كامل الشيرازي من الجزائر: تشهد الحمامات الرملية بمنطقة تاغيت الجزائرية (700 كلم جنوب) وهي منطقة شهيرة بكثبانها الذهبية، تناميا واسعا خلال هذا الموسم الصيفي، حيث يقبل المولعين بهذا النوع من العلاج الطبيعي، على quot;دفنquot; أجسادهم داخل الرمال الساخنة لمداواة آلام الظهر والمفاصل وتوابعها، حيث أنهم لا يترددون في مثل هذا الموسم للتنقل ومن مناطق بعيدة طلبا للاستشفاء.

ويشرح quot;سليم لوزانيquot; (65 عاما) الذي أنفق 35 سنة من عمره في هذه المهنة، أنّه يتم إنشاء هذه الحمامات الرملية من خلال حفر فوهات كبيرة وسط الرمال الساخنة، ويضيف لوزاني لـquot;إيلافquot; أنّ المريض يُترك في الفوهة لمدة زمنية معينة يتم أثناءها تغطية كافة جسمه بالرمال من الرجلين إلى غاية الذقن ويستثنى الوجه فقط في الخارج، ويسمح الحمام الرملي علاوة على مزاياه العلاجية لبعض أمراض المفاصل والعظام بالتخلص من كل الأدران التي يفرزها الجسد بفعل التعرّق، وذلك على حد ما أكده معتادون على هذا النوع الفريد من الاستحمام.
ومنذ افتتاح موسم الترحال إلى الحمامات الرملية خلال النصف الثاني من الشهر الماضي، سجلت مراجع محلية توافد مئات الأشخاص من مختلف مناطق الجزائر وحتى من خارج البلاد، ورغم الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، إلاّ أنّ المهووسين بالاستحمام الرملي، صمّموا على المجيء للقيام بهذه الممارسة العلاجية التقليدية التي تستقطب الآلاف كل سنة، إذ يجري ممارسة هذه quot;الحمامات الرمليةquot; في الفترة ما بين 15 يوليو/تموز إلى غاية مطلع أكتوبر/تشرين الأول.
وتعد الحمامات الرملية لدى سكان مناطق الساورة وتوات وقورارة الجنوبية، إحدى العادات القديمة الراسخة منذ قرون، ويقول الشيخ عبد القادر أحد عرّابي الحمامات الرملية، أنّ مواطنيه ظلوا يتوارثونها عبر الأجيال بغرض التخلص من بعض الحالات المرضية.
وبحسب الباحث quot;فريد عبد اللاويquot; فإنّ هذه الحمامات الطبيعية تعتبر حسب المعتقدات المحلية السائدة، وسيلة فعالة للتداوي من العلل والأسقام كتلك المرتبطة بالمفاصل والعضلات، بل أنها تسمح بمنظار كثيرين للجسم بالتخلص حتى من بعض الأدران وما شابهها من أمراض، بيد أنّ الحمامات الرملية لا يُنصح بها لبعض العلاجات، وغير مسموح بها البتة للمرضى المصابين بالأمراض القلبية والضغط المرتفع، لذا يحرص المرشدون السياحيون الذين يرافقون المرضى على مراقبة الشهادات الطبية لتفادي أي تعقيدات أو انعكاسات قد لا يُحمد عقباها، وتبعا لصرامة هذه التدابير لم يسجل أي حادث خلال المواسم الماضية، وبقيت هوية الاستحمام بالرمال كما كانت منذ عشرات السنين رائجة ومغرية برغم كل المعوقات والبعادات.
وتخضع الحمامات الرملية حاليا إلى المراقبة الطبية، حيث يُمنع على المصابين بأمراض القلب والضغط الدموي استعمال هذه الحمامات الرملية، وبالمقابل يُنصح بها لمن يعانون من أمراض المفاصل، ويوضح يزيد، جمال وفوزي وغيرهم ممن خضعوا للحمامات الرملية، أنهم شعروا بالتحسن سيما بالنسبة لأولئك الذي يشتكون من أمراض المفاصل أو الروماتيزم.
وأسهم توفر شبكة الطرقات وإمكانيات الإيواء والأنشطة السياحية المتكاملة، إضافة إلى التكفل الجيّد بممارسي هذه الحمامات عبر المواقع الطبيعية الساحرة التي تتمتع بها منطقة تاغيت، تضافرت كل هذه العوامل في شهرة هذه الحمامات الرملية التي عادة ما يتم إقامتها بعد صلاة العصر وسط الكثبان الرملية ذات اللون الذهبي التي تزخر بها تاغيت ومساحاتها المترامية خلف ظلال جوهرة بني عباس التي يتطلع مسؤولوها إلى اتخاذ الحمامات الرملية كمورد اقتصادي يضخ ديناميكية في شتى المناطق المجاورة.