يحتفل التلفزيون المصري غدًا بمرور 50 عامًا على تأسيسه حيث انطلق البث في 21 يوليو (تموز) العام 1960 عندما أعطى، جمال عبد الناصر، إشارة البدء لانطلاق التلفزيون، quot;إيلاف رصدتquot; المراحل التي مر بها منذ نشأته وتطوره من بث 6 ساعات إلى 490 ساعة يوميًّا.

القاهرة: التلفزيون العربي، التلفزيون المصري، ماسبيرو، لها معنى واحد وهو الإعلام المصري الذي بدأ قبل نصف قرن من الزمن، فالتلفزيون العربي هو الاسم الذي أطلقه عليه الرئيس جمال عبد الناصر لدى افتتاحه خلال الاحتفالات بذكرى الثورة في 21 يوليو(تموز) العام 1960، وبدأ البث في سوريا في التوقيت نفسه خلال فترة الوحدة بين مصر وسوريا.

لم يكن التلفزيون نتاج الثورة كما يعتقد الكثيرين، فإنشاؤه كان أمرًا مخططًا له في أواخر الأربعينات خلال تولي الملك فاروق مقاليد الحكم، لكن نظرًا لظروف الحرب بين العرب وإسرائيل والأوضاع السياسية الداخلية وقيام الثورة تأخر إنشاء التليفزيون كثيرًا.

وكان التلفزيون المصري من أوائل التلفزيونات في المنطقة العربية، وأول تلفزيون يتم تدشينه بأيدي وطنية، وبدأ وقتهاببث 6 ساعات يوميًا بقناة واحدة هي القناة الأولى، وبعد عام افتتحت القناة الثانية، وظل التلفزيون بقناتيه طوال فترة الستينات والسبعينات وحتى مطلع الثمانيات إلى أن اتخذ قرار بتأسيس قنوات إقليمية تكون معنية في المقام الأول بالمحافظات المصرية .

في الجزء الثاني:

التلفزيون الذي قدم برامج للأطفال، وأنجح المسلسلات، يغرد خارج سوق الإنتاج والقطاع الخاص، ووأصبحت البرامج ذات صبغة إنتاجيَّة خليجيَّة حصريَّة.

أبناء التليفزيون يتحدثون عن مشاكله والرقابة.

التلفيزيون يكرم رواد، وشخصيات أثرت فيتاريخه.

احتفالية ضخمة تحت سفح الأهرامات وندوات تناقش الواقع والتحديات .

الأفلام الأجنبية كانت تعرض من خلال برامج، وكأس العالم أتيح مجانا، وسعيد حامد أول من تنبأ بانتهاء عصور المباريات المفتوحة.

وبدأت هذه القنوات في الظهور من العام 1985 حيث افتتحت القناة الثالثة والتي كانت تغطي محافظات القاهرة الكبرى، وبعدها افتتحت القناة الرابعة ثم الخامسة حتى وصل عدد القنوات الإقليمية إلى 8 كانت آخرها القناة الثامنة التي افتتحت العام 1996 لتغطي أقصى الجنوب (محافظات الأقصر وأسوان).

وتمكن المشاهد المصري خلال هذه الفترة من متابعة 3 قنوات على التليفزيون الأرضي، وأتيح له متابعة أحد القنوات الإقليمية بجانب القناتين الأولى والثانية، وأتاحت هذه القناة الجديدة للمواطنين خدمات عديدة وساعدتهمعلى التعرف إلى الخدمات الإقليمية التي تقدم في منطقتهم، وكانت وسيلة إعلامية ناجحة في ظل انخفاض مستوى التعليم وقلة التأثير الجماهيري للصحف، واستمر تميز هذه القنوات حتى بداية عصر انتشار الفضائيات.

ولا يمكن النظر إلى تاريخ التلفزيون المصري والإذاعة دون النظر إلى الظروف السياسية التي مرت بها البلاد في كل مرحلة، حيث يتم التعامل مع التليفزيون والإذاعة باعتبارهم أحد أكثر المؤسسات تأثيرا في الرأي العام،خصوصًا أنهتم الإعلانعن الثورة من خلال الإذاعة وكانت الأمكان الحيويةالأولىالتي سيطر عليها الجيش.

وشهدت السنوات الأولى للتلفزيون مصداقية كبيرة لدى الشارع المصري وظل التلفزيون وتليه الإذاعة مسيطران على عقول وأفكار الجماهير، وهو ما ساعد بشكل كبير على ترسيخ وإقناع الجماهير بأي خطوة سياسية أو اقتصادية يتم اتخاذها، حيث كان يعبر عن النظام الموجود في تلك الفترة.

وكان العام 1967 أول سقوط للتلفزيون والإذاعة المصرية، حيث اكتشفت الجماهير زيف الأخبار التي كان يتم إذاعتها خلال نكسة العام 1967، والتي احتلت على خلفيتها إسرائيل أراضي شبه جزيرة سيناء لمدة 6 سنوات، وإن كان التلفزيون قد فشل في نقل الحقيقة، إلا أن خطاب الراحل جمال عبد الناصر والذي أعلن فيه عن تنحيه من منصبه ونزوله إلى الجماهير في الشارع، كان من أهم اللحظات في تاريخ التلفزيون المصري.

وحاول التلفزيون خلال الفترة التي أعقبت الحرب استعادة مصداقيته التي فقدها خلال الحرب، من خلال مناقشة قضايا أكثر جرأة من ذي قبل، مع السماح للمعارضين المصريين بالظهور على الشاشة في أضيق الحدود وهي إجراءات كان من شأنها تحسين صورة النظام في ذلك الوقت.

وفي العام 1971 شهد التلفزيون إنهاء عمل الكثير من قيادات الصف الأول والثاني خلال ما أطلق عليه ثورة التصحيح، حيث أدت الحركة إلى تغيير كامل في القيادات وتمت إزاحة ما يزيد عن 100،وصعود وجوه شابة وموظفين إلى مناصب قيادية وهو الأمر الذي إنعكسسلبًا على الشاشة وقتها.

وظل التلفزيون خلال الفترة السابقة لحرب عام 1973 ببث الروح القتالية والتأكيد على أن الحرب قادمة لا محالة، وهي الأفكار التي كان لها دور كبير في رفع الروح المعنوية لدى فئات الشعب بصفة عامة، والجنود بصفة خاصَّة، وكان الرئيس الراحل أنور السادات يحرص على إلقاء الخطب الرنانة التي تزيد من حماسة الشعب.

وبعد إعلان الحرب في 6 أكتوبر عام 1973 قام التلفزيون ببث مشاهد ولقطات من الحرب، وهي المشاهد التي كان دور كبير في رفع حماسة المواطنين، ودفعهملتقديم المساعدات الماليَّة والبدنية إلى أن تم الإعلان عن وقف إطلاق النار.

وشهد التلفزيون بعد الحرب حرية كبيرة في إبداء الآراء، وكانت المعارضة والنظام في ذلك الوقت لديهم نفس الآراء، وهو ما ساهم في أن تصبح شاشة التلفزيون مفتوحة أمام المعارضين وما ساعد على ذلك هو عودة الأحزاب إلى الحياة السياسية في الفترة التالية للحرب.

شهد التلفزيون في العام 1976 نقطة تحول كبيرة وتحديدا في الخطاب الذي ألقاه أنور السادات في مجلس الشعب، وأعلن فيه استعداده الذهاب إلى إسرائيل، وهي الزيارة التي تركت آثارا امتدت لفترات طويلة على المستوى السياسي الداخلي .

كانت مشاهدة المصريين لحظة مقتل رئيسهم من أهم المشاهد التي بثها التلفزيون المصري، وتعود وقائع القصة عندما كان التلفزيون ينقل العرض العسكري احتفالا بانتصارات أكتوبر حين تم اغتيال السادات خلال تواجده على المنصة، الأمر الذي أدى إلى قطع الإرسال فورًا، قبل أن يتم الإعلان عن وفاته بعدها بساعات، ليكون هذا المشهد واحد من أهم المشاهد التي سجلتها كاميرات التلفزيون ولا تزال تتم إذاعته حتى الآن.

وساهم تسخير كافة أجهزة الدولة للمجهود الحربي خلال فترة نهاية الستينات وطوال فترة السبعينات من القرن الماضي في احتفاظ التلفزيون بشكله وعدم إحداث أي تغييرات جوهرية على مضمون البرامج والموضوعات التي يتم بثها، الأمر الذي بدأ الانتباه له في أوائل الثمانينات حيث تم إعداد خطة تستهدف إنشاء قنوات إقليمية تعكس الأوضاع الداخلية لسكان لكل منطقة، وتساهم في التعامل معهم من خلال ثقافتهم ومورثاتهم.

وهنا بدأ إنشاء القنوات الإقليمية التي ساعدت كثيرا في تحقيق نجاح لحملات قومية، وتبنت هذه القنوات الحملات التي تقوم بها الدولة في إطار العادات الإجتماعية للمجتمع المصري المتنوع بين الساحليين وأهل الريف وأهل الجنوب.

ومع بداية التسعينات والتوسع في إنشاء القنوات المحلية بدأ التلفزيون في استقبال الإعلانات من الوكالات، كما تم إطلاق القناة الفضائية المصرية لتكون معبرة عن وجهة النظر المصرية وبدأت ببثها العام 1990، ومع مرور الوقت ووفي منتصف التسعينات بدأ القطاع الخاص بالدخول إلى التلفزيون وشارك في إنتاج البرامج.

وفي العام 1996 تم تأسيس الشركة المصرية للأقمار الصناعية، والتي قامت فيما بعد إطلاق القمر الصناعي المصري نايل سات، وساهمت هذه الشركة في تحديث التلفزيون المصري، حيث أتاح القمر الصناعي تدشين عدد كبير من القنوات الفضائية وسهل وصولها إلى الوطن العربي بأكمله.

ولم يتوقع القائمون على الإعلام في ذلك الوقت أن يتراجع التلفزيون المصري عن ريادته بسبب التنافس القوي مع الفضائيات العربية التي بدأت في الظهور،وخصوصًا أن التلفزيون لم يكن يعرف معنى الحصرية أو معنى شراء المباريات المهمّة الدولية لعرضها،فكل شيء كانمتاحًا، ما جعله يغرد وحيدًا، وهو ما اعتبره الكثيرون سبب الريادة.

خطط له في عهد الملك فاروق، وأسس في عهد عبد الناصر، وشهد ثورة التغييرات في عهد السادات، وتوسع في عصر مبارك

وساهم ارتفاع سعر الديكورد quot;الدشquot; في تأخر إعلان تأسيس قنوات مصريةخصوصا، فضلا عن استمرار التلفزيون بقناتيه الأولى والثانية والقناة الإقليمية حتى العام 2003 تقريبا مقتصرًا على التلفزيون المصري، بينما كانت الفضائيات متاحة فحسب للأثرياء.

وبعد هذا التاريخ بدأ عدد من رجال الأعمال بتأسيس قنوات خاصة وصل عددها الآن إلى أكثر من 300 قناة فضائية تتنوع بين قنوات المنوعات والأغاني، وقنوات الأفلام، والقنوات العامة، وعلى الرغم من هذا العدد الضخم من القنوات المصرية الخاصة إلا أن القنوات المؤثرة والفاعلة في الشارع المصري تعد على الأصابع، وهي القنوات التي تقدم برامج التوك شو على شاشتها.

لم ينس التلفزيون المصري أن يطور أدواته ويطوع نفسه خلال هذه الفترة، فدشن 12 قناة تلفزيونية، وهي قنوات النيل المتخصصة وذلك بعد انطلاق مجموعة قنوات art وmbc .

ربما تكون هذه القنوات قد نجحت في بدايتها بفضل قلة عدد القنوات الفضائية، إلا أنه مع زيادة عدد القنوات الخاصة المصرية والعربية لم يكن لهذه القنوات دور في التأثير على الرأي العام، بل كان التأثير الأقوى لقنوات الجزيرة الإخبارية والعربية وشبكة أم بي سي، ويرجع مهتمون بالشأن الإعلامي تفوق هذه القنوات ليس لقدراتها على نقل الحدث أسرع أو بشكل أفضل، لكن لكون هذه القنوات من خارج النظام الإعلامي القائم في مصر، وهو ما يبرز أيضا نجاح تجربة الصحف الخاصة والتي بدأت في التوقيت نفسه لنشأة القنوات الخاصة.

وظلت القنوات الفضائية المصرية التابعة للتلفزيون المصري وعلى الرغم من تجاوز عددها الـ25 قناة واستمرار إرسالها على مدار 24 ساعة يوميا طوال الأسبوع، الخاسر الوحيد من معركة الانفتاح الإعلامي، وظلت الإمكانيات المحدودة والبيروقراطية الإدارية، ورؤية المذيع كموظف، وقدم المعدات المستخدمة في التصوير والديكورات الباهتة، فضلاً عن ضعف الثقافة العامة للمذيعين، وضعف جودة البرامج والخطوط الحمراء وازدياد تدخل الرقابة، ما أدى إلى فقدان الجمهور الثقة واللجوء إلى القنوات الخاصة.

ومع الاتجاه لإنشاء القنوات الفضائية والتوسع فيها، كان القائمون على التلفزيون يرون أن المبنى القائم الآن على كورنيش النيل منذ نصف قرن، لن يتسع لعملية التوسع الطموحة التي كانوا يقومون بها، كما أن إطلاق القمر الصناعي وعملية التوسع في إطلاق القنوات الفضائية سيكون بحاجة إلى مكان يجمع كل هذه القنوات، ما كان السبب وراء إنشاء مدينة الإنتاج الإعلامي والتي تجمع استوديوهات غالبية القنوات الخاصة الموجودة في مصر.

لكن يلاحظ أن التلفزيون في السنوات الأخيرة وتحديدا في العامين الأخيرين نجح في أن يخرج عدد من قنواته الفضائية من الكبوة التي عاشتها قرابة العقد من الزمان، وتم تطوير مجموعة قنوات النيل وفتح القنوات المشفرة فيها بعد أثبت التجربة فشل القنوات التليفزيونية الحكومية المشفرة وتطوير مجموعة قنوات NTN.

تنحي عبد الناصر وجنازته، إعلان السادات ذهابه إلى إسرائيل ولحظة اغتياله، رفع العلم المصري على طابا، من أهم تسجيلات ماسبيرو

وعلى الرغم من أن هذا التطوير لم يكن كافيا من أجل الوصول إلى عقول المشاهدين وجذبهم من جديد إلا أنه يعتبر خطوة على الطريق الصحيح نحو محاولة استعادة التلفزيون المصري لمكانته، ولكن يبقى الأهم من ذلك وهو افتقاد منظومة الإعلام المصري على الرغم من تعدد قنواته وتنوعها لقناة إخبارية ذات مصداقية عالية دون خطوط حمراءخصوصًا بعد تحول المصريينإلى الجزيرة والعربية.

ويقع مبني التليفزيون quot;ماسبيرو quot; على كورنيش النيل في واحد من أهم المواقع في القاهرة وأكثرها حيوية وازدحامًا، ودائمًا ما يمتلئ المبنى بالضجيج نتيجة كثرة عدد العاملين فيه، الذين يقدرون بنحو 30 ألف موظف غالبيتهم لا علاقة لهم بمجال الإعلام.

ويضم المبنى الذي يقع علي بعد أمتار من مقر وزارة الخارجية، ومقر وزارة الإعلام، ومقر التلفيزيون، ومقر الإذاعة، ومقر مجلة الإذاعة والتلفيزيون، إضافة إلى جراح كبير متعدد الطوابق ولا يسمح بدخوله إلا بعد الحصول على تصريح مسبق.

ويطلق التلفزيون غدًا قناة التلفيزيون العربي وذلك في التوقيت نفسه الذي انطلق فيه البث التلفيزيوني قبل خمسين عاما في تمام الساعة السابعة مساء بتوقيت القاهرة، وتبث هذه القناة مواد تلفزيونية بالأبيض والأسود، وهي من المواد التي إنتجت خلال الأعوام الـ15 الأولى من عمره، ويستمر إرسال القناة 8 ساعات يوميًا بحيث يتم تكرار البرامج المذاعة على مدار اليوم على أن تتوقف هذه القناة قبل رمضان، على أن تستمر القنوات التلفزيونية التابعة للاتحاد في الاحتفال بهذه المناسبة لمدة عام كامل.