بدأ المصمِّم المصري محمد داغر حياته عازفًا على البيانو والكمان ثم مطربًا، وحقَّق نجاحًا ملحوظًا في مجال الغناء، لكن الصدفة وحدها جعلته يتجه إلى مجال آخر، ليحرز فيه نجاحات ضخمة، وصار واحدًا من أشهر مصممي الأزياء في مصر والعالم العربي.
القاهرة: أكَّد المصمِّم المصري، محمد داغر، في حواره مع quot;إيلافquot; أنَّ قناة الـquot;أل بي سيquot; اللبنانيَّة اتخذته quot;كبش فداءquot; للترويج لمسابقة quot;ديو المشاهيرquot;، عندما أخرجته منها مبكرًا جدًّا، وأضاف داغر أنَّ أحدًا لم يتوقَّع خروجه منها، مشيرًا إلى أنَّه لم يحزن لأنَّه لا يريد أنّْ يصبح مطربًا.
إلى ذلك، أكَّد داغر أنَّ المطربة اللبنانيَّة، نجوى كرم، هي من أكثر الفنانات العربيَّات أناقةً، لافتًا إلى أنَّ الممثلة المصريَّة، غادة عبد الرازق، تبدو جميلة ومتألِّقة في أيَّة ملابس ترتديها، وقال إنَّ كل فنانة لها شخصيَّة مستقلة عن الأخرى في الموضة والملابس، معتبرًا أنَّ الفنانة اللبنانيَّة، مادلين طبر، أكثرهن تطلبًا وتعديلاً عند إختيار الفساتين، وبرَّر ذلك بأنَّها الأقرب إليه، وتتعامل معه بمنطق quot;القط والفارquot;.
ماذا حدث في quot;ديو المشاهيرquot; في لبنان، ولماذا خرجت مبكرًا؟
كانت مسابقة خيريَّة خصِّصت إيراداتها لصالح العمل الإنساني، ولم تكن هناك منافسة حقيقيَّة، لذلك شارك فيها النجوم بمنتهي الحب، ومن دون النظر إلى أيَّة أهداف أخرى غير المساهمة في رسم البسمة على وجوه المرضى، لست حزينًا لخروجي منها مبكرًا، لأني لا أرغب في إحتراف الغناء، لكني لا أدري ما هو الهدف الذي كانت ترمي إليه قناة الـquot;أل بي سيquot; من وراء تنحيتي مبكرًا جدًّا، خصوصًا أنَّ الجميع أثنى على أدائي! الأمر الذي أثار دهشتي ودهشة كل من التقيت بهم في لبنان، والذين لم يتوقعوا خروجي بهذا الشكل، هناك حلقة مفقودة في المسابقة أو سر لا أستطيع الوصول إليه يكمن وراء عمليَّة خروجي.
البعض في مصر قال إنَّه كان على منظمي المسابقة الإختيار بينك وبين أمير كرارة؟
لا أعرف بالضبط السبب الذي على أساسه تمَّ استبعادي أوَّلاً، ولكن أعتقد أنَّ المنظمين كانوا يهدفون من وراء استبعادي إلى خلق إثارة أو دعاية للمسابقة، خصوصًا أنَّ أحدًا لم يتوقَّع خروجي بهذه السرعة، ومن ثمَّ تثار العديد من الأسئلة، ويحتدم الجدل حول المسابقة، وكنت أنا بمثابة quot;كبش فداءquot; أو ضحية الترويج للمسابقة.
قلت إنك لا تملك الرغبة في إحتراف الغناء، لماذا خصوصًا أنَّه لديك تمتلك مقومات أي فنان مميَّز؟
الحمد لله حقَّقت نجاحًا في الكليب الذي قدَّمته مع الفنانة، مي عز الدين، وهو quot;وحشتينيquot;، وأجهز حاليًا لأغنية جديدة، لكني لن أحترف الغناء، وسيظل بالنسبة لي هواية ليس أكثر، لأني أفتخر وأعتز بعملي الأساسي وهو تصميم الأزياء الذي حقَّقت فيه نجاحًا عظيمًا، وحصلت من خلاله على جوائز عالميَّة، وأنا في ذلك أشبه إلى حد كبير الطبيب الذي حقَّق نجاحًا وتفوقًا في مهنته لكنَّه يهوى العزف على آلة موسيقيَّة، ويذهب للأوبرا لتقديم فقرات ممتعة، وبالتأكيد ذلك الطبيب لن يترك مهنته الأساسيَّة من أجل الهواية حتَّى ولو كان متميِّزًا، وأنا كذلك لن أعتزل تصميم الأزياء من أجل الغناء.
الغريب أنَّك بدأت حياتك في الغناء، ثمَّ تحوَّلت إلى تصميم الأزياء، كيف حدث ذلك؟ ومن هو صاحب الفضل في هذا التحوُّل؟
أنا درست الموسيقى في معهد الكونسوفتوار، وكنت ومازلت أعزف على البيانو والقانون والكمان، ويرجع ذلك إلى أني نشأت في أسرة فنيَّة، فوالدي هو الموسيقار عبده داغر، وكان شقيقي يمتلك شركة إنتاج كاسيت، وكنت أقدِّم له العديد من الألحان، واستمرت حياتي على هذا الحال حتَّى فترة قريبة، إلى أنّْ بلغت من العمر حوالي 23 سنة، ودخلت عالم الأزياء بالصدفة البحتة، حيث كنت أجلس مع الفنانة سميرة سعيد منذ عدَّة أعوام، وكانت تستعد لإحياء حفل ليالي التليفزيون، وإقترحت عليها من باب الدعابة أنّْ أصمِّم لها فستانًا لتحضر به الحفل، فواقفت، لكني لم آخذ موافقتها في البداية على محمل الجد، ولم أفكر في الأمر، إلى أنّْ فوجئت بها تتصل بي، وتسأل عن الفستان، فوقعت في حيرة شديدة، ولم يكن أمامي سوى المضي قدمًا في quot;إتمام اللعبةquot;، كنت على يقين من أني لو صمَّمت لها الفستان، فلن ترتديه، المهم ذهبت إليها في البيت، وحصلت على مقاساتها، وصمَّمت الفستان، وسلَّمته إلى صديقة لها، وذلك في يوم الحفل، وقالت لي تلك السيِّدة أنَّ سميرة سعيد لن ترتديه، لأنَّها لم تجر عليه quot;بروفاتquot;، ولكني فوجئت بها تتصل بي وتقول أنَّها سترتدي الفستان، وأنَّه من المهم أنّْ أحضر الحفل معها، كانت سعادتي لا توصف، حيث أجرت معي مذيعة الحفل لقاءً على هامشه، حول تصميم الفستان، وكانت بدايتي قويَّة جدًّا.
ماذا حدث بعد ذلك؟ هل درست فن تصميم الإزياء؟
قبل أنّْ أشرع في إحتراف هذا المجال، كانت هناك مهمَّة أصعب، ألا وهي إقناع والدي بها، والحمد لله استطعت اقناعه بضرورة تغيير مسار حياتي من إحتراف الغناء والموسيقى إلى إحتراف تصميم الأزياء، وبعد أنّْ وافق سافرت إلى العاصمة الفرنسيَّة باريس للدراسة، واطلعت على أهم التَّصاميم العالميَّة، وزرت أشهر وأكبر بيوت الأزياء العالميَّة، ولما عدت اشتركت في معارض كبرى، وصار لي اسم لامع في هذا المجال والحمد لله.
من أين وكيف تستلهم تصميماتك، وهل تميل فيها للطابع الشرقي أم تتجه نحو الغربي؟
أحاول دائمًا الإلتزام بالطابع الشرقي، ويرجع ذلك إلى نشأتي، فعلى الرغم من أنَّ أسرتي كانت فنيَّة، إلاَّ أنَّها كانت ملتزمة، وغير متحرِّرة من شرقيتها، وكان والدي يوجه شقيقتي لإرتداء الملابس المحتشمة، لذلك أنا أحرص لتكون تصميماتي غير مبتذلة، وأنّْ تتمتع بالروح المصريَّة، كما أنني أحب مصريتي وشرقيتي، وأحرص عليهما عند الإشتراك في معارض أو أسابيع الموضة في الخارج، وأذكر عندما اشتركت في quot;إسبوع ميامي للموضةquot;، وعند عرض تصميماتي، شغلت أغاني عربي، وعندما التقيت ببعض المصممين غير العرب قالوا لي إنَّه بمجرد تقديم عروضي quot;شممنا رائحة مصرquot;، ولا يعني ذلك أني أحصر نفسي دائمًا في الطابع المصري، ولكني أحرص على مواكبة كل جديد في عالم الموضة في أوروبا وأميركا.
ما هي أهم الجوائز الَّتي حصلت عليها؟
أهم جائزة في حياتي فزت بها في العام 2006، ولم يكن قد مضى عليَّ في هذا المجال أكثر من عامين أو ثلاثة، وكان يشترك فيه العديد من المصممين العالميين، لدرجة أنَّ بعضهم حضر إلى أميركا بطائرات خاصَّة، ويسير من خلفة جيش من المساعدين، أما أنا فقد كنت وحدي، وكنت أشعر برهبة شديدة، وكنت في غاية السعادة لأني استطعت المشاركة فقط، كما حصلت على جوائز وتكريمات من دبي، الكويت، فرنسا، و إيطاليا، وحصلت على تكريم من المصمم العالمي بيار كردان، حيث منحني شهادة تقدير وقال كلمة أثناء تسليمي إياها ما زالت محفورة في ذاكرتي، وجاء فيها quot; انبهرت بشغل داغر، ولم أكن أتوقَّع أنّْ يكون في مصر مصمم بهذه البراعة والإبداع، وأتوقَّع أن يكون هو من سيكمل مسيرتي، ومسيرة مصممي الأزياء العالميينquot;. وكلما حصلت على تكريم أو فزت بجائزة يزداد حماسي، وتزيد من تحفيزي على العمل والإبداع أكثر.
وماذا عن المجموعة الجديدة الخاصَّة بشتاء 2010؟
أجهز حاليًا له، وسيقام في دار الأوبرا المصريَّة في السابع والعشرين من نوفمبر الجاري، بمشاركة مجموعة من المصميمين الكويتيين، وعادةً عندما أقدِّم مجموعة جديدة، لا أسير على وتيرة واحدة، بل أفضل أنّْ يكون كل فستان مختلفًا عن الآخر تمامًا، ولا أقلِّد أحدًا، ولا أسير وراء الموضة، فقد أختار ألوانًا مختلفة، وأبدع من خلالها فستان جديد، ولذلك دائمًا تكون التعليقات تنصب حول أنّْ كل ديفيله أقدِّمه هو مختلف تمامًا عما سبقه، وكل فستان لا يتشابه مع الآخر، وهذا يسعدني جدًّا، ولا أستطيع حاليًا تحديد ما سأعرضه، لأني لم أنته منها بعد، فأنا لا أستطيع العمل إلاَّ عندما يقترب موعد العرض، وأشعر أني في ضيق من الوقت، عندها أضغط على نفسي، وأقدِّم أبداعات حقيقيَّة، وأطلق لخيالي العنان.
تعاملت مع غالبية الفنانات المصريَّات والعرب، من أكثرهن تألقًا، من وجهة نظرك؟
تعاملت بالفعل مع جميع الفنانات المصريَّات والعربيات تقريبًا، سواء في لبنان أو سوريا، ومن خلال خبرتي في التعامل معهن، أستطيع القول إنَّ كل منهن لديها شخصية مستقلة عن الأخرى. لكني أرى أنَّ غادة عبد الرازق تتمتع دائمًا بالشياكة، ومهما كانت الملابس الَّتي ترتديها فهي تمنحها بريقًا مختلفًا، وكما تتمتع كلاًّ من يسرا، وليلي علوي، ومي عز الدين، وداليا البحيري، وهند صبري، ومادلين طبر بأناقة رائعة، وكل واحدة منهن مختلفة عن الأخرى تمامًا.
لكن من أكثرهن أناقة في رأيك وتتنمى أن ترتدي من تصاميمك؟
الفنانة الرائعة نجوى كرم هي أكثر الفنانات تألقًا وأناقةً، quot;إنَّها الرقم واحدquot;، على الرغم من أننا لم نتعاون معًا من قبل، ولكن سيحدث ذلك قريبًا أن شاء الله، فهي جميلة ومتألقة في أي فستان ترتدية، لأنَّها تعشق الشياكة، ومن الممكن أن تكون ملابسها عادية، لكنها تضفي عليها الكثير من الجمال.
ومن أكثرهن ارهاقًا لك في التصاميم وتطلب أشياءً كثيرة وغربية؟
الحمد لله، استطعت الحصول على ثقتهن، لدرجة أنهن كثيرًا ما يتصلن بي، ويطلبن فستاناً لمناسبة معيَّنة أو لتصوير فيلم أو مسلسل من دون أن الحضور إلى الدار الخاص بي لإختيار الألوان أو الخامات، ومنهن على سبيل المثال هند صبري الَّتي اتصلت بي، وطلبت فستان زفاف من أجل مسلسل quot;عايزة أتجوزquot;، وكثيرًا ما تتصل بي الفنانة سيرين عبد النور وتطلب فساتين لحفلات، من دون أن تحضر إليَّ، ولا تشاهد الفستان سوى يوم الحفلة أو اليوم السابق لها، لكن أكثرهن في الطلبات والتعديلات هي مادلين طبر، وقد يرجع ذلك إلى أنَّها صديقة عزيزة، ونتعامل معًا بمنطق quot;القط والفارquot;.
التعليقات