محمد حميدة من القاهرة: يعتبر عشاق التكنولوجيا ومالكو السيارات الحديثة من المصريين أنفسهم غير محظوظين بسبب حظر استخدام بعض الكاميرات وأجهزة التسجيل وأجهزة البث والتشويش، والأجهزة التي تدعم خاصية GPS أو quot;تحديد المواقع بالأقمار الصناعيةquot; . على الرغم من كونها شائعة في أوروبا وتستخدم بشكل واسع في دول الخليج، وبعض الدول الأفريقية.هاتف نقال مزود بخاصية GPS
قانون الاتصالات رقم 10 لسنة 2003 يمنع استيرادأي جهاز تلفون يتعتمد على خاصية GPSquot; quot; ويكون مصيره المصادرة اذا وجد في المتاجر او المحلات. وينطبق الشيء نفسه على أي نوع من أنواع من التكنولوجيا التى تدعم نفس الخاصية مثل السيارات الحديثة والهواتف المحمولة مثل نوكيا N95 و N82 و I Phones وبعض هواتف الجيل الثالث 3G كل ذلك محظور في مصر طبقًا للقانون، ليصبح السوق المصري محرومًا من آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا. علمًا ان هذه التقنيات ذات فائدة كبيرة وتساعد المستخدمين على تحديد وجهتهم داخل المدن والمناطق النائية. كما أنها تعتبر بمثابة دليل للأماكن المستشفيات واقسام الشرطة والإدارات والمؤسسات التجارية.
لكن الحظر ربما quot;حبر على الورق quot; فقط كما أنالجهة وراء الحظر ليست محددة بشكل واضح حيث قال quot;شريف جنينةquot; نائب رئيس المجلس القومي لتنظيم الاتصالات فى اتصال مع quot;ايلاف quot; ان اجهزة تحديد المواقع يسمح بها في مصر، لكن بترخيص او موافقة امنية من السلطات، مضيفًا أن هذه التكنولوجيا مهمة جدًا وتقدم خدمات كبيرة ، لكن علينا الالتزام بقوانين الأمن، لأنه عندما نقدم على ترخيص لأي وسيلة اتصال جديدة لا بد من موافقة المجلس الذي يمثل جميع مؤسسات الدولةquot;. وأشار شريف الى وجود مفاوضات بين الجهاز وبين السلطات للسماح بالاستخدام التجاري لاجهزة النظام العالمي لتحديد المواقع وquot;لكن لم نتوصل الى أي شيء بعدquot; . ونفى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات مسؤوليته حظر أو منع أي جهاز تكنولوجي، مؤكداً أن الجهات الأمنية لا تمنع الأجهزة التكنولوجية، وما يحدث أنها تفرض على من يريد استقدامها في مصر أن يتقدم بطلب رسمي لاستخراج تصريح باستخدامها، وفي حالة رفض الجهاز quot;أمنيًاquot; يرفض التصريح له بدخول البلاد من الأساس لينضم إلى قائمة الأجهزة الممنوعة أمنيًا.
لكن أكد على الجانب الاخر اللواء فؤاد علام الوكيل الأسبق لجهاز أمن الدولة quot;مفيش أجهزة تكنولوجية ممنوعة فى مصرquot; مؤكدًا أن ما يتردد عن تدخل الأمن لمنع الأجهزة غير صحيح، فسألناه عن أجهزة GPS المحظورة قال إنها موجودة ويتم تداولها في المحال التجارية بشكل علني.
ولاحظت quot; ايلافquot; في جولة لها بشوارع القاهرة تداول هذة الاجهزة التي تستخدم الخاصية نفسها بشكل كبير في الاسواق وتدخل عن طريق التهريب كما يحدث مع الهواتف المحمولة الممنوعة، والتي تنتشر بشكل كبير بين المواطنين وفي المحلاتوالأسواق المتخصصة في بيع الهواتف، والأعجب انتشارها بصورة ملفتة بين ضباط الشرطة والمباحث، ويجلب المصريون العاملون بالخارج بعض هذه الأجهزة معهم، ويتمكنون من دخول البلاد بها، كما أن كثيراً من السياح وبخاصة الخليجيين يدخلون بهواتفهم المحمولة التي تدعم تقنيات GPS، والعجيب في التعامل مع quot;الأجهزة الممنوعةquot; مماطلة الأمن فى الموافقة على الترخيص لها، أو رفضها من الأساس دون الاحتياط لعدم دخولها بشكل غير رسمى ..يقول quot;محمد quot; يملك محمول N95 انه اشترى الجهاز من خارج مصر ، وانه دخل به البلاد من الابواب الخلفية quot; ولأنه محظور يحتفظ به بالسرquot;.
وهذا النظام كان يستخدم لأغراض عسكرية من قبل وزارة الدفاع الاميركية وسمح له بالاستخدام المدني في عام 1983. وخلال التسعينات رفعت معظم الدول القيود المفروضة على تطبيقات ال quot;GPSquot; وبدأت شركات تصنيع الهواتف المحمولة فى استخدامها لكن لا تزال ثلاثة دول فقط في العالم تحظر استخدام هذة الخاصية منها مصر بالاضافة الى سوريا وكوريا الشمالية.
ولكن على الرغم من الحظر إلا ان ملايين المصريين يستخدمون بجوارها البرمجيات الحرة بصفة يومية لإيجاد المواقع و الطرق. وبرنامج جوجل ايرث والتصوير الجوي وتقنية GIS 3D والنماذج الرقمية (DEM) وغيرها . ويشيع استخدامها في رحلات السفاري الصحراوية وشكلت دورًا كبيرًا في تسهيل عملية الوصوال الى الرهائن الـ 19 الذين اختطفوا مؤخرًا بصجراء مصر الغربية بعد استخدام الضحايا اجهزة ال quot;quot;GPSquot; فى ابلاغ السلطات بمواقعهما ، الأمر الذي سهل عملية الانقاذ.
يقول محمد حازم منظم رحلات السفاري quot;ال quot;GPS تستخدم في رحلات السفاري وتجلب في الاساس من خارج مصر ، لأنه لا يمكن استخدامها رسميًاquot;. واضاف ان هذة الأجهزة تحتاج الى ترخيص من وزارة الداخلية وهي تكنولوجيا مفيدة في تحديد الطرق داخل الصحراءquot; حسب قوله .
ولم يثير قرار الحكومة بحظر quot; GPSquot; الإحباط بين المستهلكين فقط بل مصنعي الهواتف المحمولة أيضا. ففي حزيران / يونيو الماضي دخلت شركة نوكيا الفنلندية فى خلاف مع الحكومة المصرية حول قرار حظر الهواتف المجهزة بنظام العالمي لتحديد المواقع من دخول البلاد. وقال ايدي رزق، المدير الإقليمي لنوكيا في ذلك الوقت. quot;تفاوضنا مع الحكومة المصرية ولكنها أصرت على موقفها ونحن لسنا مسؤولين عن التهريب غير المشروع للأجهزة المحظورة ،quot;
واعرب المستخدمون عن غضبهم على العديد من المنتديات على الشبكة الانترنت ، وخاصة الناس الذين قدموا بهذة الاجهزة من الدول العربية وفوجئوا بحظر استخدامها . وقال كيرلوس فارس في مدونته quot;نحن المصريون نندب حظوظنا السيئة بسبب لامسؤولية نوكيا وغباء القوانينquot; ، واضافquot;نحن نعرف أن مصر ليست السوق الذى تضع نوكيا نصب اعينها عليه ، ولكن نادرا ما تتجاهل نوكيا القوانين فى البلدان الأخرى ، مثلما افرجت عن اجهزة تدعم quot; واي فايquot; الحرة فى الصين ، و's N78 بدون بث الquot; FMquot; للبلدان المحظور فيها مثل فرنسا ، وتساءل quot;لماذا لا يمكن أن تفعل الشيء نفسه هنا؟ quot;. ويريد فارس من نوكيا ازالة خاصية تحديد المواقع من هواتف المصريين المحمولة حتى يتمكن الناس من التمتع بالسمات الأخرى.
لكن نائب الرئيس ومدير الخدمات والبرامج بالشركة quot;نيكولاس سفاندورquot; يؤكد ان هذة المسألة غير مطروحة للمناقشة مؤكدًا صدور اجيال جديدة تدعم هذة الخاصية، موضحًا أنquot;اكثر من 40% من الهواتف التي ستنتجها الشركة في غضون العامين القادمين ستدعم التطبيقات القائمة على نظام تحديد المواقع ،quot; مضيفا انه من السخف النظر في تغيير المسار في هذه المرحلة.
وتحاول نوكيا إلى جانب مصنعي الهواتف المحمولة تصعيد قضية الحظر مع الحكومة إلى المحكمة لإلغاء القرار.
وتعاني قطاعات تجارية كبيرة بسبب الحظر مثلما هو الحال مع قطاع الخدمات ورسم الخرائط الجغرافية. وليد رمضان رئيس قسم الخرائط في شركة quot; quot;GPSمصر يقول ان الشركة افتتحت قبل عامين ولا تعمل بسبب الحظر المفروض على استخدام ال quot;GPSquot;في مصر. على الرغم من أن عمل الشركة يعتمد فقط على هذة الخاصية وليس لديها أنشطة أخرى quot; واضاف quot;نحن ننتظر الغاء قرار إلغاء الحظر ولا نعلم الى متى سننتظرquot;.
وهذة الشركة هي فرع لشركة انكليزية رائدة متخصصة في البرمجيات الخاصة بخدمات الملاحة quot;مستقبلنا ليس واضحًا ، ونحن في انتظار الموافقة لنبدأ العمل في مصرquot;كما اضاف رمضان .
وشركة quot;دوتماب quot; تعمل في مجال رسم الخرائط ونظم المعلومات الجغرافية متضررة هى الاخرى من جراء الحظر وقالت ولاء حسن رئيس قسم البيانات الجغرافية فى الشركة quot; بسبب الحظر نلجأ إلى أساليب اخرى اقل كفاءة وفعالية وسوف يختلف عملنا كثيرًا إذا سمح باستخدام النظام العالمي لتحديد المواقعquot; ،
وهذه ليست أول تكنولوجيا تحظر في مصر. ففى خلال الثمانينات لم يسمح للمصريين بامتلاك الصحون اللاقطةquot; الدش quot;. وقد رفع هذا الحظر في التسعينات .
التعليقات