يرتبط الفنانون ومدراء أعمالهم بعلاقةٍ خاصَّةٍ يسودها الحب حينًا والخلافات الَّتي قد تصل إلى المحاكم حينًا آخر.


القاهرة: تهتم وسائل الإعلام عادةً بالفنانين، ويسعى الجميع إليهم، متجاهلاً أنَّ هناك جنودًا مجهولين يقفون وراء نجاح هولاء الفنانين، ألا وهم مدراء أعمالهم، الذين يصلون الليل بالنهار من أجل أن يزداد فنانوهم توهجًا ولمعانًا.

ويرتبط الفنانون ومديرو أعمالهم بعلاقةٍ خاصَّةٍ، وغالبًا ما يكون الطرفان أصدقاء، لكن كثيرًا ما تدب الخلافات بينهما، وتصل إلى ساحات المحاكم، وتصبح مادةً ثريَّةً لوسائل الإعلام، وجلسات النميمة، ويبدأ وقتها تداول اسم مدير أعمال الفنان فيالإعلام.

quot;إيلافquot; دخلت إلى عالم مديري أعمال الفنانين، وحاولت معرفة ماهية المهام الَّتي يقومون بها، وطبيعة العلاقة بين الطرفين، وأيهما أفضل أنّْ يكون مدير الأعمال من أقارب الفنان أم شخص مخترف؟ والأسباب الَّتي تؤدي إلى إندلاع خلافات بينهما.

يقول عادل جاد مدير أعمال الفنان، مصطفى قمر، لـquot;إيلافquot; إنَّ هناك مجموعة من الشروط يجب توافرها في مدير أعمال الفنان أهمها الإحترافيَّة، والثقة في النفس، والإخلاص في العمل، والأمانة، والقدرة على إقامة علاقات إجتماعيَّة متشعبة، والقدرة على التفاوض، وحب الفنان الذي يعمل معه.

وفيما يخص عمله مع قمر يوضح: quot;هناك علاقة وطيدة تربطني بالفنان مصطفى قمر منذ سنوات طويلة حيث كنا زميلين في المرحلة الجامعيَّة، عندما كان قمر يعزف ويغني وسط زملائه، وكنا جميعا نؤمنبأنَّه فنان موهوب، ولذلك فالعلاقة بيننا مبنيَّة على الثقة والحب المتبادل منذ سنوات، فضلاً عن أنَّ العمل مع قمر يتم بشكل مؤسسي، وليس عشوائيًّا، حيث يضم المكتب الخاص به 7 أشخاص إضافة إليَّ أنا وزوجته، وكل منا له دور محدَّد يقوم به بطريقة إحترافيَّة، وجميع الأعمال الجديدة الَّتي تعرض على قمر يتم التصويت عليها، فإذا حازت على إعجاب خمسة أصوات مقابل إثنين يكون رأي الخمسة هو الأصلح، لكن الرأي الأخير في كل الأمور لقمر نفسه، فقد تكون لديه خلفيات أو معطيات لا يريد الكشف عنها للجميع، ويحتفظ بها لنفسه، غير أنَّ غالبية الأعمال تتم بطريقة إحترافيَّة وديمقراطيَّةquot;.

ويصف جاد الفنان مصطفي قمر بأنَّه: quot;ديمقراطي وطيوب ويحب العاملين معه، ولا يبخل عليهم بأي شىء أبدًا، لأنَّه متأكد في الوقت نفسه من حبهم وإخلاصهم له، وهذا سر نجاحه وإستمراره على القمَّة منذ سنوات طويلةquot;.

ويرى جاد أنَّ الأهم في مهنة مدير الأعمال أنّْ يكون الإنسان القائم بها محترفًا، مشيرًا إلى أنَّه في حال قيام أحد أقارب الفنان بها ينبغي أنّْ يدرس العلوم المرتبطة بتلك المهنة، وأنّْ يحبَّها، وأنّْ يقوم بها من هذا المنطلق وليس من منطلق أنَّه شقيق أو قريب الفنان، لأنَّه لو تعامل بالمنطق الأخير سيسحب الفنان إلى الهاوية، وهناك أمثلة كثيرة على فنانين أضر بهم أقاربهم أكثر مما أفادوهم.

وحول وجهة نظره في أسباب إندلاع الخلافات بين الفنانين ومديري أعمالهم، يقول جاد إنَّ الخلافات تنتج عادة بين الجانبين في حالة فقدان الثقة، وبالتَّالي يتربص كل طرف بالآخر، ويتحيَّن الفرص للإنقضاض عليه، ويبحث كلاهما عن طرف ثالث للعمل معه، لافتًا إلى أنَّ هناك دائمًا إختلاف في وجهات النظر بين الجانبين في العمل، لكنها لابد أنّْ تظل في إطار الحرص على إخراج ذلك العمل في أفضل صورة.

ويؤكد عاطف جمعة مدير أعمال الفنانة، مي كساب، لـquot;إيلافquot; أنَّ الإحترافيَّة أهم من صلة القرابة في مهنة مدير الأعمال، وهي ما تقود الفنان إلى النجاح، ويدلِّل على رأيه بالقول إنَّ غالبية الفنانين الذين حقَّقوا نجوميَّةً واسعةً، وظلوا على القمة، يقف وراء نجاحهم مدراء أعمال محترفين، مؤكِّدًا أنَّ نانسي عجرم ومدير أعمالها جي جي لامارا خير مثال على ذلك، ويحبِّذ جمعة أنّْ يكون لمدير أعمال الفنان علاقة بمهنة الفنان نفسه، بحيث يكون فاهم وواع لكل تفاصيلها ودروبها، كأنّْ يكون ملحنًا أو موزعًا موسيقيًا أو مخرجًا، حتى لا يؤدي جهله بتلك التفاصيل إلى توريط الفنان فيما يضر بنجوميته ويفقده حب الجمهور أو يثير غضب الصحافيين منه.

ويشير جمعة إلى أنَّ لديه خبرة طويلة في العمل مع الفنانين، حيث عمل مع الفنان عصام كاريكا لمدَّة ست سنوات، إضافة إلى فنانين آخرين، وأنَّه يدرك جيِّدًا طبيعة عمله، و يحرص على مصلحة الفنان أكثر من أي شىء آخر، وأنَّه يدرس جميع العروض المقدمة للفنانة مي كساب معها جيِّدًا،ويساهم في تنظيم مواعيدها، وإمداد الصحافيين ووسائل الإعلام بأخبارها، مؤكِّدًا أنَّ العلاقة بينهما قائمة على الثقة والإحترام المتبادل، وليس مجرد quot;البيزنسquot;.

ووفقًا لجمعة فإنَّ الخلافات تدب عادة بين الفنان ومدير أعماله عندما يتدخل طرف ثالث بينهما، أو يفقد أحدهما أو كلاهما الثقة في الآخر،وقد يصل الأمر إلى الشرطة أو القضاء إذا لم يتدخل أصدقاء الجانبين لحسم الحلافات ووأدها قبل أن تتطور وتصل إلى ساحات المحاكم.

ويروي خالد عبد اللطيف مدير أعمال الفنانيين نادر أبو الليف ومي سليم، لـquot;إيلافquot; تجربة 22 سنة مع الفنان مصطفى قمر امتدت من العام 1985 وحتى 2007، و يقول إنَّه كان ومازال صديقًا لقمر منذ أنّْ كان في المرحلة الجامعيَّة عندما كان أوَّل من يغني ويعزف على الغيتار في الحرم الجامعي، وحتَّى صار مطربًا، ثم نجمًا سينمائيًّا، ثم عمل في الفيديو، مشيرًا إلى أنَّه خرج بحكمة من العمل طوال تلك السنوات مفادها أنَّ أهم شروط العمل في إدارة أعمال الفنانين هو الإخلاص في العمل، والثقة المتبادلة والإحترافيَّة.

ويضيف أنَّه خاض تجارب أخرى ناجحة مع الفنان وائل جسار، وساهم في نجاح ألبوم quot;توعدني ليهquot;، وتسبب في رفع أجره من 8 آلاف دولار إلى 50 ألف دولار، ثمَّ خاض تجربة أخرى مع الفنانة شرين عبد الوهاب لكنَّها لم تستمر طويلاً، بسبب إختلاف وجهات النظر، مشيرًا إلى أنَّ الخلافات تعرف طريقها بين الفنانين ومدير أعمالهم عندما تقل الثقة بين الطرفين، ويبدأ كلاهما في الإستماع إلى النميمة على الآخر من أطراف خارجيَّة.

وينوِّه بأنَّه يعمل مع مي سليم وأبو الليف من منطلق الخبرة الطويلة الَّتي إكتسبها في هذا المجال، ويثني على موهبة مي، وأنَّها فنانة رائعة، ولديها طموحات كبيرة، وتوقع أنَّها ستبلغ تلك الطموحات، وأكَّد أنَّ أبو الليف فنان نشيط زيادة عن اللزوم، وأرجع ذلك إلى تأخره عن أبناء جيله لسنوات طويلة، وأنَّه يريد تعويض تلك السنوات في وقت قياسي، وأكَّد أنَّ أبو الليف سيحقِّق نجاحات ضخمة، ولن يكون مجرد ظاهرة تلمع سريعًا ثم تختفي سريعًا أيضًا، بل إنَّه فنان موهوب سيبقى إلى ماشاء الله.