إيلاف من الرباط :جاءت تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، خلال مؤتمر الأممية الاشتراكية المنعقد السبت بالرباط ، لتؤكد مرة أخرى على الأهمية الاستراتيجية للعلاقات المغربية-الإسبانية التي باتت تمثل نموذجًا متقدمًا للتعاون الإقليمي المبني على المصالح المشتركة والرؤية المستقبلية.

ويؤكد وجود سانشيز في الرباط عمق العلاقات السياسية بين البلدين، ويعكس التزام إسبانيا بدعم المغرب كشريك استراتيجي في المنطقة. وفي كلمته التي ألقاها بمؤتمر الأممية الاشتراكية، وصف سانشيز العلاقات بين الرباط ومدريد بـ "الاستثنائية"، مشيرًا إلى أن هذه الشراكة لا تقتصر على القضايا الثنائية، بل تحمل أبعادًا إقليمية ودولية تعزز من مكانة البلدين كشريكين رئيسيين في تحقيق الاستقرار والتنمية، مؤكدا أن المغرب بقيادة الملك محمد السادس نجح في لعب دور محوري في تعزيز الاستقرار الإقليمي. ومسجلا الارتياح بخصوص الدينامية الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها البلدان.

وقال سانشيز إن "المغرب ليس فقط شريكًا لإسبانيا، بل هو بوابة أوروبا نحو إفريقيا، وعامل أساسي في تعزيز التعاون بين الشمال والجنوب".

تحدث رئيس الحكومة الاسبانية عن العلاقات المغربية-الإسبانية، التي تعكس عمق التكامل في العديد من المجالات، لا سيما في الملفات الأمنية والاقتصادية. ففي مواجهة التحديات المشتركة، مثل مكافحة الإرهاب وإدارة تدفقات الهجرة، "نجح البلدان في صياغة سياسات فعالة تقوم على التنسيق الوثيق وتبادل المعلومات". هذا التعاون أثمر نتائج ملموسة في تعزيز الأمن الإقليمي ومحاربة الشبكات الإجرامية العابرة للحدود.

أما على الصعيد الاقتصادي، أكد شانسيز أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ أكثر من 17 مليار يورو سنويًا، مما يعكس أهمية الشراكة الاقتصادية التي تستند على تكامل الأسواق وتعزيز الاستثمارات المتبادلة. وشدد سانشيز في خطابه على أن العلاقة الاقتصادية مع المغرب تُعد جزءًا من رؤية أوسع لتعزيز التكامل الأوروبي-الإفريقي.

وأوضح رئيس الحكومة الاسبانية، في كلمته بالمؤتمر ،أن هذا المؤتمر يشكل منصة لتوطيد العلاقات، مشيرا إلى أن اختيار عاصمة المملكة المغربية لاستضافة مؤتمر الأممية الاشتراكية تحت شعار "حلول تقدمية لعالم متغير" يعكس الدور المحوري الذي بات يلعبه المغرب كوجهة للحوارات الدولية الكبرى، مشيرا إلى أن "هذا الحدث يبرز أهمية تعزيز الحوار بين القوى التقدمية لإيجاد حلول للتحديات العالمية، مثل التغير المناخي، والأزمات الاقتصادية، والتشدد".

وتأتي تصريحات سانشيز في وقت تشهد فيه العلاقات المغربية-الإسبانية مرحلة جديدة من الاستقرار بعد تجاوز تحديات دبلوماسية سابقة. إلى جانب الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين التي عززت الثقة السياسية، ووضعت أسسًا جديدة لتعاون أكثر شمولية.

هذه الدينامية بين البلدين، علّق عليها إدريس لشكر، الامين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي، في تصريح لـ "إيلاف" بقوله إن المغرب وإسبانيا دخلا مرحلة جديدة تمثل فرصة لبناء شراكة أكثر قوة، خصوصًا في ظل التحديات الإقليمية التي تتطلب تكاثف الجهود بين البلدين. وهي شراكة تشكل نموذجًا يحتذى به في بناء شراكات استراتيجية قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وخلص إلى القول إنه "من خلال هذا التعاون، يبرز البلدان كقوتين فاعلتين في تعزيز الاستقرار الإقليمي وتحقيق التنمية المستدامة".

وعد المراقبون أن تصريحات سانشيز في الرباط ليست مجرد إشادة بعلاقة ثنائية، بل هي تأكيد على أن هذه الشراكة تحمل أبعادًا أوسع تخدم قضايا الأمن، والاقتصاد، والسلام على المستويين الإقليمي والدولي.

ومع استمرار التنسيق الثنائي، تظل الآفاق مفتوحة لتحقيق المزيد من الإنجازات التي تعزز من مكانة الشراكة المغربية -الاسبانية التي تراهن على إنجاح أجندة عالمية كبرى عام 2030 باحتضان بطولة كأس العالم لكرة القدم.

من جهة اخرى ، لم تغب القضية الفلسطينية عن خطاب سانشيز، الذي دعا إلى تحقيق سلام شامل وعادل يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل.

وتأتي هذه الدعوة في سياق المواقف الإسبانية الثابتة التي تتماشى مع رؤية المغرب الداعمة لحل الدولتين.