Ida Hahn-Hahn ( 1805-1880

ترجمة بهجت عباس

ولدت إيدا هان- هان من عائلة ثرية وأستقراطية و لكنَّ أباها بدّد كل ثروته على هوايته المفضلة في المسرح. تزوجت إبن عمها الكونت فريدريش فون هان-زواج مصلحة- ورزقا بطفل معاق عقلياً وبدنياً، مما سبب لها آلاماً كثيرة. دام الزواج ثلاث سنين وانتهى بالطلاق.تمتعت بالحرية المطلقة بعد ذلك، بين 1829-،1849 حيث تجولت في كثير من الأقطار، كتبت خمسة دواوين شعر وإحدى وعشرين رواية. ثم تحولت إلى الكاثوليكية عام 1850 وعاشت راهبة في دير انصرفت إلى الكتابة طوال الثلاثين عاماً الأخيرة من عمرها مما أثمر عن كتابة ديوانيْ شعر وخمساً وأربعين روايةً. تأثرت في شبابها بالشاعر الإنجليزي لورد بايرون وكانت رواياتها محببة ومفضلة لدى الجمهور حينذاك.

روزانـه

( بين لاندك وفليـرش في التيـرول *، حيث تيّـار الجبل الوحشي، الروزانـه ، رمتْ نفسَهـا، كما لو أنها في يأس، خلال الوادي الضيّق.)

" بعـد أنْ فقـدتَـني مـرَّةً واحـدةً،
لا تجـلبُـني أيّ ُ قـوةٍ ثانيـةً إليكَ-"
قالت روزانـه واختفتْ
عن نظـرةِ شبح الجبـل** المُـرتعبـة.
لمْ يكـنْ وفيّـاً لهـا،
ينظـر بحبّ إلى أخـرَيـاتٍ،
فَـرَمتْ رو زانـه بنفسها يائسـةً
على طريـق الصّخـور الوحشيّـة.

يُسَـيطـر على كلِّ المنـابـع،
على كلِّ جـرَيـانِ الأنهـار:
"إنحـدروا إليها إلى أسفـلَ،
وأوقفـوا الـروزانـه .-"
وينسابـونَ ، ويَجْـرونَ ويسقطـون،
مثـلما أمَـر أميـرُ الجبـل؛
ولكنَّ إرادةَ روزانـه الجبّـارةَ
أغـرتْهمْ بموتٍ مُبـكِّـرٍ.
" لا تتخيّـلوا أيّهـا الحمـقى أنْ توقفـوني،
لا أعـود إلى الوطـن أبـداً!
ربمّـا تُسَيطـرون على السّـُعَـداء،-
ولكنَّ البـؤسَ ينطلق في الدنيا كما يشاء."

* فليرش- مدينة صغيرة. لانديك -إقليم. والتيرول - منطقة جبلية شرقي جبال الألب، تشمل مناطق غربية من النمسا ومنطقة إيطالية. والروزانه -نهر في منطقة الحدود بين تيرول وجبل فورال .
** شبح الجبل هو الخيال الذي يحكم الجبل والمياه التي تتفجر منه.

الدّمـوع

كـوني هنـا دومـاً يا دمـوعُ،
وَفَيّـةً للمسـرّة، وفيّـةً للألـم.
مفتـونةً اليـومَ من
أغـاني الحبِّ،
صاهـرةً مَعـدِنَ الكراهية غـداً ؟-
أوْ يجب عليَّ فقط أنْ أبـكيَ،
لأنَّ فـؤاديَ ساذج جـدّاً
ينسى كلَّ مسـرّاتِ الدنيـا
في سبيل واحـدٍ فقط ؟-
أيتها الدّموع الني تَغـرَق في
البحـر ،
كمـا يتفـوّه الفـمُ الأُسطوري،
ستكـونين يـوماً ما لآلـئَ تتـألّـقُ
على قـاعدة الأمـواج المُظـلـمـة.
سيرتفع الحزن العميق بلطف يوماً
فوق وادي الزمـن المُتجّـهِّـم،
ولذا فإنَّ دمـوعي تسيـل،
وتصبّ في بحـر اللانهـاية.

الطائر الجوّال

تُـقـلع السفينـةُ على البحر الأزرق العميق،
يُحـلِّق عليهـا طائـر صغيـر لمّـاع.
يهبط على الصّـاري متنعمّـاً بالراحـة
ويشـدو بأغنيـةً سـاحرةً.
وهنـا يندهش بحّـارةُ السَّـفيـنة،
لأنَّ عَنـاءَهم يخفّ وعمـلَهـم يسهـل،
وقلَقَـهم يهـونُ.
" الطـائر يستطيع أن يسحـرَ، إنَّه يَـشُـعّ ُ في البعد،
فهـو شمس في النّهـار، وكوكـبٌ في الليل! "
فَجـأةً يُحـلّق في طيـرانه اللمّـاع،
مغـادراً السَّفـينـةَ التي حملتْـه بسرور.
"أنتَ أيّها الطّـائـرُ الزّائفُ المُـزَيّف،
إبقَ هنـا،
جلبتَ لنـا سعـادةً وخلعتَ علينـا زينـةً."
"وداعـاً يا سفينتـي الصّغيرة، أنتِ التي لا وفاءَ لها!
تمخـرين هنـا وهنـاك وتغـادرين.
لذا شُـقّـي طـريقَـكِ! سأنتظركِ في المينـاء،
وأغنّـي لكِ أغـانيَ خالدةً هنـاك."