فاقد لِبصره ومالِك لِبصيرتِه: quot; لنْ أسمح لأية حَواجز أن تُعيقنيquot;

سويسرا: يُفترض أن تُسهِم التكنولوجيا الحَديثة في التَقليل مِن الحواجز، أو حتى في هَدْمها، إلا أنها تقوم أحياناً بِوضع العَقَبات أيضاً، وهذا ما نلاحظه عند القيام بجولة في شبكة الإنترنت مع روني جون الذي يَعمل في جـمعية من أجل ضمان quot;الوصول للجميعquot;، كمسؤول لاختبار إمكانية الأشخاص المُعاقين لدّخول وتصَفّـح عالم الشبكة العنكبوتية، عِلماً بأن جون نفسه ضرير.
quot;الوصول للجميعquot; هي جمعية خيْـرية سويسرية أُنشِـئت في نوفمبر من عام 2000 لغرض تعزيز تكافُـؤ الفُـرص في استخدام التكنلوجيا، وهي بِمثابة الوَسيط بين الأشخاص المعاقين والمنظمات المدافعة عن حقوقهم من جهة، والمؤسسات الإدارية وشركات الخدمات والمعلوماتيات ومؤسسات البحوث والتعليم، من جهة أخرى، حيث تكون قُـيود التكنولوجيا أكثر وضوحاً.

ويَشرح روني جون عَملَه لسويس إنفو قائِلاً: quot;أنا أقوم باختبار صَفَحات الويب وأبحث إن كان هنُاك شخص مُصاب بضعفٍ شديد في بَصَرِهِ أو لا يَرى البتّة، يستطيع التعامل مع جهاز حاسوبه ولديْـه القدرة على إيجاد طَريقه من خِلال هذا الجهازquot;.

ويستطرد قائلا: quot;الإنترنت مُهمّ جداً بالنسبة لي كشخص ضرير، وقد يكون أكثر أهميّة بالنسبة لي ممّـا هو عند الأشخاص الذين يتمتّـعون بِنَظرٍ سليم. إذ بِإمكان الأشخاص المُبصِـرين الوصول إلى الكثير من المعلومات بدون إستِخدام الإنترنت. فهناك، على سبيل المثال، الإعلانات والعروض الخاصة، ولكن هناكَ أيضاً مسألة الحُصول على المعلومات المُتَعَلّـقة بالأنشطة السياسية في الجريدة الأسبوعية التي تُوَزّع في جميع المُدُن السويسرية، هذه المعلومات غير مُتاحة بالنسبة لي، لأنها تَقتَضي التمتع بعيْـنٌ مُبصِرةquot;.

حواجِز مُزعِجة
ولا يَحتاج روني جون إلى شاشة عَرض، إلا أنّ حاسوبه الَمَحمول يَتواجد ضِمن سلسلة أجهِزة تُباع بأسعار معقولة، وهذا الجهاز مُزوّد بِما يُسمّى quot;قارئ الشاشةquot; أو quot;Screen Readerquot;، تَتَلخّـص وظيفته في قراءة صفحات الإنترنت بصوت عال.

كما أن جهاز الحاسوب مُزوّد بلَـوحة مفاتيح خاصّـة تُدعى quot;صف أو سطر برايquot;، (وهو طبعة خاصة لأجهزة الكومبيوتر تُـحوّل الإشارات والرموز الموجودة على لوحة المفاتيح إلى خط بْـراي المعروف - وهو نظام كتابة أبجدي اخترعها الفرنسي لويس براي كي يستطيع فاقديو البصر الكتابة بواسطة تحويل الحروف إلى رموز بارِزة، مِما يَسمح بالكِتابة عن طريق حاسّـة اللّـمس )، ويُحَوّل الجهاز النصّ على الشاشة سطرا بسطْـر إلى لغة براي، وهكذا يتحرّك الشخص بِسرعة وأمان خِلال الشبكة العنكبوتية العالمية، كما لو كان مُبصِراً وخبيراً في هذا المجال.

للوصول شروط..
ولكي يستطيع جون وغيره من فاقدي البَصر إدراك وفهم صفحات الإنترنت، يتوجّـب عليهِم تَنفيذ وإتمام بعض الشروط. فغالبا ما تتواجد عناصر مُرتـَّبة مُختلفة على صفحات الشبكة (على شكل اختصارات خاصة) للدلالة على العناوين والقوائم والجداول والرّسوم البيانية وغيرها. وهنا يقول جون: quot;يُمكن تشكيل عُنوان النص من خِلال إختيار النصّ السميك ذي الحجم الكبيرquot;.

ويُكمِل: quot;في لُغة الإنترنت، هناك شفرة quot;لغة تأشير النص الفائقquot; - أو ما يُسَمّى HTML، أي (HyperText Markup Language) - ويوجد فيها quot;رمز العنوانquot; الذي يُمكن تخصيصُه لكل نص. فبرنامج القراءة الذي أتوفر عليه لتصفح الويب يَحتاج لهذا الرمز للتعرف إن كان النص عنوانا أو شيئا آخرquot;. ويوضِح جون بأن هذا مُهمّ للتعرّف على هيكل صفحة الويب، حيث ليس بإمكانه إدراك موقِـع على شبكة الإنترنت من نظرَة واحِدة، كما هو الحال بالنسبة المُبصرين.

فبِإمكان الشخص المُبصِر quot;مَسحquot; صفحة الويب بواسطة عينيه بعد رؤيته لعناوين مكتوبة بحجم كبير. ويقول جون حول ذلك: quot;باستطاعة quot;قارِئ الشاشةquot; الخاص بي القيام بنفس العمل إذا كانت العناوين مُحَدّدة بالشكل الصحيح، حيث أنه يُجمع كافة العناوين في خانة quot;الحِوارquot; Dialogboxquot;.

طوق النجاة.. النُصوص البديلة!
تحتوي أكثر المواقِع الحديثة على العَديد من الرسومات والروابط التي تَختبِـئ َخلفها. وهنا، يُشير جون إلى صحفة في وكالة للسّـفر مثلاً، ويقول quot;اليوم، نرى الكثير من صور أشجار النخيل والبَحرquot;، ولابدّ من النّـقر على هذه الصور لحجز هذه العُطـل.

ويَستَطِرد جون: quot;في برنامج القراءة الخاص بي، لا يُمكنني الإستفادة من تلك الصور. في العادة، ُيخبِرُني البرنامج بأنّه تمّ العُثور على صورة ثم يَقرأ لي بعد ذلك بَيانات غير مَفهومة عن تلك الصورة. بِإمكان مُصَمّمي صفحات الويب استخدام ما يُسمّى quot;النصّ البديلquot; هنا لإيجاد حَلٍّ لهذه المُشكِلةquot;. هذا النص البديل غير مَرئي في العادة، ولكنه يُقرأ من قِبَل المَكفوفين.

موقع سويس إنفو تحت الإختبار
ومن وجهة نَظَر جون، فإن quot;موقع سويس إنفو في طريقه الى الوصول لموقع خالٍ من العَقباتquot;، ويُضيف: quot;كشخص ضَرير، أستطيع أن أُحَدّد موقِـع النص المُهم، ولكن هناك بعض أوجُـه القُصور التي تَجعل التصفح في الإنترنت أمراً صَعباًquot;، وهكذا تزعجه مثلاً رسومات أو مقاطع غير مَفهومة أو مَرسومة بصورة غير صَحيحة.

وفيما يخص المادة الجديدة quot;الاستماع لمقالةquot;، هناك نقص في عُنصر أساسي يُمكن تحديده من quot; قارئ الشاشةquot; الخاص بجون. ويُكمِل جون: quot;هذه الميزة الُمتعلقة بالقراءة، مُهِمّة للأشخاص الذين يُعانون من إِعَاقَة بَصَرية (ضعف البصر)، والذين يُمكنهم قراءة نصٍّ ما بعد تكبيره بدرجة قوية. هنا تُساعد quot;وظيفة القراءةquot; بدرجة كبيرة، حيث لا يضطرّون لتعريض أعيُنهم إلى جُهد أثناء القراءةquot;، ولكن، لو أراد جون الاستماع إلى مَقالة مُطوّلة، فسيكون بوسْـعه البحث، بواسطة برنامج quot;قارئ الشاشةquot;، عن صوت مُناسِب يختاره ليقوم بقراءة المقالة له وبالسرعة التي تُناسب جون.

نقاط جيدة للمؤسسات العامة
ويُلاحِظ جون أن المَزيد من المَواقع في الشبكة العنكبوتية أصبحت ُمتاحة للإستخدام بطريقة إيجابية للمُعاقين. وهنا يَصِف جون الحالة قائِلاً: quot;الأكثر تقدّماً وإيجابية في هذا المِضمار، هم الإدارة الفدرالية والكانتونات والبلدياتquot;، ويضيف: quot;هذا مَنطقي، فهُم مُلزَمون قانونياً بتقديم المَواقع الخالية من العوائقquot;.

أمّا في القطاع الخاص، فلا يَزال هناك نَقص في هذا المجال، لكن الكثير من البُنوك، وفي مُقَدِمَتِهِم quot;كريدي سويسquot;، صَمّمَت موقعَها على شبكة الإنترنت بصورة تهدِف إلى الوصول إليه بسهولة.

ويجد جون أن مسألة التسوّق الإلكتروني لا تزال بِحاجة ماسّة للعمل، ويَعتبر أن العَرض الأسوأ، هو من سلسلة المحلات التجارية quot;كوبquot; (Coop)، وتليها quot;لوشوبquot; (Le Shop) التابعة لـ محلات quot;ميغروquot; (Migros) المُختصة للتسوّق عبر الإنترنت.

لكن جون يصر على التسوّق من quot;Le Shopquot;، ويقول: quot;ذلك فقط لكوني شَخص أجاهِد في سَبيل الدخول إلى صَفحات غَيْر مُرضية ولن أدَعْ الحواجز تُعيقُـنيquot;.