فتحي الشيخ من القاهرة: تحكي هيام صالح عن ابنتها قائلة ابنتي عندها الان ستة سنوات، اخر مرة رايتها منذ ثلاث سنوات كانت تلبس فستان احمر و تضع توكة خضراء في شعرها ومنذ ذلك الوقت، بعد ان تزوجت رفض زوجي السابق ان يجعلني اراها، رغم صدور حكم من المحكمة باحقيتي في ان اراها مرة كل اسبوع،كثير ما ابكي بسبب حرماني من رؤيتها، انا الان لا اعرف شكلها ايه، مشكلة هيام تتكرر في مصر بعدد حالات الطلاق التي تصل الى ثلاثة ملايين حالة طلاق في مصر،ويكوي بنارها 7 ملايين طفل حكم عليهم قانون صدر منذ ثمانين عام بالعيش مع احد الابوين دون الاخر وبموجبه يصبح من حق هذا الطرف غير الحاضن ان يري طفله لمدة ثلاث ساعات اسبوعية بحكم المحكمة ولكن الحقيقة انه تكون تبعا لرغبة الطرف الحاضن الذي يكون في الغالب علي خلافات مع الطرف الاخر.

هاني هلال استشاري حقوق الطفل ومدير مركز حقوق الطفل المصري يقول ان القانون المصري ينظم اجراءات الرؤية في اطار المادة 20 من القانون الذي يشير ان الرؤية تتم للطرف غير الحاضن لمدة 3 ساعات اسبوعيا بمكان محدد وليس للاقرباء حق الرؤية. اي ان الجد والجدة والعم والعمة والخال والخالة حتي الاخوة غير الاشقاء محرمون من هذا الحق الا بموافقة الطرف الحاضن وهو ما لايحدث ابدا، ويسمح للجد والجدة بالرؤية فقط في حالتين فقط اذا كان الاب متوفيا او اذا كان خارج البلاد، ويضيف هلال انه في حالة اذا قرر الطرف الحاضن عدم احضار الطفل في يوم الرؤية عدة مرات فان هذا القانون يطالب الطرف غير الحاضن بتقديم مجموعة كبيرة من الشهادات من الجهة التي يتم فيها الرؤية بان الطرف الحاضن لا يحضر الطفل ويرفع دعوي اسقاط حضانة والتي تصل فترة تدوالها ما بين 12 الي 20 شهرا في المحاكم اي ان الطرف غير الحاضن لا يرى طفل لفترة قد تصل الي سنتين ولكن ما يحدث عادة انه قبل الفصل في القضية بشهر او اثنين يقوم الطرف الحاضن بالالتزام باحضار الطفل فتسقط القضية.
الضحايا كثيرة في ظل هذا القانون ضحايا مع كافة السيناريوهات وهم الاطفال وهو ما يفسره الدكتور محمد المهدي استاذ الطب النفسي بجامعة الازهر قائلا الطفل الذي سيذهب لرؤية والده او والدته مشحونا من الطرف الحاضن ضد الطرف الاخر فكل يحاول استقطاب الطفل لصالحه بغض النظر عن نفسية الطفل ومشاعره والمحصلة النهائية طفل معبا بشحنات سلبيا في كل اتجاه، لابد ان يعايش الطفل الطرف الغير حاضن معايشة حقيقية وليس مجرد ثلاث ساعات صورية فحسب ويجب ان يندمج في بيئته ومعيشته فلو كان الطفل في حضانة الام ينبغي ان يذهب للاب وعائلته ويجلس مع الاعمام والجد والجدة ويعيش حياة اسرية طبيعية تشكل شخصيته بصورة سوية ويعلق المهدي علي القانون قائلا يبدوا ان القانونكما لو كان قانون لاطفاء شوق الرؤية فقط بينما اهمل جميعالجوانب التربوية والنفسية علي الناحية الاخري.
بالطبع هناك ضحايا اخرين ويكون في الغالب الطرف غير الحاضن الي جانب باقي العائلة من طرفه من جد وجدة والاعمام او الاخوال الجد صلاح عبد الحكم لم يستطع رؤية حفيدته منذ ان تم ولادتها منذ سنتين لان الطلاق وقع قبل ولادتها بثلاث شهور وعلي الرغم من صدور فتوى من مفتي الجمهورية في ابريل 2006 بحق الجد والجدة في الرؤيا تحقيقا للعدالة في حق اقارب الطرف غير الحاضن للرؤية كما هي متاحة لاقارب الطرف الحاضن، ايضا الجدة زينب رضوان تقول لم ارى حفيدي منذ اكثر من سنة بسبب تعسف مطلقة ابني في استخدام حق الحضانة وامتناعها عن تنفيذ حق الرؤية المقضي به لرؤية حفيدي في الحديقة الدولية بمدينة نصر
وهذا ما تؤكده الدكتورة عزة كريم استاذ علم الاجتماع بالمعهد القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية انه عندما ارادت جدة رؤية حفيدها قامت الام بابلاغ الشرطة لمنعها من ذلك فهذا القانون لايرعي الشرع والعدل فهو يلغي علاقة القرابة ويعمل علي القضاء عليها، وتضيف كريم انه حتي عندما اراد المشرع ان يعدل القانون زاد الضرر فيه حيث مد فترة الحضانة الي خمسة عشر عام وتكون من حق الام ثم بعد ذلك يتم تخيير الطفل بين استمرار الحضانة او الانتقال الي الاب ويكون هذا فيه ظلم للاب في الغالب لان الحضانة تصبح مقتصرة علي الام فقط، في حين كانت في البداية 12 عام وتنتقل بعدها للاب وكان هذا يجعل كل طرف يعمل حساب ان الحضانة سوف تنتقل للطرف الاخر سوف تتبدل الادوار
يشير احمد السيد اخصائي اجتماعي باحد مراكز الشباب انه حالات الرؤية المسجل عنده في المركز تصل الي100 حالة مسجلة لا يحضر فعليا سوي 30 حالة فقط وفي احدي الحالات ام تحضر ابنتها لرؤية جدها وجدتها لان والدها مسافر لكن البنت لا ترضي ان تجلس معهم لانها تكون خائفة منهم وهي لا يتعدي عمرها سبع سنوات، ايضا هناك اب يمتنع عن احضار طفله لرؤية والدته ويقدم شهادات مرضية كل اسبوع والكثير من الحالات تأتي متأخرة عن الميعاد ويكمل احمد كلامه متذكر الاب الذي رفض رؤية ابنته في بمرافقة امين شرطة بناء علي حكم المحكمة متعللا بقسوة تلك الصورة التي ستلتصق بذهن طفلته وهو دائم الحضور اليها بمصاحبة الشرطة .
الحل كما يراه هاني هلال ان يكون حق للصحبة بدل الرؤية لانه في الاصل ان يكون لمصلحة الطفل نفسه بحيث ان الطرف الغير حاضن يمكنه اصطحاب طفله معه لمنزله ليوم واحد علي الاقل يستعيد فيه ذلك الجو الاسري المفقود وهو ما يوافق عليه ايضا الدكتور محمد المهدي قائلا ينبغي ايجاد صيغة تعايش وتزاور مع الاقارب حتي من كل الاطفال حتي يأخذ الاطفال حصتهم الكاملة من الحنان والاحتواء بعيدا عن العدوات والكراهية وذلك في النهاية يكون لمصلحة الطفل وهذا ما يرجوه الجميع من التعديلات الجديدة التي تناقش في مجلس الشعب المصري.