ما المشكلة في هذه الصورة؟ هل يضرنا أن يعرف العالم الغربي أن لدينا موهبة حقيقية ومتفوقة كبقية الأمم؟

بيروت: تجدد الهجوم الإعلامي على الممثل المصري الموهوب quot;عمرو واكدquot; الذي كان قد قام بدور quot;حسين كاملquot; في مسلسل quot;بيت صدامquot; أو quot;The house of Saddamquot; مع بدء التلفزيون الإسرائلي بعرضه.
quot;بيت صدامquot;مسلسل تلفزيوني قصير مؤلف من 4 حلقات تم إنتاجه في العام 2007. وصور في تونس، وكان واكد قد تعرض لنفس الهجوم العاصف قبل عامين، حيث وجهت له الصحافة العربية تهمة التطبيع وطالبت برأسه، والسبب أن الممثل الإسرائيلي quot;إيغال ناعورquot;، ( الذي سبق وشارك بفيلمي Rendition, Munich)، يقوم بدور صدام في نفس العمل.
الغريب في الخبر الجديد، والذي تناقلته عدة مواقع الكترونية quot;بطريقة القص واللصقquot; خلال الأيام الماضية، بأنه يدعي أن المسلسل إنتاجه إسرائيلي، علماً ان موسوعة الأفلام IMDB تشير الى أنه إنتاج مشترك بين HBO و BBC.
كل هذا يجعلنا نطرح أسئلة عديدة على منتقدي عمرو:
لم يجب على عمرو واكد quot;الممثلquot; أن يرفض فرصة كهذه ؟
الواقع يقول أن عمرو سيكون أحمقاً لو رفض عملاً تنتجه جهات مثل HBO أو BBC ، فهذه فرصة هامة وثمينة للفت الإنظار اليه كموهبة تمثيلية قوية وحقيقية، تعزز حظوظه في الإنتشار عالمياً، فمنذ quot;عمر الشريفquot; لا يوجد فنان عربي، أنطلق من الداخل وحقق شهرة عالمية تذكر.

مالذي يخدمنا أكثر أن نبقى ونبرز أم ننسحب ليبقى الإسرائيلي ويتألق وحيداً؟

السؤال الثاني: ماذا قدمت له السينما المصرية طوال سنوات كفاحه لإثبات نفسه كفنان يستحق أن يكون نجماً أول؟
عمرو واكد حتى وقت قريب، كان يعامل من قبل المنتجين في مصر معاملة الممثل الثاني أو السنيد، ولا يرون فيه نجم شباك أول، والأسباب واضحة فهو ليس مهرجاً كهنيدي وسعد، وليس وجهاً جميلاً كهاني سلامة أو أحمد عز، وليس بطلاً مفتول العضلات كأحمد السقا.
وبالتالي لا يهم إذا كانت موهبته، وملامحه المميزة أهم من كل هؤلاء، لأن المنتجين يرون أنه يجب أن يبقى على مقاعد الإحتياط، ويعاندون أي مخرج يود الإستعانة به، طارحين له البدائل المعروفة والمضمونة.

إسرائيل فعلياً لا تتفوق علينا بقوة السلاح ولا بالعدد، بل بسيطرتها على الإعلام الغربي، فماذا فعلنا نحن لنعادل هذا التفوق؟

ولولا بعض الأداور الناطقة بالإنجليزية التي قدمها واكد quot;خارج مصرquot; لما تمكن من فرض نفسه في الداخل كممثل موهوب، ومع أنه قدم بعض البطولات مؤخراً، آخرها مشاركته في مسلسل quot;ريش نعامquot;، لكنه لا يزال حتى اللحظة، لا يعامل معاملة النجم الأول سينمائياً في مصر، على الرغم من أن دوره في quot;أصحاب ولا بزنسquot; الذي قدمه قبل تسع سنوات تقريباً،ولم يتعد العشر دقائق، خطف الأنظار من جميع quot;النجومquot; المشاركين في العمل كمصطفى قمر وهاني سلامة.
المخرج إيهاب لمعي تمكن من فرض عمرو واكد في فيلمه quot;من نظرة عينquot; وهو فيلم لا يصنف من بين الإفلام التجارية، وواجه في حينها مقاومة من الجهات المنتجة لهذا الإختيار، لكنه تمسك به.
في ظل هذه الظروف هل يحق لأحد لوم عمرو واكد على قبوله دوراً يظهر فيه بثلاث حلقات من أصل أربع، في مسلسل هام، تنتجه أكبر المحطات العالمية، وسيوزع عالمياً؟ فقط لأن هناك إسرائيلي يقف أمامه ونحن لا نطبع؟
مشكلتنا منذ الأزل أن لا صوت لنا، ولا تمثيل لنا في الغرب، لأننا قررنا أن نقاطع وننغلق، فأتحنا للإسرائيلي أن يتواجد أينما شاء، ونغيب نحن بالمقابل، فيتألق هو، وينتشر بموهبته، ويصبح شخصاُ مؤثراً عالمياً، يلمع صورة إسرائيل، دون أن يجد نداً عربياً له.
إسرائيل فعلياً لا تتفوق علينا بقوة السلاح ولا بالعدد، بل بسيطرتها على الإعلام الغربي، فماذا فعلنا نحن لنعادل هذا التفوق؟
الم يحن الأوان ليحل العقل محل العاطفة، ونعمل على تعزيز فرص نجومنا في الخارج، بدلاً من محاربتهم وتكسير أجنحتهم، وتحجيمهم كلما أتيحت لهم فرصة للبروز؟
الى متى يبقى الإعلام العربي يجلد عمرو واكد، وريما فقيه، وغيرهم من الطموحين لأسباب سياسية ودينية؟
متى ندرك أن مقياس أي حضارة هو ما يتبقى من آثارها الفنية، والثقافية، والمعمارية؟

مشكلتنا أننا أمة لا تزال حتى يومنا هذا تجادل فيما إذا كان الفن حلالاً أو حراماً... وفيما إذا كان على الفنان أن يطبع أم لا؟!!
فكيف يمكن أن يكون لنا أمل بأي تغيير، ونحن ندور في نفس الساقية منذ عقود والحال من سيء الى أسوأ.


مقال منشور ضمن زاوية كلام في الفن