتفرده وامتداداته العالمية.
وجرت برمجة 12 تظاهرة تمثل اللحظات القوية، خلال هذه السنة في مختلف مناطق المملكة، خصوصًا quot;المغرب بصيغة المؤنثquot; خلال شهر ماي، وquot;قافلة التاريخquot; التي ستجوب الجهات الستة عشر للمملكة، وquot;الكتاب الأبيضquot; الذي سيجمع العديد من شهادات الشباب المغربي في شهر يونيو، وquot;مغرب اليوم والغدquot; بالرباط شهر يوليوز، وquot;فسيفساء موسيقى المغربquot; بمراكش في شهر غشت، وتظاهرة quot;المغرب ملتقى الروحانياتquot; بمكناس في شهر شتنبر.
التعليقات